حاوره /صديق عبود الزريجاوي
يثير رواد مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من التساؤلات حول الأموال التي تحصل عليها العتبات المقدسة.. ما هو مصيرها؟ وكيف تدار عملية الصرف ومن يشرف عليها؟ والسؤال الأبرز هل الحكومة هي من يشرف على المشاريع الاستثمارية للعتبات وإلى أين تذهب وارداتها؟
معاون الأمين العام وعضو مجلس إدارة العتبة الحسينية المقدسة السيد أفضل الشامي يجيب عن هذه الأسئلة في حوار موسع تنشره وكالة نون الخبرية
س: كيف كانت بداية العمل في العتبات المقدسة بعد سقوط النظام الصدامي عام 2003؟
الشامي: بعد سقوط النظام السابق عام 2003 اغلقت العتبات المقدسة، حتى جاء ممثل المرجعية الشيخ عبد المهدي الكربلائي مع مجموعة من اهالي كربلاء واقاموا صلاة الجماعة في باب قبلة الامام الحسين عليه السلام، حرصا على الحفاظ على العتبات المقدسة، وايضا في باب قبلة ابي الفضل العباس عليه السلام، وتحرزا من احتمال وصول قوات الاحتلال الى هذه الاماكن، واستمرت هذه الصلاة عدة ايام، ثم بدأت مفاوضات مع السادن السابق لفتح الابواب، فهو – السادن السابق- كان يخشى ان تسلم العتبات الى أي جهة، لكنه وثق بمعتمدي المرجعية في كربلاء كجهة موثوقة ليسلمها الامانة، وصار الاتفاق ان يسلم العتبات المقدسة الى ممثل المرجعية واشترط عدم فتح الغرف في العتبات المقدسة الا غرفة واحدة والبقية تبنى، وبدأ العمل بتشكيل لجان اخذت على عاتقها ادارة العتبات المقدسة وخدمة الزائرين حتى تشكلت لجنة في بداية الشهر العاشر من عام 2003، شكلها القائم بأعمال وزير الاوقاف في مجلس الحكم في حينها الشيخ جلال الدين الصغير وهذه اللجنة في العتبة الحسينية والعتبة العباسية، ايضا شكلت المرجعية منذ بداية 2003 لجنة ثلاثية مشتركة لإدارة العتبتين ضمت السيد احمد الصافي والشيخ الكربلائي والسيد محمد الطباطبائي وتحريك حساب العتبتين في المصارف، واستمر عملها حتى صدور قانون ادارة العتبات المقدسة عام 2005 ففصل ادارة العتبتين ونظم العمل فيهما، واوجد مجلس ادارة يتكون من امين عام ونائب له واعضاء للمجلس، وللمجلس حق في تشكيل اقسام ودمج اخرى وله صلاحيات محددة وواسعة تعطي حرية ومرونة في العمل والحركة، ومنذ ذلك اليوم سارت إدارة العتبات في اعمار المراقد المقدسة وخدمة الزائرين الى اليوم.
س: من يحدد صلاحيات إدارة العتبة في صرف الأموال وتنفيذ المشاريع؟
الشامي: مجلس ادارة العتبات له صلاحيات منحها ايها القانون، من بينها تحريك الاموال وصرفها في ابواب محددة، هذه المحددات من الناحية القانونية، وأما من الناحية الشرعية فأيضا هناك محددات لصرف الأموال وهي ضرورة صرفها بما يخدم هذا الموقع وزواره، وكذلك في المشاريع الثقافية التي تخدم القضية الحسينية وتخدم الاسلام والمذهب. كل هذه المشاريع التي تخدم هذا الهدف نحن نسير باتجاهها وندعمها.
س: الأموال التي توضع في الشباك المقدس كيف يتم التعامل معها؟ وإلى أين تذهب؟
الشامي: كما قدمنا ان إدارة العتبة تخضع في هذا الأمر بالإضافة الى القوانين النافذة الى الحكم الشرعي الخاص بالأموال التي توضع في الضريح، والذي ينص على ضرورة صرفها في خصوص منافع العتبة ولا يجوز صرفها في غيره، فهي تعتبر اموال عامة، ويقصد منها صاحبها ان تصرف على هذا الضريح حصرا ولا يمكن التصرف فيها او نقلها الى عتبة اخرى، وهي تصرف على كل ما يتعلق بهذا المكان من شراء السجاد او الادوات الكهربائية او للإعمار او لخدمة الزائرين او المضيف او رواتب للعاملين، اما فيما يخص الهدايا والنذور فسيجد الزائر بحدود 80 باب للصرف وهو من يقوم بتحديد الباب الذي يريد الصرف عليه، وايضا لا يجوز التصرف في ماله بنقله الى باب آخر، وهذا جانب شرعي لا يمكن التحكم به، وهذا الصرف موثق من اول خطوة الى اخر خطوة من عد العملات وتصريفها الى عملة عراقية ووضعها في الحساب المصرفي وتسحب بموافقات من المخولين بالصرف ويمكن الاطلاع على تفاصيلها بالكامل.
س: ما هي وظيفة المتولي الشرعي؟ وهل هذا المسمى الوظيفي مستحدث أم أن هناك تجارب مماثلة في مراقد أخرى خارج العراق؟ وما هي المدة القانونية المحدد للبقاء في هذه الوظيفة؟
الشامي: المتولي الشرعي هو موقع شرعي من قبل المرجعية التي تعتبر الحاكم الشرعي والتي يعود لها امر العتبات المقدسة بحكم الشرع بصفتها من الاوقاف العامة والمسؤول عنها هو الحاكم الشرعي وهو المرجعية، والمرجعية رأت ان يكون لها ممثل واعطته تولية شرعية لها ضوابط واحكام محددة يحكمها الشرع وتوجيهات المرجعية بما يخدم المكان ويضمن السير بشكل مستقيم ولا يتناقض مع توجهات الشرع الحنيف، وهذه السيرة من جعل متولي خاص للعتبة ليس بدعاً من القول، فهناك العديد من العتبات في خارج العراق تدار بهذه الطريقة، كما في العتبة الرضوية على مشرفها السلام، واخته العلوية فاطمة المعصومة عليهما السلام وأربعة من المراقد الاخرى، والمتولي الموجود في جميع هذه المراقد الستة له صلاحيات وولاية شرعية كما الان في العراق.
س: وفق الدستور.. هل هناك اعتراف بالممازجة القانونية الحاصلة الآن في قانون العتبات بين القوانين الوضعية وأحكام أخرى مرتبطة بالفقيه الجامع للشرائط؟
الشامي:قانون ادارة العتبات هو قانون وضعي شرع من قبل الجمعية الوطنية وحل بديلا لقوانين سابقة تحكم العتبات واخذ من قوانين اخرى، والقانون اشار الى وجود الامين العام الذي يرشحه وفق القانون رئيس ديوان الوقف الشيعي ويوافق عليه المرجع الاعلى للشيعة في العراق وعرفه بأنه المرجع الذي يعود اليه اغلب العراقيين بالتقليد من مراجع النجف الاشرف، وهذه الاجراءات لكل امين عام في العتبات المقدسة في العراق.
س: كيف يتم التعامل مع واردات المشاريع الاستثمارية التي تشرف عليها العتبات؟
الشامي: المشاريع الاستثمارية بشكل عام هي لدعم اعمال ومشاريع العتبات المقدسة التي هي بحاجة الى تمويل, وقانون ادارة العتبات المقدسة اعطى صلاحيات لإدارة العتبات مساحة من الحرية في استثمار الاموال وادارة المشاريع بما يحقق الاهداف المرسومة في خدمة العتبات المقدسة وزائريها الكرام، ولذلك كل هذه المشاريع الاستثمارية يفترض ان تؤدي هذا الغرض وتساهم في خدمة المراقد المقدسة والزوار، ولهذا يفترض ان هذا الاستثمار ان يقدم خدمة للناس ضمن نطاق خدمة الزوار وبنفس الوقت يوفر اموال لدعم مشاريع اخرى، ولذلك هناك ضوابط واليات للاستفادة من هذه المشاريع بنفس الوقت هي مشاريع خدمية وهي مدرة للأموال ايضا.
س: ما هي المشاريع التي لا تزال قيد الإنجاز في العتبة؟
اهم المشاريع التي هي قيد الانجاز صحن العقيلة زينب عليها السلام والذي سيوفر مساحات اضافية كبيرة جدا للزائرين الكرام، وكذلك مستشفى الأمراض السرطانية في كربلاء واخر مثله في البصرة، فكما تعلمون ان الدولة لم تستطع ان تقدم ما يجب عليها للمصابين بهذا المرض، وايضا هي مشاريع لدعم الدولة وجهودها في مكافحة الامراض التي بدأت تنتشر بكثرة خصوصا في محافظة البصرة، ولدينا ايضا مشروع سرداب القبلة الذي سيوفر مساحة واسعة ايضا داخل الصحن الشريف للزائرين، وايضا مشروع لإسكان الفقراء.
س: هل اثرت الازمة المالية على مشاريع العتبة الحسينية؟
الشامي: بعد الازمة المالية قسمت المشاريع الى اقسام، فالمشاريع التي نسبة انجازها 70 % يتم التعامل معها بشكل والاخرى بشكل اخر، وايضا منحت الاولوية للمشاريع الخدمية التي تقدم الخدمات للناس، وجزء من اموال المشاريع الاستثمارية خصصت لدعم المشاريع خلال فترة الازمة المالي وحتى الان، فغالبية الخدمات التي تقدم للزائر الان هي خدمات مجانية من النقل والسكن في مدن الزائرين ومضيف الامام الحسين عليه السلام فلا يدفع مقابلها الزائر شيء،سوى ما يريد شرائه، لكن هذه الخدمات يحتاج توفيرها الى صرف والى عاملين واموال لتوفيرها واجهزة كهربائية كبيرة.
