- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قراءة متأنية في تقرير هيأة النزاهة
د. غالب الدعمي
متابع ومهتم في شأن النزاهة ونشر ثقافتها في المجتمع العراقي، ومكافحة الفساد الذي يحصل في مؤسسات الدولة العراقية منذ،2003، وينبع هذا الاهتمام من امنيتي برؤية بلد يخلو من أمراض الفساد والصراع والعمالة، ولا يكون هذا إلا بوجود هيآت فاعلة تعمل بجد من أجل انقاذ البلد من هذا المستنقع، وقد يأتي التقرير السنوي الذي أعتادت هيأة النزاهة في توزيعه مع نهاية كل سنة وتُجمِلُ فيه أهم نشاطاتها التحقيقية والتثقيفية، وتكشف فيه عن أرقام تتعلق بأعداد المتهمين الذين تم التحقيق معهم غيابيا وحضوريا، وأعداد الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية باتة ومجموع اقيام الأموال التي تم استرجاعها فعلا، فضلا عن ذكر مجموع المبالغ التي مُنع هدرها وقد بلغلت أكثر من مليار دولار، والتحقيق في عشرين الف بين بلاغ واخبار وقضية جزائية.
إن تقرير عمل هيأة النزاهة لعام (2017) يُعد طفرة نوعية مقارنة في تقاريرها السنوية للأعوام المنصرمة وتضمن نقاطاً مضيئة عديدة، النقطة المضيئة الأولى: وجدنا فيه ارتفاع في عدد الذين تم ضبطهم في الجرم المشهود في قضايا الرشوة، إذ بلغ عددهم (450) متهماً وهذا يؤشر أن مكاتبها التحقيقية المعنية في هذا الشأن نشطة وتعمل بجد ونأمل أن تحطم هذا الرقم في التقرير السنوي لهذا العام (2018)، والنقطة المضيئة الثانية التي تستحق أن نقف أمامها طويلا، هي الزيادة المضطردة في عدد القضايا التي تم التحقيق فيها في عام (2017)، بمعنى آخر أن هيأة النزاهة حققت في قضايا بلغت عشرين الف قضية في العام المنصرم فقط ولو تم إضافة القضايا التي تم فتحها في السنوات الماضية ولم تحسم لحد الأن سيكون الرقم خرافيا وفوق التصور.
والنقطة المضيئة الثالثة: هي حجم المبالغ التي تم استرجاعها فعليا أو التي في طور الاسترجاع وتساوي أكثر من ضعفي موازنة هيأة النزاهة السنوية، فضلا عن أن المبالغ التي مُنع هدرها والتي بلغت بحسب التقرير بمليار وثلاثة مئة مليون دولار، وهو رقم كبير جداً.
النقطة المضيئة الرابعة: نجدها في أن قائمتها ضمت، وزراء ومديرون عامون ووكلاء واعضاء مجالس محافظات ومحافظون وقد تم التحقيق معهم هذا العام واصدار أحكام قضائية بحق بعضهم ومنعتهم من مزاولة العمل مرة أخرى.
والنقطة المضيئة الخامسة: أن التقرير كله نقاط مضيئة من أول حرف فيه إلى أخر نقطة لكن وجدت في بعض ماطرحه رئيس هيأة النزاهة الدكتور حسن الياسري يحتاج إلى تفسير وتوضيح أكثر لاسيما في إجمال عدد القضايا، فقد قال: أن مجموع القضايا التي حققت فيها هيئة النزاهة بلغ أكثر من عشرين الف قضية توزعت بين بلاغِ وأخبارِ وقضيةِ جزائيةِ، وفي والوقت نفسه قال: أن البلاغ يتحول إلى إخبار إذا تم التحري عنه، ولو أجتمعت أركان وعناصر الجريمة فيه يتحول إلى قضية جزائية، والسؤال: هل إن هيأة النزاهة كررت ذكر البلاغات من ضمن الاخبارات كم كررت ذكرها مرة ثالثة مع القضايا؟ أم ان هذه الرقم هو يمثل ملف واحد فقط ذُكر من ضمن البلاغات أو من ضمن الاخبارات أو القضايا ولم يتكرر ذكرها في أكثر مرة.
الملاحظة الثانية: إن هيأة النزاهة لم تكشف لنا عن آلية تقدير المبالغ التي تم ايقاف هدرها وعلى وفق أية آلية حددت لنا رقم وقالت أنه أكثر من مليار دولار، والملاحظة الثالثة كما أرى: إن هيأة النزاهة غفلت ذكر أقيام العقارات التي تم استرجاعها في محافظات بغداد وكربلاء والبصرة على الرغم من أن ذكرها يحسب لها، والتي تقدر أقيامها بأكثر من مليارين ونصف دولار، وهذا مبلغ مهول على الرغم من أنه لا يحسب لهذا العام فقط ويتوزع على الإعوام الماضية، لأن التحقيق بدأ قبل عام (2017) في هذه العقارات وانتهى في هذا العام.
والملاحظة الرابعة: أنها لم تذكر أسماء المسؤولين الذين اشتروا العقارات المزورة وسجلوها بأسمائهم ولم توضح لنا هل سيخضعون للمسائلة أم لا؟ وأجزم أن محاسبتهم تثير اهتمام الجمهور أكثر من استرجاع العقارات نفسها.
وعلى الرغم هذه الملاحظات إلا أنه من حقي أن ابارك لهيأة النزاهة رئيسا وموظفين على تحقيق هذا الانجاز الكبير الذي يضاف الى رصيدها إذ حاول بعضهم الاساءة له منذ تأسيسها لغاية اليوم لانها تدك مضاجعهم وتكشف سوءاتهم وتجعلهم في قلق دائم.
أقرأ ايضاً
- الأهمية العسكرية للبحر الاحمر.. قراءة في البعد الجيوستراتيجي
- الغدير.. بين رأي السياسي وقراءة المخالف
- قراءةٌ في مقال السفيرة الأميركيَّة