بقلم: مظهر محمد صالح
على الرغم من إنجلاء مظاهر الركود في الاقتصاد العالمي وعودة معدلات النمو والنشاط الاقتصادي الى الارتفاع، الا ان مستويات البطالة ظلت عالية،وانها مازالت لا تلامس الكسر الطبيعي للبطالة البالغ 2 بالمئة.
وان معدلاتها باقية تتراوح بين 6بالمئة في كندا و 8بالمئة في منطقة اليورو على نحو خاص،ذلك لكونهما من اقتصادات العالم الكبرى ممن دشنتا الركود الاقتصادي منذ مطلع الازمة المالية الدولية في العام 2008.
الا ان من تناول ظاهرة البطالة وفسر استمرارها، بالرغم من زوال حالات الكساد اوغيرها،هو الكاتب الاقتصادي السويدي اللامع (لنديك).
وزميله(سنور) في بحثهما المنشور في العام 1984 والموسوم: حيرة (دواخل) سوق العمل و(خوارجها)إزاء البطالة الاجبارية.
إذ يوضح الكاتبان بهذا الشأن ماياتي: يسمى العاملون المستمرون في مجالات العمل (بالدواخل insiders)وان من سواهم من العاطلين يسمون (بالخوارج outsiders) اي خارج مجالات العمل.
ويستعمل الكاتبان مثل هذا التصنيف بين العمال بغية تشخيص حالة البطالة المستمرة في العديد من اقتصادات العالم.
اذ غالباً ما تتحدد شروط الاشتغال واجور العاملين عن طريق التفاوض الجماعي بين ممثلي العمال وارباب العمل.
ويحرص ممثلو العمال على حماية المشتغلين (الدواخل) المستمرين بالعمل ضمن اولويات تفضيلاتهم، وتجدهم اقل رغبة بالدفاع عن اولئك الذين هم خارج مجال العمل اي الخوارج في توفير فرص عمل لهم.كما ان العمال الدواخل هم اشد حرصاً على عدم المبالغة في رفع معدلات اجورهم لكي لايسُمح بأستبدالهم وضياع فرص عملهم لمصلحة الخوارج في داخل سوق العمل، ذلك بجعل فرص التشغيل الجديدة اكثر كلفة على الشركات باستمرار.
وبناءً على ذلك تجد ان القوى التفاوضية بالانابة عن العمال او التي تمسك بزمام التفاوض هم من العمال المستمرين او الدواخل.
كما تجد في الوقت نفسه ان الدواخل هم انفسهم اقل حماساً في اتساع ربح الشركة ووصوله الى الدرجة التي تسمح بأستيعاب المزيد من اولئك الخوارج في فرص عمل جديدة. اما من جانب الادارة فأن مايشجع اولئك المديرين وارباب العمل في اهمال ظاهرة البطالة اوالتصدي لها، تأتي من حقيقة تجنب كلف قيد الحد الادنى للاجر والذي لايمكن النزول عنه.
يضاف الى ذلك ما يسمى بكلفة التحول او الاستبدال بين العمال القدامى والعمال الجُدد وما يُرتب غالباً تكاليف اعادة التاهيل والتدريب،وهو الامر الذي تبتعد عنه ادارات الشركات في تحمل كلفة استبدال اولئك الدواخل من العاملين ذوي الكلف التشغيلية المعتدلة بالخوارج العاطلين ذوي الكلف التشغيلية العالية.
وبهذا فان العلاقة العكسية بين الاجور الاسمية ومستوى البطالة وعلى النحو الذي يسمى بمنحنى فيلبس بصورته الاصلية في علم الاقتصاد الكلي قد انتهى بفعل قوة الدواخل وانهزام الخوارج في سوق العمل.
ختاماً، ثمة مفارقة في بيئة العمل اليابانية، فعلى الرغم من تقاضي النساء اجورهن بنسبة تقل 35بالمئة عن اجور الرجال العاملين.
فان النساء اليابانيات هن في مقدمة العاملين الخوارج في سوق العمل مقارنة بالرجال.
فتشغيل النساء الخوارج لايشكل سوى20 بالمئة من تشغيل الرجال و لاسباب اُسرية وعادات وتقاليد اجتماعية بحته.
وبهذا يتضح ان الرجال الدواخل العاملين في سوق العمل الياباني،ممن يمضون ساعات عمل اضافية طويلة شاقة، هم اشد اخلاصاً وولاءً لزوجاتهم اللواتي تحولن من خوارج الى دواخل...ولكن هذه المرة سيظلن دواخل في بيوتهن وليس داخل سوق العمل!!
أقرأ ايضاً
- العملة الرقمية في ميزان الإعتبار المالي
- وللإبطال مقابرٌ ايضا..!- طقسٌ كُروي
- وزير دفاع بالعملة السويدية