- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لا للتسييس في محاربة المفسدين
ممارسة الدور الرقابي لمجلس النواب على أداء الوزارات ومؤسسات الدولة وغيرها ينبغي أن يستند إلى دوافع وطنية بحتة بعيدا عن دوافع سياسية وطائفية وانتخابية، ومن باب فاقد الشيء لا يعطيه فمن الأولى بمجلس النواب أن يصفي وجوده من بعض العناصر التي صدرت بشأنهم مذكرات توقيف قضائية وهي تنتظر لرفع الحصانة عنهم تمهيدا للتعاطي مع قضاياهم التي غالبا ما تتعلق بالإرهاب والفساد، ومن دون شد وجذب ينبغي رفع الحصانة عن أولئك المتهمين ولأي جهة ينتمون حتى يتفرغ المشرعون في المجلس لاستجواب كل من ثبتت عليه تهم الفساد والإرهاب من السلطة التنفيذية وغيرها.
ومجلس النواب مطالب بالتحلي بالوطنية والمهنية والإخلاص للعراق ولشعبه وعدم الخضوع لأي أجندة داخلية كانت أم خارجية، لعل بعمله هذا يمسح ما علق به في تلك الفترة العصيبة التي مرت بالعراق من دوافع نفعية وحزبية ضيقة، وتبيض وجهه ما بقي من فترة وهي لا تتجاوز السبعة أشهر من أنه عمل للعراق حتى في هذه الفترة الوجيزة، والتحرك الوطني للنواب هو من صميم عمل مجلس النواب وله تأثير كبير في القضاء على الفساد المالي والإداري وحفظ الأموال العامة وتطبيق قوانين الدولة وتطوير البلد وتقديم الخدمات.
وإن ما جرى أخيرا من تفعيل لهذا الدور أمرا حسنا وجيدا والمجلس بحاجة إلى إدامة ممارسة هذا الدور شريطة أن يكون تفعيل الدور الرقابي شاملا وعاما للجميع ومن دون استثناء فلا يشمل وزارة دون وزارة .. ولا جهة دون جهة .. ولا مؤسسة دون مؤسسة فالجميع - متى ما ثبت عليه شيء من الفساد المالي والإداري - يخضع للمساءلة والاستجواب .. حتى لو ثبت على نائب أو نائبة أو لجنة داخل مجلس النواب فلابد أن تشمله المساءلة والاستجواب.
والمفسد ينبغي أن يحاسب على قدر جرمه وليس على قدر انتمائه لحزب أو قومية أو طائفة، ونأمل أن تسود العدالة في تطبيق العدالة في عراق ما بعد السقوط وإلا ما الفرق بينه وبين عراق قبل السقوط حيث المنسوبية والطائفية والولائية للحاكم الواحد والحزب الواحد هي الحاكمة، وهذا إيذان للسقوط والانحطاط مهما كانت المسوغات والتبريرات، حيث أن مسوغ العدالة في تطبيقها وليس ادعاءها .. ومن هذا المنطلق ليست هناك وزارة أو جهة أو شخص محصّن من المحاسبة والمعاقبة وليس هناك أحد فوق القانون، فالكل سواسية أمام تطبيق العدالة سواء كان في قمة الهرم السياسي أو في سفحه.
وطالما شاهدنا أن بعض النواب الطائفيين وبعد أن تلطخت يداه بدماء الأبرياء تراه يتمترس إما ببعض الواجهات السياسية المعروفة أو يستقوي بقوات الاحتلال أو ببعض القوى الإقليمية، ومثل هكذا نواب لا يمكن لنواياهم أن تكون سليمة بل إنها تحمل السم الزعاف لعرقلة الديمقراطية في العراق وإرجاعه إلى المربع الأول حيث تحكم الأقلية برقاب الأكثرية بالحديد والنار، ولابد أن يكون الهدف خالصا لا يشوبه شيء من قصد الطعن أو الإساءة أو تحطيم السمعة لشخص أو الإضرار بجهة سياسية معينة أو مؤسسة معينة .. بل الهدف هو محاربة الفساد المالي والإداري بذاته ولا يجوز أن يكون لغرض تصفية حسابات سياسية أو تحطيم سمعة جهة معينة لأغراض خاصة ..
ولا ننسى أن يكون هناك دقة وتثبّت من حصول حالة الفساد المالي والإداري ولا يعتمد على الظنون والشبهات، بل لا بد من وجود وثائق تم التأكد من صحتها تثبت حصول الفساد أو التقصير أو الإهمال ويحاسب المقصر كائنا من يكون، هذا ما يطلبه الشرع والقانون منا إذا ما أردنا أن نسير باتجاه عراق ديمقراطي يسوده العدل والمساواة وينظر بعين واحدة تجاه العراقيين ويطبق القانون على المذنبين والمقصرين والفاسدين أيا كانت هويتهم وإلى أي حزب أو جماعة ينتسبون.