حجم النص
تناول ممثل المرجعية الدينية العليا السيد الصافي في خطبته الثانية من صلاة الجمعة ليوم 19 جمادي الاولى 1434 هـ الموافق 29 اذار 2013م من الحرم الحسيني المطهر، امرين مهمين، كان أولها ما يتعلق مرور الذكرى العاشرة للتغيير في العراق وفي الثاني تناول ما يتعرض له البلد من ارهاب، فيما ختم خطبته بتناول ثقافة محبة الأوطان وتأثيرها على فعل ابنائها تجاهها.
فقال" اخوتي اخواتي اعرض على مسامعكم الكريمة امرين، الامر الاول مع اطلالة الذكرى العاشرة للتغيير الذي حصل في العراق، اعتقد اننا بعد هذه العشر سنوات نحتاج الى ان نقف لاستيضاح امور والاستفادة من هذه التجربة التي مرت في البلد، ولا بد لكل منا ان يقف متأملاً فيما حدث، ويرجو فيما يحدث، لا شك ان هناك منجزات حصلت وكان هناك من الطلائع الخيرة لأبناء البلد قد بذلت قصارى جهدها من اجله، وقطعاً هذه المنجزات رافقها ايضاً بعض الاخفاقات، فكل تجربة تحصل فيها الانجازات وتحصل فيها الاخفاقات، وهذه مسألة جداً طبيعية، في اي تغير يمر به اي بلد، وعندنا الان كثير من البلدان ايضاً بدأت تشهد حالات التغير، ونسمع بين الفينة والاخرى مشاكل، هناك معوقات، وهناك، وهناك، الى آخره....".
وتساءل "الشيء المهم الذي نعتقد انه يحتاج الى التفاتة، ان هذا التغيير ماذا اثر على البناء الاجتماعي لأبناء الشعب؟! هل حدثت هناك تصدعات؟! هل توسعت رقعة الخلاف بين مكونات الشعب العراقي؟!! او لا .. ازدادت العلاقة؟ ازدادت اللحمة بينهم؟ هذا المنظور الذي نتكلم به ليس الهدف منه الا محاولة استجلاء حقائق قد افرزتها بعض الامور السياسية، انا اتكلم هكذا، اقول بعد العشر سنوات ما هي علاقة العرب بالاكراد كشعب واحد؟! ما هي علاقة المسلمين مع الديانات الاخرى كالمسيحيين والصائبة؟! ما هي علاقات المذاهب لدين واحد كالعلاقة بين الشيعة والسنة؟ هل تطورت هذه العلاقات؟ هل تماسكت هذه العلاقات ام بدأت تنزل المشاكل السياسية الى ان وصلت الى هذه القواعد الجماهيرية؟! ما الذي حصل فعلاً ؟!! الان العلاقة طيبة بين المكونات او هذه قضية اعلامية؟! ام هناك مشاكل حقيقة بين المكونات؟!".
واستدرك في تساؤله "الغرض من طرح هذه الاسئلة (الى اين وصلنا والى اين يمكن ان نصل؟!!) انا لا ابالغ ايها الاخوة، اقول ان الجوانب السياسية اثرت تأثيراً كبيراً في انزال المشاكل من القمة السياسية الى القواعد، وهذا التأثير لا بد ان يرمم، ولا بد ان يدارى، والترميم والاصلاح قطعاً لا يكون بخطاب او خطابين، نعم الخطاب مؤثر، وايضاً لا اغالي اذا قلت ان الغالبية العظمى لم تتأثر، لا زالت هناك علاقات طيبة، وهي كثيرة بين المكونات التي ذكرت".
واضاف الصافي " على الساسة ان يلتفتوا الى قضية (ان رصيد العراق هو هذه المكونات) وقد جرب البعض عندما بدأ يستخدم بعض الاوتار النشاز ماذا كانت النتيجة؟!".
