- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الغاء المناصب (الزائدة).. مطلب شعبي كبير
حجم النص
بقلم:غفار عفراوي القانون الثالث لنيوتن يقول ان لكلِّ فعل ردّ فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتجاه، ذلك ما تعلمْناه من العلومِ ودروسِها منذ الصغر، وكنا نعرف التطبيقات العملية للقانون وكذلك النظرية منها. وبلا مقدمات فان الشعب العراقي كان تطبيقه لهذا القانون متذبذباً وقلقاً وخجولاً، فاذا نظرنا الى حجم الضغوطات والعذابات التي تجرعها، وحجم الظلم الذي سُلّط عليه في جميع الازمان فانه ليس بالرد المساوي لذلك الفعل. ولو تناولنا حال العراق بعد سقوط النظام البعثي 2003، فان أنواع من القهر والتعذيب والتنكيل تجرعها الشعب العراقي بصبرٍ غريب، بل استطيع القول بسكوت عجيب، لا يصدقه القريب ولا الغريب. فملايين المهجرين من ديارهم، ومئات آلآف من القتلى والجرحى والأرامل والأيتام، وإنعدام كامل لأبسط الخدمات، وبالمقابل نجد القادة الجدد لهذا الشعب متنعمين بخيراته كالملوك والقياصرة والزعماء، على الرغم من أن أغلبهم كانوا حفاة ولا يتحصلون على قوت يومهم إلا عن طريق المساعدات الانسانية التي كانت تصلهم عبر المنظمات الانسانية وفي الدول التي كانوا يسكنوها في اوروبا وامريكا وغيرها. سنجد الفارق الكبير بين الفعل ورد الفعل واضحاً وجلياً ولا يحتاج الى مزيد شرح وتفصيل. بعد سقوط العراق بيد إرهاب داعش، وبعد تسليم عدة محافظات – خيانةً وجبناً وعمالة- لهذا التنظيم التكفيري في زمن حكومة نوري المالكي ورئاسة برلمان اسامة النجيفي وقيادة جيش وشرطة من قبل ثلة من المرتزقة وعديمي الوطنية والضمير، لم يكن للشعب ردّ فعل واضح على هذا الفعل المشين من قبل رئيس الحكومة ومن معه من قيادات فاشلة، بل ان الشعب لم يأتمر بأمر مرجعيته الدينية التي نصحته مراراً وتكراراً بعدم انتخاب الفاشل وكل السياسيين الذين كان لهم دور في سقوط العراق، فكانت نتيجة الانتخابات (المعلنة) فوز ائتلاف رئيس الحكومة التي سلمت العراق بيد داعش! الأمر الذي أحدث أزمة كبيرة بين الكتل السياسية الرافضة لتوليه الولاية الثالثة وبين أخرى مستفيدة منه ومن سكوته عن الفساد والظلم وانعدام الخدمات. وهنا بادرت المرجعية الدينية ايضا بإطلاق حملة رافضة لرئاسة نوري المالكي للحكومة عبر أكثر من صلاة جمعة في العتبة الحسينية المقدسة وغيرها من خطب وبيانات من مرجعيات اخرى اتهمته بالتشبث بالسلطة. وأيضا لم يكن للشعب ذلك الدور الحيوي المناصر للمرجعية الدينية، بل أن البعض أتهمها بالتدخل في شؤون السياسة وانها ليست مسؤولة عن تشكيل الحكومة! وبعد مدّ وجزر تشكلت حكومة جديدة برئاسة الدكتور حيدر العبادي الذي انشق عن ائتلاف المالكي في رفض الولاية الثالثة، وسارعت المرجعية الدينية الى مباركة تلك الحكومة مؤكدة انها كانت رافضة للمالكي شخصياً وليس جهوياً. المشكلة الكبيرة التي استمرت، والتركة الثقيلة التي خلفتها السياسات الخاطئة لحكومة المالكي، هي العجز الكبير في الموازنة المالية التي أهدرتها الحكومة السابقة بلا فائدة ولا جدوى. الأمر الذي أدى الى رفع شعار " التقشف " في كل مفاصل الدولة العراقية، مما أثر على تقديم الخدمات المهمة للشعب، وكذلك الحاجة الماسة الى تسليح القوات الأمنية التي تقاتل عدواً مجهزاً بأفضل أنواع الأسلحة الأمريكية والفرنسية والبريطانية وغيرها. التقشف شمل جميع مفاصل حياة المواطن البسيط فقط، إلا أنها تركت الذين (تكرّشوا) على حساب دموع الأيتام وجوع الفقراء، واستمرت الرواتب الضخمة، والحمايات الكثيرة، والحياة المرفهة لعوائلهم خارج العراق، على الرغم من أنهم السبب الرئيس والأول لما أصاب العراق من قحطٍ وجوعٍ وفقرٍ وعذاب. فهل ستنهض ايها الشعب المظلوم؟ وهل ستطبق قانون نيوتن؟ بل هل ستطبق البيت الشعري القديم الذي كررناه مراراً " اذا الشعب يوماً أراد الحياة... ". وهل ستطالب بإلغاء المناصب الزائدة التي تهدر اموالك التي انت بأمس الحاجة لها ؟ مناصب وكراسي وملايين الدولارات توضع في بنوك سويسرا وانت تصفق لكل طائفي ومحرض على قتل الاخ العراقي من مذهب آخر أو قومية أخرى! هل ستكون لك وقفة وحملة كبرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان لتطالب بمعاقبة من سبب لك الالم والجوع والقهر والتهجير ؟ ايها الشعب المسكين، إن لم تكن طبقت قانون نيوتن، ولا قول الشاعر أبو القاسم، ولا أخذت بنصيحة المرجعية، فهل ستقرأ هذه الآية الكريمة بصورة صحيحة " ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))الرعد:11؟؟.
أقرأ ايضاً
- فلسطين والجامعات العالمية والصدام الكبير
- اختلاف أسماء المدن والشوارع بين الرسمية والشعبية وطريقة معالجتها
- الثقة الشعبية بالمحكمة الاتحادية العليا