تحدث آية الله العلوي البروجردي حول احتجاجات إيران الأخيرة، وفيما انتقد أداء بعض المسؤولين في إيران وتردي الأوضاع الاقتصادية، طالب السلطات بترك مساحة للناس لأن يعبروا عن آرائهم احتجاجا ونقدا، منتقدا انتهاك الحرمات في الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلد.
وأفادت وكالة شفقنا،وتابعته وكالة نون الخبرية بان أستاذ الفقه وأصول حوزة قم البارز قد تحدث في تاريخ 17 تشرين الأول 2022 في درس خارج الفقه عن الأحداث الأخيرة التي شهدتها إيران.
واستهل آية الله البروجردي كلامه بحديث ورد في كلام الإمام علي عليه السلام في خطبة المتقين حول أوصاف المؤمن: خَاشِعاً قَلْبُهُ، قَانِعَةً نَفْسُهُ، مَنْزُوراً أَكْلُهُ، سَهْلًا أَمْرُهُ.
وتابع: في هذا الحديث يظهر بان المؤمن لا يتشبث بكل شيء لتوفير طعامه ورزقه ولا يمزج بين الحلال والحرام، فليس همه كله الأكل، فمفردة الأكل تحمل هنا مفهوما عاما، بمعنى الكفاءة في الإنتاج، بمعنى ان المؤمن وبإمكانات هذه الدنيا يستفيد بأكبر قدر من الاستفادة مما لديه إلى جانب الكفاءة، على عكس الذين لديهم أعلى إنتاجية، لكن إما ليس لديهم مردود ومقابل للإنتاج أو انه قليل جدا. ومما يميز المؤمن أنه يأكل ويشرب ويستفيد من نِعَم الدنيا مثل الآخرين، ولكن هذه النعم ليست كل همه ولا يتعلق بها تعلقا.
واستطرد قائلا: سَهْلًا أَمْرُهُ، حَرِيزاً دِينُهُ.. تعني إن العمل مع المؤمن سهل، عندما نتعامل مع المؤمنين فان بالنا مرتاح، المؤمن ليس متشددا ولا يمارس الضغط ولا يؤذي أحدا فلو ارتكبت خطأ ما وألحقت به ضررا وتوجهت إليه فانه لا يتشدد ويقول سامحك الله فانه مسامحك.
تحريض الأعداء الخارجيين أم أداء المسئولين الناقص؟
وتطرق إلى ما تشهده إيران من أحداث قائلا: فيما يتعلق بالأحداث الأخيرة بحيث تشكلت الاحتجاجات -بالطبع، يقول بعض السادة إنها أعمال شغب، والبعض يقول لا، إنها احتجاج -يجب ألا ننسى أبدا حقيقة واحدة، وهي تدخل القوى الأجنبية في شؤون المسلمين والشيعة، خاصة في شؤون إيران، قضية لا يمكن إنكارها. إذ لم تكن القوى الأجنبية نفسها هي المبادِرة وإذا لم يكن أصل القضية هي مؤامرة من حياكتهم، فالقضية لها جذور داخلية، لكنهم يحاولون استغلالها. ليس هناك شك حول هذا الموضوع. أمريكا تبحث عن تحقيق مصالحها الخاصة وهي مستعدة للتضحية بكل ما لديها من أجل مصالحها الخاصة، والأمر ينطبق على إسرائيل أيضا.
مثل هذه القضايا لها حضورها في الساحة، ولكن هناك موضوع آخر فيما يتعلق بالأمر، وهو أن الشباب الذين يخرجون ويحدثون الفوضى ونقول إنه تم تحريضهم، يجب أن نسأل كيف كان أداءنا، وأننا لم نبن إيمانا قويا وثابتا وقناعة في نفوس هؤلاء الشباب حتى لا يتم استغلالهم؟!
ألا تعود المشكلة إلينا؟ أولئك الذين يثيرون الفوضى ليسوا أجانب. هم منا! هم أبناءنا! لماذا لم نترك تأثيرا عليهم حتى لا يصبحوا ألعوبة بيد الأجانب؟ فالأجنبي يفكر دوما بإثارة الفوضى ومثل هذه القضايا، فانه مثل الذبابة التي تنتظر الجرح حتى تجد مكانا للجلوس، فلماذا كنا السبب في ظهور هذا الجرح؟ يجب ألا نكون السبب، فهؤلاء هم أبناءنا، لماذا لم نقم بواجبنا تجاههم؟ ألم تكن المدارس في البلد تحت سيطرتنا؟
علينا عدم منح الأعداء فرصة لاستغلال الأحداث
وأضاف: نحن لا ننكر أن الأجانب يتدخلون في شؤوننا. ليس هناك شك حول هذا الموضوع. الأجانب يؤيدون ويستغلون أي فتنة في بلادنا إذا لم يكونوا قد خلقوا الفتنة بأنفسهم. لكن يجب ألا نسمح لهم باستغلالها. هؤلاء التلاميذ هم في مدارسنا. لماذا لا يهتمون بمحطاتنا الإذاعية؟ ولماذا يرون ويسمعون ما تنتجه وتدفع ثمنه محطات إذاعية سعودية أو أمريكية وبريطانية؟ لماذا؟ ألا يجب أن ننتبه لهذه الأمور؟ لو كنا قد سمحنا لكل هذه الأفكار وكل هذه المناقشات أن تثار بواسطة محطاتنا الإذاعية، فربما لم يكن الوضع بلغ هذه المرحلة.
