حجم النص
مع الشكر والتقدير بقلم / عبدالرضا الساعدي الذين وقفوا بوجهه وسدوا الطريق عليه ومن قاتلوه وهو في طريقه إلى الكوفة سنة 61 للهجرة، ليسوا أكثر من أوغاد خانعين للسلطة.. ليسوا أكثر من طامعين بالمغانم وفضلات الدنيا ورضا الحكام الطغاة الذين بلا دين أو عقيدة أو شرف، مع استثناء رجل حر يدعى الحر بن يزيد الرياحي الذي وصفه سيد الأحرار بعد أن استشهد بين يديه وهو يقاتل هؤلاء القوم الظالمين بكل شجاعة وغيرة وكبرياء ((ما أخطأت أمك إذ سمتك حرا، أنت الحر في الدنيا والحر في الآخرة.. كانت الرسالة واضحة وبليغة تلك التي وجهها الإمام الحسين _ ع _ إلى هؤلاء القوم، وهي الرسالة التي بقيت وعاشت إلى يومنا وستبقى إلى الأبد، لأنها أعطت للحرية زخماً روحياً و ثورياً وإنسانياً قلّ نظيره، كالثورة على الظلم وكسر قيود العبودية بشتى أشكالها وعناوينها، فهو وفي أصعب المواقف بمواجهة جيش جرار جاء لقتاله في واقعة الطف ،وهو الوحيد في الساحة بعد أن تساقط الشهداء من أهله وأصحابه ومحبيه، ومن خلفه نسائه وعياله محاصرين بلا ماء، يقول للقتلة هؤلاء: «لا أعطِيكُم بِيَدي إِعطَاء الذليل، ولا أقرُّ إِقرَار العبيد». أو وهو يقول لهؤلاء الأعراب الأدعياء الجهلة الذين تناسوا من يكون الحسين _ ع _، في تلك اللحظات العصيبة ((إن لم يكن لكم دين، فكونوا أحراراً في دنياكم، وكونوا عُرباً كما تزعمون» هكذا أراد أن يوقظ الأرض من سباتها ولو كان الثمن أطهر دم سال على أديمها، وهو الدم الذي بقي مضيئا هاديا لكل الأحرار في العالم.. ولهذا ليس غريبا على دول الاستكبار والطغيان والدكتاتوريات والإرهاب كافة، أن يخشوا من هذه المدرسة العظيمة التي علمّت الفقراء والبسطاء والمظلومين في الكون معنى الحرية ومعنى انتصار الدم على السيف، فصاروا يحاربونها ويحاربون أنصارها بشتى الوسائل والسبل، ويحاولون أيضا حجب مصادر الترويج والتثقيف والإعلام لها، أو تهميشها والتقليل من أهميتها الإنسانية والفكرية والعقائدية.. لكن هيهات، لأن واقعة كربــلاء كما يقول أحد المفكرين المسيحيين (لم تكن موقعة عسكرية انتهت بانتصار وانكسار بل كانت رمزاً لموقف أسمى لا دخل لــه بالصراع بين القوة والضعف، بين العضلات والرماح بقدر ما كانت صراعاً بين الشك والإيمان بين الحق والظلم. هكذا.. و أكثر من هذا بكثير، تمتد هذه المدرسة العظيمة يوميا وستظل فنارا ساطعا لكل المظلومين والمحرومين في العالم، مادام هناك ظلم وطغيان وذل وإرهاب وتكفير، وستبقى راية الحسين _ ع _ ترعب كل المنافقين وأدعياء الإسلام والعروبة وكل الفاسدين والمتغطرسين، ورحم الله، الشاعر الذي قال بحق سيد الشهداء: من مـثـله أحــيى الكـرامة حـيــنـما مـاتت على أيــدي جــبابـرة الـعـرب وأفـاق دنـيـاً طـأطـأت لـولاتــــها فــرقى لـذاك ونـال عــالية الـرتــب