- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الشعائر الحسينية بين الولائية والتسييس..الجزء السادس
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال استنباطية الإفهام ....................... ولعل الفهم الخاطئ لمفهوم التسييس أضفى ضبابية على أصل القضية واختلطت المفاهيم فأصبحت غامضة المعالم وثمة وجه آخر قُصِدَ به التسييس وهو الدعوة إلى ربط القضية الحسينية ومقاصدها وأسباب إقامتها بالسياسة التي اتبعها أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه وكيفية ممارسته السلطة وتعامله معها من جانب ومع الرعية من جانب آخر كقائد أو سياسي دون أن تتعثر سياسته الإسلامية الدينية التشريعية المرتبطة بالشريعة السماوية. حيث إن السياسة التي اختطها أمير المؤمنين صلوات الله عليه هي سياسة ربانية وتجرى مجرى سياسة منقذ البشرية النبي محمد صلى الله عليه وآله والتي اعتمدها وسار عليها الحسن والحسين والأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين وهي تعتمد نشر العدل والمساواة وحفظ كرامة الإنسان وضمان حقوقه والسعي إلى إنعاشه بسعادة تامة والتمتع بكامل الحرية بعيدا عن كل عبودية وأما وجه التسييس أو الجانب المرفوض فيه هو إقحام أمور أو مواضيع دخيلة على القضية الحسينية فيها أو إقحام القضية بمفاهيم مغلوطة لا صلة لها لا بالقضية الحسينية ولا بالشعائر مما يؤدي إلى إفراغ القضية من محتواه الإنساني الشامل في عموميته فتتحول القضية من قضية أساسية فاعلة في أدائها باتباع منهج الإمام الحسين صلوات الله عليه الذي هو وريث رسول الله صلى الله عليه وآله الحقيقي والامتداد الطبيعي له وقد تعرض لمظلومية وإجحاف بحقه وبحق رسالته الإنسانية تتحول إلى ممارسة تقليدية تتضمن تحدي سياسي.وهذا ما يشكل خطرا على أصل القضية إذ يتحول الأمر إلى مجرد مسألة تصوير الإمام الحسين صلوات الله عليه بأنه ثائر سياسي دنيوي تمرد على السلطة وفجر ثورة تمرد على حاكم جائر ليحتل مكانه في الحكم ويحكم بين الناس أو تصويره بأنه قتل من أجل نشر الديمقراطية المباحة واللا محدودة بالصيغة التي يدعو لها الغرب والغربيون على سبيل المثال أو من أجل الحرية التي يدعو لها أناس دنيويون لا علاقة لهم بالإسلام أو العقيدة أو مبادئ وقيم السماء ويعدون التحرر أن يفعل الفرد ما يشتهي فحسب. هذا الجانب من فهم التسييس هو الذي يؤدي إلى إنحراف توجه الشعائر الحسينية عن مسارها الحقيقي. وهذا اللون أو النمط من أنماط التسييس مرفوض غاية الرفض. أما أن المفهوم الحقيقي لما أعد تسييسا فهو يتمثل بأوجه عدة. منها أن بادر بعض المعنيين وفي مقدمتهم خطباء المنبر الحسيني لإغتنام المناسبات التي تقام بها الشعائر الحسينية أو عقد المجالس الحسينية راح الخطيب يتخذ من نفسه لسان حال الناس ويطرح مواضيع عامة مختلفة يتخللها أحيانا خطاب حكيم رصين مهذب موضوعي للحكومة وعرض مطالب الشعب على الحكومة لتحققها ثم راح يعقبها عتب أو لوم على عدم حسن الأداء بالنسبة للسلطة والتهاون في تقديم الخدمات أو ما بدر منها من فساد حتى بلغ الأمر أن يصل في فترات معينة إلى صيغة شجب واستنكار. وللتتابع صلة والتحق بخطباء المنبر الحسيني الأدباء والشعراء الذين هم مصدر من المصادر التي يعتمدها الخطيب في معلوماته وطرحه واستشهاداته ثم تحول العتب إلى عملية شجب واستنكار وأصبح الأمر ينذر بنتائج غير مرضية. وقد وضع السياسيون كل ذلك في الحسبان ولكن خيبة الأمل التي انتابتهم والإحساس باليأس والعجز من إيقاف المد الهادر لزحف الشعار الحسينية بادر بعضهم للإمتثال إلى المثل الشعبي القائل: (الإيد الما تگدر تلاويها بوسها وادعي عليها بالكسر) فمنهم من اغتنم هو الآخر هذه الظاهرة لسماع المطالب التي تطرح بهذا الشكل أو تظاهر بذلك مما دعا إلى تخصيص وقت كبير في الإذاعة الحكومية الرسمية لبث التسجيلات الصوتية من قراءة المراثي الحسينية المسجلة انسحب هذا الأمر على بعض الرواديد رحمهم الله وحفظ من بقي منهم أن يغتنموا الفرصة بقراءاتهم قصائد تلمح مضامينها إلى بعض الأمور السياسية أو الفكرية أو الإرشادية وانتقاد بعض الظواهر الدخيلة في وقتها على مجتمعنا التي تعرف الناس على العقيدة والشعائر الحسينية إلى اللقاء في الجزء السابع
أقرأ ايضاً
- تكامل ادوار النهضة الحسينية
- النوايا الحسنة للعتبة الحسينية المقدسة
- الفرق بين البند السابع والبند السادس لمجلس الامن واثر ذلك على الحدود بين العراق والكويت