- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الواقع السياحي في العراق.. دراسة اقتصادية مقاربة (2 ـ 2).. ضوء على السياحة الدينية
عباس الصباغ
تكتظّ الخارطة الطوبوغرافية وجغرافيا المعالم الدينية في العراق بالكثير من المواقع التي تفوق الحصر في بعض الاحيان ، ولجميع الطوائف والاديان، وهي جميعها ممكن ان تشكّل قبلة سياحية لملايين السواح من كافة انحاء المعمورة، ومن هذه المعالم واهمها على الاطلاق المقامات الشريفة العالية لاهل البيت (ع) سواء المعصومون منهم او من ذرياتهم الصالحة (رض) او من مريديهم ومن ارتبط بهم او تتلمذ على ايديهم او من نال درجة الشهادة معهم ومن سار على هداهم واهتدى بهم.
في العراق معالم كثيرة جدا لمراقد واثار لبعض الانبياء (ع) والائمة المعصومين (ع) وحوارييهم واصحابهم (رض) والعلماء الاعلام (قدس الله ارواحهم)، كما تنتشر على اديم ارضه ما لايُحصى عددا من اثارهم الشريفة تحولت جميعها الى شواخص يتبرك بها الناس على مدار الاجيال والعصور، والامر ينطبق على جميع المعالم لجميع الاديان والمذاهب دون استثناء، فلكل دين او مذهب معالمه واثاره الخاصة به وهي لوحدها ممكن ان تشكّل واجهة سياحية عالمية فضلا عن بقية المعالم والشواخص والاثار لبقية الاديان والمذاهب، فالعراق هو عبارة عن فسيفساء سياحية جميلة ومتنوعة وتشكّل كنزا سياحيا عالميا فلا يستغرب السائح الاجنبي حينما يرى اثرا ايزيديا او كاكيا بالقرب من اثر اسلامي شيعيا كان ام غير شيعي ، او يرى اثرا شبكيا بالقرب من اثر مسيحي مهما كان انتماؤه للمذهب الذي يعتنقه مريدوه...الخ وكذلك تتمازج الاثار الصابئية مع الاسلامية بكافة مذاهبها ولكل دين مذاهب وتيارات واتباع.
وكل ما تقدم يدل على ان العرق بطوبوغرافيته العامرة بآلاف الشواخص الدينية لايوجد بلد في العالم يزخر مثله بها، فلو اتيح لقطاع السياحة بشكل عام وقطاع السياحة الدينية بشكل خاص ان يحظى بدعم حكومي حقيقي وجاد اضافة الى القطاع الخاص (اقتصاد السوق) ينتشل واقعهما البائس والمهمل منذ عقود لكنّا قد شهدنا واقعا سياحيا متطورا يؤمه ملايين السواح من كافة انحاء العالم ومن كافة المذاهب والاديان والمشارب، وهكذا في بقية البلدان التي حباها الله بمعالم دينية مهمة اذ تساهم هذه المعالم ـ بعد تنشيطها خدميا وامنيا وبنى تحتية وفوقية وغيرها ـ في تنشيط الاقتصاد الوطني ورفع المستوى المعاشي للبلد، كما تساهم في امتصاص مايمكن امتصاصه من البطالة المقنّعة خاصة بين الشباب لان المرافق السياحية الدينية ستوفر لهم الكثير من فرص العمل، والاهم مما تقدم ان قطاع السياحة الدينية وبعد تنشيطه وتفعيله سيدرّ بعوائد تريليونية على الموازنة العامة مما ينشّط الاقتصاد الوطني تلقائيا من جهة ومن جهة اخرى يخفّف من احتكار الموارد الريعية الاخرى مثل النفط فيكون هذا القطاع نفطا دائما اخر، وهذه من إيجابيات القطاع السياحي لاي بلد ومهما كانت محاوره سواء اكانت الطبيعية ام الدينية ام الثقافية وغيرها والعراق ولله الحمد تنطبق عليه جميع تلك المحاور تأتي الدينية في مقدمتها ببركة وجود مراقد اهل بيت العصمة (ع).
وقد اولت العتبة الحسينية المقدسة الاهتمام البالغ لتنشيط السياحة الدينية عن طريق تطوير البنى التحتية الملائمة لها وتوفير اجواء امنية مناسبة ايضا، فلا سياحة دون بنى تحتية او مرافق سياحية تقدّم الراحة والرفاهية والبهجة لمرتاديها من السواح فضلا عن توفير جو آمن لممارسة طقوسهم بكل حرية وامان، ناهيك عن توفير شبكات متطورة من وسائل النقل المدعوم وانشاء مرافق سياحية وترفيهية وبأسعار تلائم في مستواها ذوي الدخل المحدود وفي خطوة تعد الرائدة في هذا المجال، وقلما نجد لها اثرا في قطاع السياحة الحكومي او الاهلي. ولرفع الحيف عن هذا القطاع الحيوي والمهم ولتحفيز جميع دول العالم على التوجّه الى العراق للتبرك بزيارة معالمه الدينية والتمتع بمرافقها واجوائها لنا بعض التوصيات في ختام هذه الدراسة التي دارت حول الواقع السياحي في العراق من وجهة نظر اقتصادية.
توصيات:
ــــــــــــــــــــ
1. ان تُولي الحكومة العراقية بسلطتيها التنفيذية والتشريعية الاهمام الكامل بالقطاع السياحي (وخاصة السياحة الدينية) بتوفير الحدود المعقولة من البنى التحتية المناسبة وتوفير الراحة والامان للسياح.
2 ان تتضمن البرامج الحكومية لاي كابينة تتشكل بعد الانتخابات محورا قائما بذاته عن السياحة مثل بقية المحاور وان لايكون بندا هامشيا كالمعتاد (اسقاط فرض).
3. ان تتولى الاجهزة الامنية توفير الاجواء الامنة للمرافق السياحية وتقطع يد الارهاب او الجريمة المنظمة من الوصول اليها.
4. ان تقوم السلطة التشريعية بتشريع قوانين لازمة لتفعيل القطاع السياحي او الاستثمار فيه واقرارها مع تخصيص مبالغ كافية ضمن الموازنات الاتحادية لذلك.
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد