حجم النص
بقلم / عبدالرضا الساعدي هكذا انتهى زمن الرومانسيات مع المطر.. بل وأكثر من ذلك صرنا نتأهب ونتحسب ونتمنى أيضا أن لا يأتي كي لا ندخل في حالة طوارئ في بيوتنا وشوارعنا وأزقتنا التي باتت تخشى هطوله علينا كي لا يحدث المحظور.. المحظور بشتى صوره الكاريكاتيرية المأساوية! نعم هكذا أصبح الحال مع المواطن العراقي، لا لشيء سوى أن المسؤول عن خدمته لا يتأهب ولا يكترث ولا يشعر بهذا كله إلا بعد فوات الأوان، فهو محصّن من آثار المطر حين يهطل على سقف بيته وشارعه ومنطقة سكناه لأنه مسؤول، بينما الآخر هو مجرد مواطن لا يملك سوى الدعاء والرجاء إلى الله أن يحميه من الكوارث و(المنزلقات) والغرق بسبب (زخة) صغيرة من المطر نزلت على الأرض، هذه الأرض التي عانت وتعاني من عبث الإهمال أو من آثار حفاري المشاريع الكاذبة والوهمية أو الناقصة للمجاري أو الماء وغيرها من مشاريع أشباه المقاولين اللصوص الذين عاثوا بالبلد خرابا وفسادا، بينما المسؤول مسترخٍ وتمتلئ خزائن أرصدته يوميا من المال الحرام.. هكذا هو الحال في معظم محافظات العراق، وكأن هناك اتفاقا على هذا العبث والفساد ليتحمل المواطن وحده ثمنه الباهظ وتبعاته الثقيلة، أموال تُهدر، وخراب يؤسس ويثبت أقدامه بجدارة، وليذهب المواطن إلى الجحيم!!، هذا هو شعار المسؤولين عن الخدمات بعد 2003 م لأن الغفلة والصدفة أو المحاصصة جاءت بهذا المسؤول إلى هذا الموقع، وبعضهم دفع الأموال كي يحصل عليه، لأنه يعرف مسبقا أن الورقة رابحة ومدّرة للمال بعدد من الصفقات والاتفاقات التي تتم بها مع أشباه المقاولين و(الحرامية) الذين يجيدون الحفر والنبش والعبث في الأرض ومن ثم يختفون من دون حساب.. لتصبح بنية البلد التحتية عبارة عن خارطة استثمار كبيرة للنهب واستغفال الناس وتحطيم مستقبل الوطن وبأسلوب (ديمقراطي) نادر!!! هكذا فقدنا الإحساس بنعمة المطر، جراء ما يحدث من فساد مروع، وجراء فقدان الأمانة، وجراء الانحراف في التخطيط والتنفيذ، وجراء غياب المبدأ الأساس في تولي المسؤولية وهو: (الرجل المناسب في المكان المناسب).. وغياب مبدأ الثواب والعقاب في وزاراتنا و دوائرنا الخدمية كافة، وحين يحصل العكس سنعود مرة أخرى نشعر بعلاقتنا مع المطر والطبيعة والحياة بكل تفاصيلها اليومية.. والسؤال هو: هل ستعود علاقتنا الرومانسية مع المطر كما كنا قديما ؟.. متى؟
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!