- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الصرخة الحسينية / الجزء الثالث
بقلم: عبود مزهر الكرخي
وهنا أحب الى أنوه على مسألة مهمة ومهمة أنه من خلال اشارتي عن الشعائر الحسينية في الجزء السابق(أي الثاني)وما شابها من تشويه وقصور في النظرة أحب اقول أنا مع إقامة الشعائر الحسينية من البكاء على الحسين وإقامة المنير الحسيني على مفهوم الفكر الحسيني والعقيدة الحسينية والتي ترفض كل اشكال الظلم ومداهنة الباطل والظالمين وتذكر الدروس العظيمة لملحمة الطف الخالدة لتكون مدرسة للأجيال القادمة حيث تعلم المدرسة العاشورائية كل القيم الإنسانية السامية وبأعلى مضامينها الخالدة والبكاء على الحسين يكون من ضمن هذه الطقوس للشعائر بل هو من احد مرتكزاتها المهمة لتذكر فاجعة الطف الأليمة بكل جوانبها المأساوية ولنعرف ونعمل بالمقولة المشهورة هي (أن الحسين عبَرة وعبِرة). ومن هنا اشارت المرجعية الرشدة في خطبتها حيث تقول " ايضاً اراد الله تعالى ان يقول هناك امور ستديم هذه المبادئ وهذه الحركة الاصلاحية ولكن هي بعضها مراسيم للوصول الى الهدف انا اُريد منكم الاثنين كما اُريد منكم مجالس العزاء واقامة الشعائر والبكاء وغير ذلك هذه وسائل مهمة للوصول الى الهدف ولكن الهدف النهائي هو الحفاظ على امّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في صلاحها والحفاظ على صلاحية الحاكمية بمعنى آخر اذا كان هناك حاكمون فاسدون منحرفون عن الخط الصحيح ما هو موقفكم الذي قد يتطلب العظيمة اُعطيكم نموذج (الامام الحسين (عليه السلام)).. انتهجوا نهجه عليكم ان تجمعوا بين هذه الامور التي هي وسائل للهدف والحركة الحقيقية حركة الاصلاح للحاكمية وللمجتمع اذا حصلت مثل الظروف التي مرّ بها الامام الحسين (عليه السلام)، هذا معنى التخطيط الالهي.."(1) ومن هنا كانت مجالس العزاء والبكاء على الحسين الخالصة من كل الشبهات والشوائب هي من الأمور التي يجب الحفاظ عليها والتي تشكل عوامل ديمومة الفكر الحسيني والنهضة الحسينية وإقامة الشعائر الحسينية هي من موجبات ذلك. وأن أول من بكى الأمام الحسين هو جده رسول الله (ص) وهذا ما ذكرته أغلب كتب المسلمين من كل الفرق وننقل هذا الحديث على سبيل المثال لا الحصر
{ وفي بيت أم سلمة قال جبرائيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا محمّد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك فأومأ بيده إلى الحسين، فبكى رسول الله وضمّه إلى صدره، ثمّ قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله): وديعة عندك هذه التربة، فشمّها رسول الله وقال: ريح كرب وبلاء، قالت أم سلمة: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أن ابني قد قُتل} قال: فجعلتها أم سلمة في قارورة، ثمّ جعلت تنظر إليها كلّ يوم وتقول: إنّ يوماً تحوّلين دماً ليوم عظيم.(2)
وفي مواقف كثيرة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكى فيها على الحسين الشهيد وأقام المأتم، في داره (صلى الله عليه وآله)، وفي بيت أمّ المؤمنين أمّ سلمة، وعائشة، وزينب بنت جحش، وفي دار الإمام عليّ (عليه السلام)، وفي مجمع من الصحابة.(3)
{ وإنّ لقتل الإمام الحسين (عليه السلام) حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً }(4)، فعلى مثل سيّد الشهداء الحسين (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام) فليبكِ الباكون، وليندب النادبون، وليلطم اللاطمون.
الامام الحسين يسير الى مكان المنية يخبر باستشهاده
" بعد ان جعجع يزيد(عليه لعائن الله) بالحسين وبعد أن ارسل اليه الحر ومعه الف فارس وصل الإمام الحسين إلى قرب كربلاء فقال الحسين (عليه السلام) للحر: سر بنا قليلا ثم ننزل، فسار معه حتى أتوا كربلاء، فوقف الحر وأصحابه أمام الحسين ومنعوهم من المسير وقال: انزل بهذا المكان، فالفرات منك قريب. قال الحسين: وما اسم هذا المكان؟ قالوا له: كربلاء.
قال: ذات كرب وبلاء، ولقد مر أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفين، وأنا معه، فوقف، فسأل عنه، فأخبر باسمه، فقال: هاهنا محط ركابهم، وهاهنا مهراق دمائهم، فسئل عن ذلك، فقال: ثقل لآل بيت محمد (صلى الله عليه وآله)، ينزلون هاهنا"(5).
النبي الأكرم محمد(ص) يخبر فاطمة باستشهاد الحسين
"...نعم: هذا الذي حصل في ليلة زفاف علي وفاطمة عليهما السلام كما أخبرهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند السحر من ليلة الزفاف.
فعن علي أمير المؤمنين عليه السلام قال: «فلما كان في آخر السحر أحسست برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذهبت لأنهض، فقال: مكانك أتيتك في فراشك رحمك الله.