مبيناً "اقول هذه العشرة سنوات التي مرت بكل مشاكلها لا بد ان نحصل على شيء لا يعوض، الا وهو بقاء هذه العلاقة الاجتماعية بين مكونات هذا الشعب، لا بد للمسيحي ان يخلص بقوله ويتعايش مع المسلم ويبقى ملازم له، ولا بد للمسلم، كذلك وايضاً لا بد للشيعي والسني، ولا بد للعربي والكردي، وهذا ليس من باب الخطاب اخواني، من باب واقعي، ما نحن فيه هناك مسألة قد يتكلم السياسي بخطاب حتى يحصل على رصيد جماهيري، لكن بداخله هناك مرض، وتارة يتكلم بواقع القضية".
واضاف "انا اتكلم الان بواقع القضية، قوة البلد ومصداقية البلد بهذه التركيبة الموجودة، وهذه التركيبة لا يشنج احدنا الاخر بدعوى مسائل سياسية، السياسة تذهب وتأتي، السياسة اليوم مع فلان غداً ضد فلان بحسب رؤى السياسيين، لكن واقع ما نحن فيه واقع، هذا المجتمع الذي بذل جهداً كبيراً، وعاش ما عاش، هذه الحصيلة اذا افرزناها بالجانب الايجابي، نعم نقول واقعاً التغيير افادنا كثيراً، اما اذا كانت الاخرى التمزق لا سامح الله، ومحاولة الاستعداء فيبدوا ان الساسة يحتاجون الى اعادة نظر".
مبيناً " ان عقد من الزمان عشر سنين مرت، وهذه العشر ليست بالقليلة، اناس استشهدوا، واناس دخلوا على الخط وهم ليس محبين الى البلد، دول تحالفت، واحتلال جاء ومضى، وهناك شبكات حاولت ان تلعب بخريطة البلد".
واستدرك مخاطباً "على الساسة ان يستفيقوا وان يلتفتوا الى ان البلد لا يمكن ان يُتنازل عنه، هذه الشرائح الاجتماعية تترقب ان يكون هناك وضع اخر، وهو بقاء هذا الجانب الاجتماعي بشكل واقعي، لا بشكل خطاب، لا بشكل مجرد، تهيأ اصوات، او شراء اصوات".
واضاف " (واقعاً لا بد ان يحب بعضنا البعض)، بمقدار ما نبتعد عن كل المؤثرات الاخرى، واعتقد ان العراق ليس كما قلنا سابقاً، مختلفً عن بقية الدول، دول العالم يوجد فيها اشياء واشياء عجيبة وغريبة، ولكنهم يتعايشون، واحدهم يحب الاخر، لانهم يحبون بلدهم، ومحبة البلد تستدعي ان يتقارب الانسان مع اخيه والاخر، اعتقد ان هذه النقطة وعلى الساسة ان يلتفت اليها...".
وتناول في ختام خطبته مسألة الاستثمار في العراق "اخواني طبعاً هناك دعوى في البلد كثيرة للاستثمار في العراق، نسمع وتأتي الشركات واتفاقيات مع دول، وهذا بنفسه امرٌ ، جيد لكن في المقابل هناك زاوية احب ان الفت النظر اليها، وهي هجرة الاموال والمستثمرين من العراق الى خارجه".
مبيناً "ان هناك حالة من الفرار من العراقيين، اتحدث بكلامٍ واضح (من العراقيين!!) هناك حالة من الفرار من العراق للاستثمار خارجه!! لماذا؟!! سأبين بخدمة الاخوة ليتسع صدر بعضهم".
مضيفاً "طبعاً الاستثمار داخل العراق نحن نريده، لأنه سيعجل من البناء، ويفسح من المجال لفرص العمل، وبالنتيجة يطور البلد وان الذين يستثمرون خارج العراق من العراقيين صنفان (الصنف الاول تاجر) وهذا اما خائف من العراق! واما ليست عنده هذه الروح الوطنية التي تجعله يفكر ان يبني بلده قبل البلدان الاخرى!!!، واما الذي هو يتاجر فهو سياسي، وهذا السياسي عندما يتاجر خارج العراق، يخاف ان يتاجر داخله، لأنه (سيفتضح)".