س: يقول البعض أن العتبات بدأت تنافس الوزارات... ما هو ردكم؟
الشامي: من ينافس يريد الحصول على شيء من هذا التنافس، وللتنافس اغراض فاذا قلت اتنافس مع فلان فانا اريد ان احل محله، لكن نحن عندما نبني ونعمل هل نريد ان نكون وزارة؟ هذا اشكال باطل، القضية هو ان العراقيين يعترفون ونحن منهم بان الحكومة ومؤسساتها لقصور او تقصير غير قادرة على توفير بعض الخدمات للناس، وعندما نجد ان جهة تعمل لتوفير الخدمات للناس فهل من المعقول ان نقول انها جاءت لتنافسها، فالإنصاف يقضي ان نقول انها جاءت لتنافسها وتعاونها وتساعدها، ونحن لا نفكر في يوم من الايام ان نكون بدائل عن الدولة بل نسندها ونساعدها للنهوض بالخدمات وهذا لخدمة الناس، ونعتقد ان أي جهة تستطيع تقديم المساعدة للناس عليها ان تبادر لمساعدة هذا المجتمع المظلوم الذي عانى كثيرا، وبالتالي نحن لا نسعى لدخول الانتخابات حتى ننافس حزبا او حكومة، ولاحظ ان كل مؤسسات العتبات تقدم كل ما بوسعها لخدمة المجتمع، والناس تستحق ونحن جزء من هذا المجتمع ولا بد ان نضع امكانياتنا في خدمته بحسب الإمكانات المتوفرة، فنحن حينما نوفر سيارات لنقل الزائرين في مناطق القطع فنحن لا ننافس أحداً، فهل جاءت وزارة او جهة لنقل الزوار مجانا واعترضنا على ذلك ؟؟!!، ونقول بشكل واضح نحن نعاون ولا ننافس.
س: يثير بعض المغرضين الشكوك حول تكاليف مشروع صحن العقيلة وان التوقيع على عقد كهذا ليس من صلاحيات العتبة المقدسة.. فهل تدفع الحكومة جزءا من تكاليف المشروع؟
الشامي: صحن العقيلة متبرع به وبكل اجزائه من الاف الى الياء والعتبات المقدسة لم تدفع شيئا مقابله، والعتبة المقدسة استملكت الارض فقط من امول خصصت للاستملاك، وكذلك الحكومة لم تدفع فلسا واحدا من المشروع، نعم نحن نساهم في توفير الاليات لنقل المواد من الحدود ونوفر سكن للعاملين فقط لا غير، وهذا مشروع لهذا الجيل وللأجيال اللاحقة وسيوفر مساحات تزيد على 25 ضعفا من مساحة الصحن الشريف، وكل ما اثير على قضية صلاحيات التوقيع وتكاليف المشروع ليس لها أي وجود، والالتزامات المالية تحملتها مؤسسة الكوثر الخيرية.
س: تجرى في مستشفى السفير يومياً عشرات العمليات، فهل يعمل الأطباء فيها ضمن أجور تأتي من قبل الحكومة ام تساهم العتبة في توفيرها؟
الشامي: العتبات المقدسة تدفع للكادر الطبي مكافئات باعتبار ان الكادر الطبي منسب الى دائرة صحة كربلاء، والعتبة المقدسة تمنح هؤلاء الاطباء والممرضين مكافئات مالية مقابل كل عملية يجرونها، نعم تصل هذه المكافئات الى ملايين الدنانير لأنه المستشفى يجري الاف العمليات المجانية لمرضى من مختلف المحافظات العراقية.
وهنا ايضاً نؤكد إننا لا ننافس دائرة صحة كربلاء بل نساعدهم ونشجعهم في عملهم.
س: ما هي الضمانات التي تقدمها العتبة الحسينية لمنتسبيها؟
الشامي: العمل في العتبات يتعدى العامل المادي عند الكثيرين، فتراهم يفضلون العمل فيها لاعتقادهم ـ وهو كذلك ـ أنهم بذلك يخدمون صاحب المرقد الشريف، فترى الكثير منهم يبقى لساعات في العمل بعد انتهاء اوقات الدوام الرسمي، ولجهودهم في خدمة الزائرين الكرام تقدم لهم العتبة العديد من الحوافز كمكافأة الزواج وسلف خاصة ومكافأة لولادة الابناء، وقطع اراضي وغير ذلك.
أقرأ ايضاً
- تصل الى (29) تخصص في اربع فروع العتبة الحسينية: الاعدادية المهنية للبنات تدرس (5) اقسام الكترونية علمية
- تستقبل طلابها في العام المقبل :العتبة الحسينية تُشـّيد جامعة تقنية تضم معاهد واقسام نادرة في العراق
- بدعم كامل من العتبة الحسينية المقدسة اجراء (1701) عملية جراحية خاصة ضمن برنامج الاستقدام والاخلاء الطبي