على وزارة الداخلية توفير مساحة للنقد والاحتجاج
ووجه طلبا لمسئولي البلاد بالقول: اطلب من جميع المسئولين في البلاد ولا سيما من المرشد الأعلى حفظه الله، وهو التفكير بمكان ما لهؤلاء الشباب، وهؤلاء الجامعيين الذين لديهم رأي -صواب أو خطأ -يمكنهم فيه التحدث وإبداء الرأي؛ لماذا تنتهي تلك الأحداث إلى الفوضى؟!
يجب التوجه إلى هؤلاء الشباب والطلاب والاستماع إليهم. إنه جزء من دستور بلادنا أن تسمح وزارة الداخلية للشعب والأحزاب بالتجمع والتعبير عن آرائها في مكان تحت حماية وزارة الداخلية حتى لا يتم قيادة التجمعات نحو الفوضى.
في هذه الأحداث الماضية، انتهكت العديد من المحرمات. احتجاج عامل بسيط يؤدي إلى التلفظ على الدين والإيمان وكل شيء بألفاظ نائبة، يجب عدم السماح لمثل حالات انتهاك المحرمات ان ترى النور.
الاحتجاج والنقد من حقوق الناس
وصرح بان النقد حق من حقوق الشعب بالقول: ان الاحتجاج والنقد من حقوق الناس. لقد قلت مرات عدّة أن “النصيحة للائمة المسلمين”. في مصادرنا يعد من حقوق الحاكم أن ينصحه الناس. أي إذا لم ننصح الحاكم، فلم نؤد حق الحاكم.
ما هي النصيحة؟ انها النقد سواء كان النقد صحيحا أم خاطئا. يجب توفير مساحة وأمكنة للناس للتعبير عن آرائهم، لماذا في بلادنا ينتهي إبداء الرأي والتعبير عن المشاكل إلى الفوضى؟
الضحية من أي جانب خسارة لنا
وتحدث عن الضحايا الذين سقطوا في الأحداث الأخيرة بالقول: في هذه الأحداث، ان وقوع الضحية من أي جانب يثير حزننا. لا يهم إذا كان من عامة الناس أو من الباسيج أو من الشرطة. كلهم أبناءنا.
لماذا يجب أن يؤدي الاحتجاج إلى صراع يترك وراءه الضحايا بهذه الطريقة؟ ان الضحية من أي جانب خسارة لنا. هذه الضحية هو رب أسرة، وله زوجة، وله أطفال، وله أخ، وله أم، وله أب. هؤلاء هم أبناءنا، واحد يقف في هذا الجانب من القضية والآخر في الجانب الآخر. علينا أن ندير أمورنا بأنفسنا.
لنهتم بشؤون الناس
وأضاف: إذا كان لدى الناس احتجاج، فيجب عنا توفير أرضية مرتبط بقضاياهم ومعتقداتهم الدينية. ان الشاب الإيراني المخلص، الذي قاتل في الحرب، ليس هو من يرمى عمامتي. فهو ليس الشخص الذي أشعل النار في علم الإمام الحسين وحرق القرآن.
إذا حدثت مثل هذه القضايا، فإن أساسها يوجد في مكان آخر وليس هناك شك في ذلك.
إذا قام شخص ما بقتل شخص وسط هذا الحشد -سواء كان ذلك من قوة الشرطة أو الباسيج أو عامة الناس أنفسهم -أو قام شخص ما بإلقاء النار على المسجد أو الحوزة العلمية، فإن المشكلة هي عدم احتجاج الناس أنفسهم على مثل هذه الأمور؟ أليس هؤلاء شعبنا؟ لذلك دعونا نقبل أن لدينا مشكلات. دعونا نركز على شؤون الناس. لقد تخلينا عن الناس.
لنترك مساحة للاحتجاج
وختم آية الله البروجردي حديثه بالكلام عن مشكلات الشعب الاقتصادية بالقول: الشعب لديه مشكلات.. قضايا حياته أصبحت مليئة بالمنغصات، وضعه الاقتصادي بات محرجا.. العملة المحلية في تراجع مستمر وزيادة الرواتب ليست حلا، لأن قيمة العملة تتناقص مع التضخم.
وأضاف: عندما يواجه الشعب مشكلة، ينتظر فرصة أحيانا لإثارة الفوضى. دعونا نفوت الفرصة حتى لا تظهر الخلافات.. لنترك مساحة للاحتجاج.. فالعامل الذي لم يتسلم راتبه لستة أو تسعة أشهر، ماذا يفعل إذا لم يحتج؟ فلديه زوجة ولديه أطفال.. فلنضع أنفسنا في مكانهم. لكن إذا أردنا ألا يختلط الاحتجاج والاضطراب، فنحن بحاجة إلى توفير أرضية صحية للاحتجاج بين مختلف الشرائح.
أقرأ ايضاً
- السفير جعفر الصدر يحتفي بوقف إطلاق النار في لبنان: تحقق النصر كما وعد نصر الله
- السفيرة الامريكية: للحكومة العراقية الدور بالضغط الدبلوماسي والذي تمخض عنه وقف اطلاق النار بلبنان
- لبنان يستعد لتشييع جثمان الشهيد السيد حسن نصرالله