طالب عباس الظاهر
من حق المواطن أن يحتج وأن يخرج في تظاهرة للمطالبة بحقوقه المشروعة، بل من واجبه الخروج من أجل الضغط على الدولة لتحسين أوضاعه، والمساهمة في تحسين أوضاعه وأوضاع البلد أسوة بباقي الأمم الأخرى القريبة منا جغرافياً وثقافياً وحضارياً، لا سيما وإن الحقوق تأخذ ولا تعطى، وهذا يدل على رقي مثل هذا المواطن ووعيه بمسؤوليته وواجبه الوطني.. خاصة إذا ما كانت الدولة مقصرة، في معالجة ظاهرانتشار البطالة المستفحلة منذ سنوات وسنوات، ومن ثم قلة خلقها لفرص العملوالكسب اللائقللعاطلين من أجل العيش الكريم بوطن آمن، وعدم كفاءة معظم المؤسسات الصحية في معالجة الأمراض والأوبئة، وطبعاً هناك غيرها الكثير من الخدمات التي على الدولة توفيرها لمواطنيها، وعلى المواطنين المطالبة بها في ظل فساد مالي واداري مستفحل كوباء لا يمكن استئصاله بسهولة من جسد الدولة ومازال ينخر أوصالها.
لكن بشرط أن تكون المطالبات مشروعة أولا، وثانياً أن تكون طريقة التظاهر أو الاحتجاج..سلمية تتصف بالحضارية والوعي والعدالة، وتكون مثل هذه التظاهرة أو الاحتجاجضمن الحدود المعقولةلا تسيء للمواطن ذاته، وبالتالي تشوه سمعة الوطن.
المطالبة بالحقوق
طبعا مع تضامننا مع جميع المطالب المشروعة لأي مواطن من هذا البلد، خاصة من خلال معرفتنا بتقصير الحكومة بكثير من واجباتها تجاه المواطنين، لكن السؤال الملح الذي يبرز هنا خاصة ونحن نشهد موجة من التظاهرات والاحتجاجات على مستوى البلد، وما أفرزته هذه من ظواهر سلبية من خلال الاعتداء بالحرق والنهب والتخريب للدوائر والمؤسسات الحكومية التي هي ملك الشعب وليس ملك الحكومة.. بمعنى أدق اننا سوف ندفع لاحقا من أموال بلدنا التي هي حقنا كشعب من أجل اعادة صيانتها واعمارها.
السؤال أو الأسئلة سيكون مفادهاكالتالي:
هل نملك ثقافة التظاهر والاحتجاج؟
هل نؤمن بالمطالبة السلمية بالحقوق المشروعة وبشكل حضاري؟
هل نعدّ المطالبة بالحقوق من واجباتنا الوطنية، وإن السكوت يجعل الدولة تتمادى أكثر؟ ونحن بسكوتنا إنما كنا جزء من استفحال المشكلة لتصل الى هذا الحد المؤسف.
طبعا سأقولها بمرارة وأسف لأن الإجابة ستكون بالنفي عن كل تلك الأسئلة وغيرها..ولأن مثل هذه الثقافة مفقودة عند شرائح واسعة من شرائح مجتمعنا،وإنهم سيطلقون الزمام لغضبهم المشتعل،وقد رأينا كيف إن المتظاهرين قاموا بتخريب وحرق ونهب بعض دوائر الدولة ومؤسساتها، لذا أرى إن من واجب الخيرين بأي بقعة من أرض الوطن أن يدافعوا عن مثل هذه الممتلكات العامة لأنها ملك الشعب وليس ملك الحكومة..بل وليس من العقل أن يسعى بعضهم الى تخريب بلده.
تعامل بواقعية
لكي لا تأخذ التظاهرات والاحتجاجات الشعبية الغاضبة مجرى أكثر حدة– لا سمح الله –وربما تصل الى الدموية وتفشي الفوضى في عموم البلد.. وربما الوصول الىمالا يملك التكهن بنتائجه.
أقول، لكيلا يصل الأمر الى هذه النقطة الخطرة؛ يتحتم هنا على الدولة وعلى الجهات المسؤولة أن تنظر الى المطالبات الجماهيرية بعين الجدية والحزم، لا بعين الإهمال والتسويف التي دأبت عليه من خلال توالي وتعاقب الحكومات على حكم البلد، ومن ثم تسعى هذه الجهات بخطوات عملية الى تحقيق ما يمكن تحقيقه من المطالب الشعبية المشروعة، ودراسة المطالبات الأخرى.
فإن أي تأخير أكيد سيجعل الاحتقان الجماهيري يتأجج أكثر فأكثر، إذ إن أمور البلاد تمر بمعطف خطر جداً قبل أن ينفلت زمام الأمور من يد الحكومة، وتخرج عن السيطرة.
أعتقد حان أوان النظر الى معاناة المواطنين ومطالبهم المشروعة التي استطالت كثيرا، ومحاولة نبذ المحاصصة الحزبية والفئوية،بالنظر اليها بعيدا عن المكاسب الشخصية والامتيازات الحزبية للمسؤولين في الحكومة أو البرلمان، وهذه نتيجة حتمية كانت ستصل اليها الأوضاع عاجلا أم آجلا، وإن صبر المواطنين ها قد نفد. فـ(طفح الكيل و بلغ السيل الزبى).