- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المناهج التعليمية البريطانية تغرق في صحيات مدارسنا
بقلم: جعفر البازي
استوقفني تعليقٌ لا حدى الناشطات على الدعوة التي اطُلقتْ قبل ايام على صفحات التواصل الاجتماعي والتي كانت تدعوا الطلاب الى الاضراب عن الدوام المدرسي ليومين احتجاجا على المناهج التعليمية التي يدعي الكثير من اولياء الامور و النشطاء الاجتماعيين انها مناهج غير صحيحة وفاشلة بل ذهب البعض الاخر الى نظرية المؤامرة الخارجية التي تنفذها الاحزاب السياسية بكل اتجاهاتها من اجل ضربِ المسيرة التعليمية في العراق، ونحن هنا لسنا بصدد تأييد هذه الدعوة او معارضتها رغم اننا لم نكن نؤمن أساسا بجدواها وذلك بسبب آليات تطبيقها وسبل الدعوة اليها، فقد اشار التعليق الى عدة امور مهمة جدا واثار عدة تساؤلات منطقية. نتفقُ مع من اطلقها لكونها تمثلُ واقعا مأساويا تعيشه المسيرة التعليمية في بلدنا.
فمما لا شك فيه ان بلدنا اليوم يمر بمرحلة لا يُحسدُ عليها في كل الجوانب بل يحق لنا ان نقول في بعض الاحيان ان بلدنا على حافة الهاوية لا سمح الله، ما لم تمتد له يدُ القدرةِ الالهيةِ كما مُدتْ له سابقا لتُخلصه من براثنِ حكومةٍ تشاركُ في خرابه بدل ان تبني له مدرسة.
وهنا علينا ان نبين امورا عدة...
اولا: هل فعلا إن المناهج التعلمية الجديدة وخصوصا الابتدائية منها هي مناهج جيدة ومتطورة الا انها استعملت في غير محلها، ام انها اساسا مناهج فاشلة وغير مدروسة وضعها اناس لا تتوفر بهم اي مقومات لبناء مسيرة تعليمية متطورة ؟.
ثانيا: لو سلمنا انها مناهج متطورة وهي خلاصة ما وصلت اليه دول متطورة في هذا المجال، لكن يبقى المنطق يدفعنا الى ان نقول ان المناهج المتطورة خصوصا في التعليم تحتاج مقومات وبنى تحتية في كل المجالات لكي نضمن نجاحها، والا كانت عبئا على كاهل من يطبقها وعلى المتلقي قبله.
ثالثا: مع تسليمنا جدلا بصلاحية هذه المناهج والطرق التدريسية التي اقرتها وزارة التربية باعتبارها مناهج وطرق طبقت في بلدان متطورة، فهل اخذ السادة المسؤولين بعين الاعتبار الفروقات الطبيعية التي تكون عادة موجودة بين المجتمعات، خصوصا مجتمعا مثل مجتمعنا عانى وما زال يعاني منذ عقود طويلة من انظمة دكتاتورية مُتخلفةٍ الى حكومات فوضوية فارغة اوجدت لنا مجتمعا متخلفا فوضويا بكل معنى الكلمة شئنا ام ابينا، نقول هل اخذ السادة المسؤولين كل ذلك وغيره بنظر الاعتبار أم انهم لِجَهلهِمْ ونرجسيتهم تصوروا ان المجيئ بنظم تعليمية وطرق تربوية مستوردة كاستيرادنا (للثوم الصيني) هو الحل الامثل.
رابعا: ان المناهج التعليمية والطرق التربوية التي اوجدتها وزارة التربية قد تكون نافعة ومفيدة في بناء جيلا من الطلبة المتفوقين والمتميزين وقد تنمي ذكاء طفل وتعمل على بناء شخصيته، ولكن بشرط ان يكون ذلك الطفل في مدرسة أحادية الدوام وليست ثلاثية (صباحي، ظهري، مسائي) ليتلقى جميع مناهجه في أقل من 3 ساعات دون فرصة استراحة.!!
- فعلا قد تبني هذه المناهج والطرق جيلا صالحا إذا كانت مع الألعاب والحاسوب ووجبة غذائية جيدة.
- فعلا قد تبني إذا كانت مطروحة من معلم صافي الذهن قد احترمته الوزارة وجعلته كريم العيش لا يفكر بالإيجار والأقساط وأجرة الخط الذي يأتي به إلى المدرسة وقائمة الديون المتراكمة عليه، وإذا أرادت أن تساعده النقابة التابع لها بقرض فستضاعف عليه الفوائد والأرباح بحيث يلعن اليوم الذي فكر فيه أن يقترض منها ذلك المبلغ من المال.
- فعلا تربي جيلا إذا كانت ظروف التعليم كلها رائعة بما فيها مسؤولين يضعون نصب اعينهم مصلحة ابنائهم الطلبة وكوادرهم التعليمية فوق مصالحهم الخاصة.
غيروا أيها السادة ظروف التعليم والتدريس ثم غيروا المناهج.. حينها سنقول لكم: حياكم الله وبياكم. -
- ابنوا مدارس حديثة وكثيرة تستوعب عدد الطلاب ولا تحصروهم في (كرفانات) ومدارس ثلاثية الدوام وبعدها غيروا المناهج
- اجعلوا في كل صف 20 طالب وبعدها غيروا المناهج.
خامسا: أن من مهازل ما سمعناه ان المناهج التي تسعى وزارة التربية والتعليم تطبيقها على طلابنا الاعزاء هي اساسا مناهج بريطانية متطورة طبقت في بلدان شتى فنجحت نجاحا كبيرا، غير اني يا سيادة وزير التربية ويا حضرة مستشاريه الكرام أُأكد لكم وبكل ثقةٍ إن مناهجكم البريطانية قد غرقت في صحيات مدارسنا التي لم تستحون من كونها لا تصلح حتى ان تكون زرائب لبهائم بريطانية).
أقرأ ايضاً
- بماذا للعراق ان يستفيد من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ التجربة البريطانية
- الوثائق البريطانية السرية وخبث عرضها
- رسالة من تحت الماء:الطبقة الوسطى في العراق تغرق…