- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
رجل دين في حفلة راقصة.. لماذا لا تحاسبون قراصنة "الزيّ الديني" ؟!
بقلم: الشيخ ليث الكربلائي – كاتب وباحث
في حدود عام 1320هـ وأثناء تصدي بعض علماء الدين لقيادة الثورة الدستوريّة في إيران لغرض تقييد الملكية بالدستور، وفي صبيحة أحد الأيّام صُدم المجتمع المتدين في إيران بانتشار صور فوتوغرافية تُظهر تواجد رجلين يرتديان الزيّ الديني في حفلة راقصة !
ولكن بعد عرض الصور على أحد زعامات الثورة وهو آية الله السيد عبد الله البهبهاني تمكّن من التعرّف على أحد الرجلين ولم يكن سوى (المسيو جوزيف نوز) مدير الجمارك في الحكومة الإيرانية آنذاك وهو رجل بلجيكي وعميل لروسيا في الوقت ذاته، ارتدى الزي الدينيّ مع مساعده في تلك الحفلة للاطاحة بسمعة علماء الدين الذين يقودون الثورة!! ولكن لحسن الحظ تمكن السيّد البهبهاني من التعرّف عليه وفضحه وخرجت في الأيام التالية مظاهرات حاشدة تطالب بإقالته.
وقد أرّخ لهذه الحادثة حسن الأمين في مستدركات الأعيان:ج4 ص141.
ويبقى السؤال: كم مسيو جوزيف عندنا اليوم؟!
وبالطبع لا أريد تكريس عقلية المؤامرة إذ من الطبيعي أن توجد أخطاء خارج دائرة المؤامرة يتحمل وزرها الأفراد وليس المؤسسة ولكن الحقيقة الأخرى إلى جانب كلّ ذلك أنّ المؤسسة الدينية نفسها مستهدفة ليس من الخارج فقط بل من داخل الوسط الشيعيّ أيضاً، فالأحزاب الشيعية نفسها لمّا لم تجد رضوخاً من قبل المرجعيات الشيعية باتت تصنع مدارس وطلّاباً ومراجع وفق مقاساتها وتطبّل لهم من خلال ماكنتها الإعلامية، حتّى صار من المألوف أن تجد مدارس دينية تابعة للتيار وأخرى للفضيلة وثالثة للمجلس ورابعة للعصائب وهلمّ جرا، هذا فضلاً عن المدارس التابعة للحركات المنحرفة تماما من أمثال الصرخي وأحمد الكاطع ومن على شاكلتهما.
والمؤسسة الدينية بطبيعة نظام تكوينها لا تملك قوة قادرة على محاسبة من ينتحل زيّها وشخصيّتها، وعدم وجود مثل هذه القوّة كما له سلبياته له إيجابياته أيضا حيث يضمن استقلاليتها وعدم تقوقعها ضمن اتجاه من يهيمن على تلك القوّة.
فيبقى الرهان في نهاية المطاف على وعي الناس ومدى قدرتهم على تشخيص المؤهل من غيره والله المستعان.