موضحاً "انا عندي وقفة مع البعض بلا مسميات، (انا اقول) الان شخص في الدولة، راتبه بأي عنوان لكن نفترضه موظف كبير، راتبه فليكن خمس مليون دينار في الشهر، فليكن ستة مليون، فليكن عشرة مليون، وهذا المرتب الذي يقبضه شهرياً يصرف منه نصفه، ثلثيه، والباقي يدخره ويستفيد منه، هذا على الوضع الطبيعي، عندما نحسب اي ورقة وقلم، فجأة هذا الموظف الكبير، يحاول ان يستثمر بمليارات الدنانير وملايين الدولارات خارج العراق!!".
وتساءل السيد الصافي "واقعاً الذي يحير ما هي الطريقة التي تم الحصول من خلالها على تلك الاموال واستثمر خارج العراق؟!! يعني ما هو الذكر الذي صنعه حتى حصل على هذه الاموال؟! ما الذي صنع؟!! ما هي نسبة الذكاء الذي ملكه بحيث من راتب محدد يقفز الى فجأة ان يكون من اصحاب المليارات ويستثمر خارج العراق ورغماً عن العراقيين؟!! ما هو الذكاء؟ نسبة الذكاء؟! يا ليتنا نتعلم من هؤلاء ذكاءً كيف يستثمر الاموال؟! نفترض في حل هذه المعادلة واقعاً عصياً عن الفهم، نعم تقرأ من زاوية اخرى، ان هذا الموظف الكبير عنده علاقات مع تجار، مع الوسطاء، فاضعف الايمان يقول ان هذا العقد الفلاني اعطاني نسبة، وعلى هذه الوساطة حصلت على مال، وعلى، وعلى، وعلى، في اضعف الايمان يقول انني لم اسرق الدولة، واموالي اخذتها من فلان، انا اسأل بربك، بمعتقداتك، من اي معتقد كنت، هل اعطاك هذه الاموال لمحبته اياك؟!!! او اعطاك هذه الاموال حتى تبدأ تبيع البلد تدريجاً تدريجاً؟!! في صفقات غير نظيفة، وفي اثراء غير محدود، الى اي ينتهي وهذا الصفقات السرية الخاصة، لماذا يمنع منها التاجر النزيه، وتعطى الى افراد معدودة؟! وهل كتب على كل موظف في شهادة ميلاده ان لا بد ان يحصل على هذه النسبة والدفعة حتى يستثمر خارج العراق؟! من اين جاءت هذه الاموال من اين؟!.
واضاف "في بعض الحالات تكون هناك خطورة اكبر بحسب موقع هذا الموظف، عندما تتعامل مثلاً من بعض المفردات الامنية، انت اذا سال لعابك امام هذه النسبة، هل تهتم بعد ذلك بالمشروع الفلاني؟! ببناء البلد؟! هل تهتم بهذه السلعة التي جئت بها من اجل الحفاظ على البلد؟! ستعيش دائماً حالة النسبة والاثراء.
مبيناً " لا احب ان اذكر ارقام، اخوتي اقول هناك مصداقية على العيون النظيفة في الدولة، وعلى الشخصيات التي تحب البلد ان تلاحق هؤلاء، موظف سنة، سنتين، ثلاثة، لو نجمع كل رواتبه، ولو فرضنا انه قد صام خلال هذه الفترة لم يأكل، ولم يشرب، لا يمكن ان يأتي بهذه الممتلكات، عُشر هذه الممتلكات، لا يأتي بها من اين جاء بها ميراث، هل اخوتك اشتركوا بالميراث؟! هدية من اين تأتي الهدية؟! هدية تعطى بدون مقابل؟!".
موضحاً "لا بد اخواني ان نكون في مستوى المسؤولية، هذه الصفقة فيها مشكلة، وهذه الحاجيات معيبة، وتلك الامور تعطلت، وذلك الكتاب اعطيت السلفة ولم نره على الارض، الى اين المسير؟! تكلم الان جهات الاستثمار، استثمروا في العراق، جيد لماذا يخرج المستثمر العراقي من العراق، امواله غير نظيفة؟ امواله فيها مشكلة؟ لماذا لا يحاسب؟ اليس البلد اولى به؟ اليس ابناء البلد اولى بان نفسح فرص عمل؟ انا لا اعدد بعض الدول هي التي ذكرت تقول سبعين بالمئة من مجموع مستثمرين هذه الدول من العراقيين!!! هنيئاً استثمروا داخل العراق، اذا كانت الاموال واستثمر في النهار لا تستثمر بالليل!!! استثمر بطولك قل انا التاجر الفلاني، قل هذه اموالي حصلت عليها بتعبي، اما تكون موظف، ان تركض، هذا من اجل هذا العقد وماذا تعطيني، ما هذه الوضاعة في التصرف، ما هذه القيمة الاخلاقية الرخيصة؟! لماذا ترخصون انفسكم؟ الله سبحانه وتعالى يقول (ولقد كرمنا بني ادم).. لماذا ترخص نفسك من اجل حفنة من الدنانير؟ وهؤلاء يضحكون عليك!! ستبيع البلد لو سال لعابك على قرش، ستبيع البلد على عشرة قروش، الى متى؟ هذه الطريقة غير صحيحة، اعطاني فلان وهذا من حصته وذاك من امواله وهذا من رصيده، كلام فارغ، ضحك على الذقون، بكم يشترون البلاد؟ جعلت نفسك محطة رخيصة، هذا اعطاك قرش سيحصل من قوت الفقراء مئة قرش، انت خائن صغير لا تشعر بنفسك، انت خائن صغير، انت عميل للدرهم، عميل للدينار، هذه الوطنية ازرعوا في انفسكم خذوا جرعات منها من الفقراء الذين ما زالوا يتمسكون ببلدهم!!! والله تعلموا من الفقراء، الفقر ليس عيب، الفقر شرف للانسان، تعلموا منهم كيف يحبون اوطانهم، كيف يدافعون عن اوطانهم، كيف يعشقون التراب الذي يمشون عليه، تعلموا من هؤلاء، لا بد ان يكون عندكم حس الدرهم والدينار، كانت لغيركم اين ذهبوا واين ذهبت؟! اعملوا من اجل قوت الناس، اعملوا من اجل رفاهية الناس، كونوا عندكم مصداقية في التعامل، كون بينك وبين نفسك ان تحب هذا البلد، انت موظف لا بد ان تسعى من اجل خدمة الناس، لا من اجل ان تسعى لتصغر نفسك وتكون ذيلاً لفلان وفلان، وانا اعتقد ان هذه المسألة في غاية الخطورة، اموال تخرج بطريقة او بأخرى، اشتريت عمارة في فلان دولة واشتريت كذا واشتريت كذا على كل حال...".
اسأل الله تبارك وتعالى ان يحمي البلد وان يدفع عنا وعنكم كل سوء وان يجعل الاخوة الساسة مراجعة مهمة في هذه العشر سنوات الماضية حتى نبني العراق سوياً خطوة خطوة، ولبنة لبنة، وحقيقة هذا البلد العراق كحاله من البلدان يستحق منا كل تبجيلٍ وتقديرٍ وان نسعى جميعاً لخدمته.
نسأل الله تبارك وتعالى ان نتوفق على ذلك متعكم الله تعالى في اوطانكم ومتع الله المسلمين في اينما كانوا في اوطانهم وارجع الله تعالى حقوقهم المغصوبة لهم واخر دعوانا ان الحمد لله رب وصلى الله تعالى على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين ( اللهم صلِ على محمد وآله محمد).
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- السوداني: واجهنا تحديات كبيرة في سبيل تنفيذ مشروع "العراق الأكبر"
- وصايا المرجعية السبع» تحظى باهتمام رؤساء مجالس المحافظات
- وزير الدفاع يبحث في قطر التعاون الأمني وعلاج جرحى الجيش العراقي