فأدخل رجليه معنا في الدثار ثم أخذ مدرعة كانت تحت رأس فاطمة فاستيقظت فبكى وبكت وبكيت لبكائهما. فقال لي: ما يبكيك؟! فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله بكيت وبكت فاطمة فبكيت لبكائكما.
فقال: أتاني جبرائيل فبشرني بفرخين يكونان لك ثم عزيت بأحدهما وعلمت أنه يقتل غريباً عطشانا فبكت فاطمة حتى علا بكاؤها.
ثم قالت: يا أبي لم يقتلوه وأنت جده وعلي أبوه وأنا أمه؟!
قال: يا بنية لطلبهم الملك، أما إنهم سيظهر عليهم سيف لا يغمد إلا على يد المهدي من ولدك، يا علي من أحبك وأحب ذريتك فقد أحبني، ومن أحبني أحبه الله، ومن أبغضك وأبغض ذريتك فقد أبغضني ومَنْ أبغضني أبغضه الله وأدخله النار}(6).
" روي أنه لما أخبر النبي صلى الله عليه وآله ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسين وما يجري عليه من المحن بكت فاطمة بكاء شديدا، وقالت: يا أبت متى يكون ذلك ؟
قال: في زمان خال مني ومنك ومن علي، فاشتد بكاؤها وقالت: يا أبت فمن يبكي عليه ؟ ومن يلتزم بإقامة العزاء له ؟
فقال النبي: يا فاطمة إن نساء امتي يبكون على نساء أهل بيتي، رجالهم يبكون على رجال أهل بيتي، ويجددون العزاء جيلا، بعد جيل، في كل سنة فإذا كان القيامة تشفعين أنت للنساء وأنا أشفع للرجال وكل من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده وأدخلناه الجنة.
يا فاطمة! كل عين باكية يوم القيامة، إلا عين بكت على مصاب الحسين فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة "(7).
ومن هنا كانت زيارة الامام الحسين(ع) واجبة بل وصلت عد بعض علماؤنا والفقهاء الى حد الوجوب التأكيدي وحتى الفرض. وهذا ما أكده الأمام الصادق في حديثه : { قال أبو عبد الله (عليه السلام): لو أن أحدكم حج دهره ثم لم يزر الحسين بن على(عليهما السلام). لكان تاركا حقا من حقوق رسول الله(ص).لان حق الحسين فريضة من الله تعالى واجبه على كل مسلم}.(8)
روي عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن أبي جعفر(عليه السلام). قال: { خلق الله تبارك وتعالى أرض كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام، وقدَّسها وبارك عليها ، فما زالت قبل خلق الله الخلق مقدَّسة مباركة ، ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله أفضل أرض في الجنة ، وأفضل منزل ومسكن يسكن الله فيه أولياءه في الجنة }.(9)
ومن هنا كانت زيارة أبي عبد الله من الأمور العظيمة والواجبة ولهذا في حديث للإمام الصادق عليه السلام: { من زار جدي الحسين كمن زار الله تعالى في عرشه..}(10).
وأما معناه فهو كما قال الأعلام ليس على ظاهره ليلزم منه القول بالتجسيم، بل كما قال الشيخ الطوسي: ((معناه إن لزائره من المثوبة والاجر العظيم والتبجيل يوم القيامة كمن رفعه الله الى سمائه وأدناه من عرشه الذي تحمله الملائكة، واراه من خاصة ملكه ما يكون به توكيد كرامته، وليس على ما يظنه العامة في مقتضى الشبيه))(11).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1 ـ من خطبة المرجعية يوم الجمعة في العتبة الحسينية المقدسة بتاريخ 4 / محرم / 1440.
2 ـ أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، وابن عساكر في تاريخ الشام، والحافظ الكنجي في الكفاية (279)، وفي ذخائر العقبى (147) عن الملاّ في سيرته، وفي كتاب طرح التثريب (1 / 42) للحافظ العراقي، وفي مجمع الزوائد (9 / 189)، وفي المواهب اللدنية (2 / 195)، وفي الخصائص الكبرى للسيوطي (2 / 125)، وفي الصراط السوي للمدني (93) وفي جوهرة الكلام (120)، وفي نظم درر السمطين للزرندي ص 215).
3 ـ راجع: (مسند أبي يعلى الموصلي، تاريخ دمشق، مجمع الزوائد، كنز العمال، المعجم الكبير، نظم الدرر، المستدرك على الصحيحين، صفات رب العالمين، المصنّف لابن أبي شيبة، الصواعق، الطبقات الكبرى، أخبار المدينة).
4 ـ الميرزا النوري، مستدرك الوسائل: 10/318. (جامع احاديث الشيعة، ج 12، ص556). كتاب قالوا في الحسين. دائرة المعارف الحسينية ص 18.
5 ـ الأخبار الطوال: ٢٥٢، معالم المدرستين ٣: ٩٥.
6 ـ فضائل أمير المؤمنين عليه السلام لابن عقدة الكوفي: ص108. نوادر المعجزات لمحمد بن جرير الطبري: ص96.
7 ـ بحار الأنوار 44/34.
8 ـ وسائل الشيعة، ج 10، ص 333.
9 ـ بحار الأنوار (101/ 3).
10 ـ كامل الزيارات ص 278. باب 59..التهذيب 6: 45 | 98.
11 ـ (راجع تهذيب الاحكام ج6 / 4) ط النجف
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ماذا بعد لبنان / 2
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول