- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المواطن بين مفهوم الانتماء للوطن والولاء للساسة والرموز
بقلم:رياض وهاب العبيدي
ان ينتمي المرأ للوطن يعني انه يؤمن بقيمة الانتماء له ,انتماءا حقيقيا يكون بمثابة الشحنة الروحية والعاطفية التي تدفعه للعمل المخلص والمشاركة البناءه التي تساهم في رقي البلاد ,ومن مصاديق الانتماء والشعور بالوطنية هو اذابة الذات في الجماعة وتقديم المصالح العليا للوطن على الخاصة والدفاع عن القضايا العامة مع الاحتفاظ بحق الدفاع عن الخاصة منها واحقية الدفاع عنها ولكن بتقديم الاولى عليها عندما يكون المرا بين خيارين في زمان واحد.
ان من واجبات الحكومات ان تضع وفق برامجها الثقافية وبرامج مؤسساتها التعليمية خطط ومناهج تساهم في غرس روح المواطنة لدى الفرد وتكريس مفهوم الانتماء للوطن والولاء له من خلال الولاء لحكوماته التي يعتقد انها تمثله وترعى مصالحه وبكل تاكيد تلك الملامح المتطورة من الشعور بالانتماء للوطن والولاء تمثل المجتمعات المتكاملة التي تسودها ثقافة سياسية متطورة وحديثة ,وهذا للاسف ملانجده في العراق شعبا وحكومة وقيادات سياسية ,بل على العكس فقد ساهمت سياسة اغلب الاحزاب السياسية في تشضي المجتمع وتقسيمه بعد أن كان يسوده التضامن بدرجة او باخرى ,نعم التضامن, فبالامس القريب كان يسود المجتمع العراقي نوع من الترابط الاجتماعي, ففي صور كثيرا كانت هناك الكثير من الجماعات التي تعمل وفق فكرة واحدة وهدف واحد وكانهم فرد واحد من دون الوقوف على المصالح الفردية ,اما اليوم فقد ساد المجتمع العراقي طابع الولاء المحلي لانه مجتمع يعيش اليوم أزمة ثقة بقياداته السياسية التي جعلت من الفرد العراقي فردا متذمرا على حكومته ,وربما حتى من وطنه، وهذا بدوره ادى الى غياب صور الانسجام والتعايش السلمي بين افراد الوطن الواحد ,وكل ذلك بسبب سياسة الاحزاب التي عملت وحرصت على تحقيق مصالحا على حساب مصالح الشعب.
ان من يتهم الفرد العراقي اليوم انه فرد غير ملتزم ومتذمر وغير متفاعل مع قرارات حكومته ,بل رافضا ومشككا في اغلبها, وقد يكون صائبا في ذلك ولكن لابد من ايضاح الاسباب ,فالعراقي شهم بطبيعته وغيور في ذاته ,وجميل بروحة ,ومتسامح حد الافراط وربما هذا ماشجع الكثير من الساسة والحكام فيه, وان تجعله ملتزما ومقتنعا بحكومتة فلابد من العمل على كسب ثقته ,فالالتزام والولاء للحكومة ينبع من الحب التلقائي البعيد والمجرد من المصالح وهذا يتطلب العدل من اصحاب الامر, ولان المجتمع السياسي اليوم هو مجتمع غير متكامل بل اعرج وغير متحضّر في مفاهيمه ,ولان بعض القيادات الناشزة التي تقود العراق اليوم هي قيادات جل اهتمامها مصالحها ومصالح احزابها, لذا نشاهد اليوم غياب الولاء للحكومة بل ساهم كل ذلك في غياب حتى مفهوم ((الوجدان الجمعي))عند الفرد العراقي في بعض الاحيان الا في بعض المواقف ,فقد غابت مظاهر اشترك اعداد كبيرة من الافراد في نفس الشعور اتجاه القضايا المشتركة التي كان من المفروض ان يكون هناك شعور مشترك بين كل اطياف الشعب الواحد وهذا مؤشر خطير على عودة المجتمع الواحد المتحاب والمتماسك من جهة والوطن الواحد من جهة اخرى..
ان نهاية عصابات داعش التكفيرية باتت وشيكة جدا وها هي الموصل قد تحررت ومابفي منها الا جيوب ستنتهي, وهاهم أبطال الجيش العراقي الذي وفّى بعهده قد انتصر, وهاهو الحشد قد أدى الامانه كما أن الشعب العراقي وقف مع الوطن ,وادى ماعليه من واجبات اتجاه مرجعياته الدينية والوطنية حيث ساند الجيش والحشد الشعبي وفصائل المقاومة واعطى كل مايملك من الاموال والبنين, والجميع أكد الانتماء للوطن وتلك الوقفات كانت حتى خارج المنطق, فالشعوب لاتتفاعل ولاتضحي عادة عندما تكون تحت سطوة حكام لايشعرون اتجاههم بالامان والاخلاص ولكن رغم ذلك المجتمع العراقي كسر القوانين الفيزيائية والطبيعية وماتبقى هم انتم وماذا ستفعلون ايها الساسة وحكومة العراق ؟!!
ان قيمة الانتماء تتجلى في عدة مظاهر والتي ربما اغلبها قد سار باتجاه تحقيقها اغلب الشعب العراقي, فقد دافع عن الوطن واعطى الدماء الزاكية والارواح المقدسة وحارب ودعى الى الى عدم التعامل مع المنتج الغير وطني على الرغم من شحة الوطني الذي غيبه تجار السياسة ,ونادى بالوحدة الوطنية ,وحارب الطائفية على الرغم من ان البعض اوغل في جرمه وحصده ارواح الشركاء له في الوطن, كما انه انتخب وصوت للدستور, وتحمل ولازال يتحمل فساد الساسة وقلة الخدمات وتسامح البعض رغم جراحاته ورغم خسارته ,نعم تقبل مبدأ التسامح لايمانه ان العراق يتسم بفسيفسائية عرقية ولغوية او دينية ومازل الشعب يرفض التقسيم رغم عناد الاخرين ,كل ذلك انتماء للعراق قد عبر عنه اغلب الشعب العراقي ومن يريد الولاء ويطالب الشعب بالولاء للحكومة والالتزام بقوانينها وقراراتها عليه ان يعمل بعيدا عن حزبه وعن مصالحه ,وليعمل على اعادة الثقة ,ثقة الشعب بالحكومة بعد فساد وخيانة من خلال اعادة الحقوق للشعب ,والدفاع عن مصالحة ,وانهاء معاناته ,فالعدو متربص بنا ومن خلال تقصير الحكومة وخلافات الاحزاب ومن خلال التعصب فانه يحاول ان يشكل ثغرة واسعة ينفذ من خلالها ليمزق الصفوف المتراصة فيمزق وحدتها..
اعيدو للشعب الثقة فالشعب العراقي بحاجة الى سنوات راحة بعد عهود من الموت والضياع ,اعملو باخلاص ايها الساسة حتى يتحقق مفهوم الانتماء والولاء للعراق دون الرموز ,لان الجميع راحل الا العراق باق باذن الله..
أقرأ ايضاً
- كيف تكفي 10 دولارات احتياجات المواطن؟
- القوامة الزوجية.. مراجعة في المفهوم والسياق ومحاولات الإسقاط
- دور المواطن الكربلائي في التاريخ