- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أين تشير بوصلة الإصلاح في العراق؟ / الجزء الثاني
حجم النص
بقلم: عبود مزهر الكرخي وفي الحقيقة في نظامنا الحالي وفي نظام ما يسمى الشراكة الوطنية وكذلك الديمقراطية التوافقية هو نظام اثبت فشله في تجربة الحكم الديمقراطية الحالية وهذا شيء متوقع وقد نادينا مراراً وتكراراً بان هذه المصطلحات الغريبة على قاموس السياسة العالمية وكذلك في التجارب الديمقراطية في كل العالم سوف تفشل وتؤدي إلى انزلاق العراق إلى مخاطر لا يحمد عقباها ولو رجعنا إلى ما موجود في النظم الديمقراطية العالمية التي تعتمد النظام البرلماني فالمعروف أنه توجد أغلبية سياسية تمسك زمام الحكم وتشترك معها المكونات الأخرى ولكن في حلقات ضيقة وهناك معارضة سياسية وهي التي تراقب عمل الحكومة وأدائها الحكومي ومن خلال الجهة الرقابية وهو البرلمان وهذا ما معمول في أغلب الدول الرائدة في الديمقراطية كمثل أميركا وايطاليا وألمانيا وغيرها الكثير من الدول ولكن يبدو أن قادة الأحزاب والكتل والساسة الذين عندنا قد قفلوا(كما يقال عندنا بالعامي) على مبدأ التوافق والمحاصصة والتي تأخذ مصطلح منمق وهو الشراكة الوطنية ولا يرتضون بأقل من ذلك لأنهم والحقيقة التي يجب أن نعترف بها أن الكل يريدون جزء من الكعكة العراقية والتي أصبحت نتيجة لهذه السياسة الخاطئة هي صراع مناصب وكراسي ومصالح بالدرجة الأولى وابتعدت مصلحة العراق وشعبه إلى أشواط بعيدة بل وغابت عن فكر وذهن اغلب السياسيين ولهذا ونتيجة المحاصصة البغيضة هذه قد نتجت منها آفات كبيرة وأهمها الفساد والمفسدين لتصبح من أهم معاول التي تدمر العراق ليصبح بالتالي الإرهاب سواء داعش ومن لف لفهم والفساد يسيران بخطين متوازيين معاً ويلتقون في نفس الهدف وهو تدمير البلد والشعب أبشع تدمير. ولهذا فإذا بقى هذا النظام الذي يسير حالياً فأن العراق يسير إلى الهاوية ولنقرأ على البلد السلام وهذا ما حذرنا منه منذ مدة طويلة في مقالاتنا ولكن لا حياة لمن تنادي. ولقد مرت قبل فترة قصيرة حادثة اقتحام المنطقة الخضراء لتتصدر واقعنا الحالي وتكون المانشيت الأول في كل الصحف والأخبار والحقيقة أن هذه العملية من الاقتحام جاءت ردة فعل طبيعية لما يعانيه الشعب من غضب مكبوت ليتفجر بهذه الصورة والتي تم التأشير عليها من المآخذ الشيء الكثير والتي كانت عبارة عن اقتحام فوضوي وغير من منضبط وليتم العبث بمجلس النواب وباقي المرافق الأخرى والتي تمثل هي جزء من ممتلكات الدولة والشعب والتي لا يجوز العبث بها وهذا جاء بسبب وجود الكثير من العناصر المندسة والتي كانت تتحين هذه الفرصة لتشويه صورة المظاهرات السلمية التي قامت في العراق كما وقد نجحوا في دس الكثير من الشعارات والمطالبات والتي لا تمثل مطالب الشعب والمتظاهرين والتي جاءت بفعل أيادي خفية كانت تحرك هذه المظاهرات والاقتحام بهذا الاتجاه. ليعطي صورة واضحة وبدون رتوش أن الكل يتآمر على العراق من الخارج والداخل ولتثبت الوقائع صحة ما قلناه في إن أرادة السياسيين الذين يحكمون في العراق هي مرتهنة بالإرادات الخارجية وقرارات كل ساستنا وبدون استثناء هي قرارات تملى عليهم من الخارج ولاياتي أحد ويتفلسف علينا بغير ذلك لأن السيل قد بلغ الزبى. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل. ولو تتبعنا الأحداث وكيفية التصعيد الذي جرى لينتهي خاتمته باقتحام المنطقة الخضراء وهو مع فتح السفارة السعودية ومجيء السفير السعودية ثامر السبهان والذي عمل وبجهد دؤوب على أثارة الصراعات في العراق من خلال تصريحاته المثيرة للعنف والطائفية واستمالة الكثير من الأجندات الداخلية وهي معروفة من قبل الجميع لتتجه الأوضاع الى مما آلت إليه ودس العناصر البعثية والطائفية في وسط المتظاهرين ولترفع شعارات كلها شعارات حزبية وطائفية والتعرض للرموز الدينية والشيعية وعدم التعرض إلى أي من الرموز الأخرى في المكونات الأخرى وهذا يعطي دليل واضح على خرق تلك المظاهرات وبصورة لا تقبل الشك وقد تداولت مواقع التواصل الاجتماعي تلك الأمور وبالصوت والصورة. وهذا يبين خطأ السياسة الخارجية للعراق من قبل الحكومة ووزارة الخارجية ممثلة بوزيرها والذي إصر على عودة العلاقات السعودية مع العراق واعتبارها من الأولويات في عمله في وزارة الخارجية وهاهو اليوم نحصد نتائج زرع هذه السفارة المشبوهة والتي كان ينادي الوزير والكثير بضرورة فتحها لعودة العراق إلى المحيط العربي والتي لم تجلب لنا إلا الفوضى وزرع الخلافات والانشقاقات، ولتكون هذه السفارة مركز للتأمر على العراق والشعب وخلق كل شيء من شأنه أثارة القلاقل والاضطرابات في البلد. والحقيقة لقد تم رفض كل هذه الممارسات التي حصلت من قبل الكثير من العراقيين ومن قبل النخب المثقفة العراقية الغيورة وما جرى فيها من إحداث ولكن الملاحظة المهمة التي تسجل في هذا الجانب انه برغم مرور وقت طويل على دخول المتظاهرين المنطقة في ذلك الوقت لاحظنا عدم أي رد فعل من قبل الرئاسات الثلاثة إلا بعد يوم أو أكثر من يوم وهذا بحد ذاته يثير أكثر من علامة استفهام وشك في انه لماذا لم تبادر هذه الرئاسات بإصدار بيان فوري حول هذا الأمر الخطير وهذا يعزز القناعة بأن كل هؤلاء كانوا ينتظرون ماذا تقول الأجندات الخارجية ممثلة بأميركا وإيران والسعودية حول هذا الحدث المهم والخطير ويعطي الدليل الواضح بأن العراق دولة محتلة من قبل أميركا وقراراته مرتهنة بهذه الدول الثلاث وغيرها. وقد اجتمعت الرئاسات الثلاث بعد ذلك وصدر بيان هزيل يبعث على السخرية وهو بيان لم يراعي مشاعر المواطنين ومطالبهم في التغيير والإصلاح بل ولم يشير إلى ذلك بل كان فقط يتضمن شجب عملية اقتحام المنطقة الخضراء المحمية الخاصة بهم وإدانة كل ما جرى فيها وهذا يمثل قمة الاستهانة بمطالب الجماهير وما كانت تنادي به الجماهير والمرجعية ومنذ أكثر من (42) أسبوع منذ انطلاق مظاهرات التغيير والإصلاح أي أكثر من (10)أشهر ولم يتم إجراء أي إصلاح أو محاسبة إي فاسد أو إي تغيير وكله كان عبارة عن كلام وإطلاق التصريحات لا أقل ولا أكثر ولم يكن هناك إي شيء ملموس على الصعيد الواقع الفعلي. ولتصبح مكاتب وأثاث مجلس النواب وتجهيزاته وهي ماتم شجبه والمطالبات بمحاسبة من قام بذلك هي فوق مطالب الشعب وطموحاته وآماله(ولو أننا لا نقبل بهذا التخريب وهذه التصرفات الهمجية كما قلنا آنفاً) ولكن هذا لا يعني أن مطالبات من هم في المنطقة الخضراء من تصليح الأثاث والمكاتب هو أهم من مطالب الشعب والذي يبدو وكما هو في الأفق أن هذا هو الذي يحصل في الواقع وما تفكر به الحكومة وكل من في المنطقة الخضراء ولتصبح القنفة والمكتب والذي يقف إمامها رئيس الوزراء ورئيس البرلمان وينظر إليها بحزن هي أهم من كل شيء ولتعلو على صوت الجماهير مما أثار حفيظة الشعب ولتعج مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من الصور والفيديوهات الساخرة من هذا الموقف وكذلك التعليقات التي تسخر من هذه المواقف من قبل الرئاسات الثلاث والعديد من النواب والسياسيين. ولنؤشر حالة مهمة وقد كتبت عنها في صفحتي الشخصية على الفيس بوك إذ علقت إني أشعر بالسخف تجاه هذه الأمور وبالفعل أن العراقي عندما ينظر إلى هذه الأمور السخيفة والتي هي: 1 ـ كثير من النواب يشعرون بحالة نفسية محبطة لما حدث من اقتحام مجلس النواب من قبل المتظاهرين ولهذا لا يتم عقد جلسات مجلس النواب والله يساعدهم. 3 ـ وعطفاً على هذه النقطة فأن نواب الشعب لا يستطيعون عقد جلساتهم إلا في مكاتب وأثاث أنيقة ونظيفة وكل شيء متوفر ولهذا توقف كل القوانين وعمل المجلس وحتى عجلة العمل في مجلس النواب لهذا الغرض. 3 ـ والنواب الأكراد وحتى وزرائهم وكالعادة قد قاطعوا جلسات مجلس النواب والوزراء بحجة عدم وجود ضمانات لعمل النواب في المنطقة الخضراء واجتماعاتهم. ولا ادري هل عمل نواب الشعب المحترمين مقترن بما يتم توفير لهم من حماية ومكاتب أنيقة وضرورة مراعاة حالتهم النفسية أم أنهم اقسموا القسم الذي يقول بأنهم يعملون بجهد دؤوب لخدمة العراق وشعبه وإنهم ممثلين للشعب ويجب عليهم بعد اقتحام المنطقة الخضراء العمل وبصورة سريعة لتلافي ما حدث والعمل بجهد مضني وحثيث من أجل تحقيق مطالب المتظاهرين والشعب وبأقصى سرعة ممكنة ومحاسبة من عمل على التسويف والمماطلة لتصبح الأحداث على ماهي عليه. وهذا يعطي دليل دامغ في ان مجلس النواب والحكومة وكل من في المنطقة الخضراء هم في واد والشعب في واد آخر وهذا ما أشرنا إليه منذ طويلة في مقالاتنا السابقة ونبهنا من خطورة ذلك الأمر ولتصبح مهمة أي نائب أو سياسي هو الحصول على المغانم والمكاسب وركوب الجكسارات المصفحة والمسير مع الحمايات وخدمة رئيس الحزب والكتلة التي ينتمي إليها وليصبح الولاء للحزب والطائفة والعرقية فوق الولاء للوطن وهذا هو ما يحصل في الواقع الفعلي وفي ساحتنا السياسية العراقية إذ نجد أغلب تصريحات النواب الأكراد أنهم لن يحضروا جلسات مجلس النواب والوزراء إلا بأمر من مسعود البارزاني ويرتهنون بأوامره وإلا فكيف نفسر ذلك غير هذا التفسير. وختاماً اذكر مقاله الثائر دي ميرابو في الجمعية الوطنية الفرنسية وفي أبان الثورة الفرنسية والتي أعطت الشرارة الأولى لها عندما أمر الملك لويس السادس عشر بمغادرة النواب قاعة الجمعية قال الثائر ميرابو قولته المشهورة لرئيس التشريفات إذ قال (اذهب وقل لمولاك أننا هنا بإرادة الشعب ولن نبرح مكاننا إلا على أسنة الرماح). وخصوصاً نواب عامة الشعب ولكن قال ميرابو الثائر قولته وبدل أن يعقدوا اجتماعهم في القاعة عقدوها في ساحة التنس ومن هذا المكان تم سن الدستور الفرنسي واندلاع الثورة الفرنسية. وبدورنا نتساءل ترى هل فعل نواب الشعب عندنا وفي ضوء الوضع الخطير والمنفلت للبلد أن يجتمعوا في أي مكان ولو حتى في ساحة الاحتفالات أو في أي ساحة من المحمية الخضراء النظيفة والأنيقة؟ فأن الجواب سيكون قطعاً لا ذلك خوفاً على بدلاتهم الأنيقة وهيئتهم العامة وإنهم أصبحوا طبقة غنية ولا ينتمون للشعب بأي شكل من الأشكال. ولكن الثائر ميرابو الارستقراطي ومن طبقة النبلاء فعلها وقال قولته المشهورة وخط تاريخ فرنسا وصنع جمهورية فرنسا العظمى ولكن نقول أين الثرى من الثريا، ليأتي حديث سيدي ومولاي أمير المؤمنين(ع) لينطبق على حال نوابنا إذ يقول روحي له الفداء { لا تطلب الخير من بطون جاعت ثم شبعت لان الخير فيها دخيل بل اطلب الخير من بطون شبعت ثم جاعت لان الخير فيها أصيل}. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ماذا بعد لبنان / 2
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول