بقلم: علي حسين
كما ليس هناك عرس من دون عريس، ولا حفلة زفاف من دون "هلاهل" تطلق من أفواه النسوة، فأن البعض من نوابنا أثبت لنا مرة أخرى أن مجلس النواب يمكن أن نطلق عليه أي صفة سوى الصفة الوحيدة التي لا يتمتع بها، وأعني بها قبة الشعب التي تدار داخلها شؤون المواطنين وهمومهم.. ففي مشهد مثير للاستغراب شاهدنا كيف علت أصوات الهلاهل عندما أُعلن فشل عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
لا تدرك صاحبات الهلاهل انه ليس هناك نظام سياسي عادل دون ساسة يؤمنون بأن الديمقراطية لا تعني التستر على الفساد، وأن بناء البلدان لا يندرج تحت شعار "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، وأن الديمقراطية ليست أهازيج وهلاهل تسود قاعة البرلمان، لأن البعض فشل في إقالة وزير أو استجواب مسؤول كبير، ليس هناك ديمقراطية من دون أناس يؤمنون بالتداول السلمي للمنصب، وبأن الوظيفة الحكومية مسؤولية وليست تكليفاً شرعياً لا يجوز الاعتراض على صاحبها، ليست الديمقراطية في فرض رأي الأكثرية، وإنما في احترام آراء الأقلية، هكذا تعلمنا دروس الشعوب الحية. كان هلموت كول، موحد ألمانيا، يملك الأكثرية، ولكن عندما وجد أن الناس لم تعد تريده، مضى دون أن يقول لمعارضيه بأنهم خونة وعصابات وينفذون أجندات خارجية، حمل حقيبته ومشى ليترك الكرسي لغريمه شرودر.. القوة والمكانة ليست لصاحب الصوت العالي، وإنما للذي يؤمن بأن المسؤولية الحقة هي إشاعة روح العدل والإنصاف وتوسيع آفاق الناس.
ودعونا نتساءل؛ هل العيب في المواطن الذي انتخب أصحاب هذه المشاهد الكوميدية أم في النواب أنفسهم؟، وأريد أن أسأل، هل نحن المواطنون العزل (ضد هؤلاء السادة النواب)؟ بالتأكيد لا، نحن نحلم بنواب يتحسسون نبض الناس.. نتمنى أن تعلو مهمة النائب فوق كل الأكتاف والقامات وتلوح في سماء الوطن كأنها (البدر) ولكن ماذا نفعل والسادة النواب مصابون بمرض الخوف من الناس.
إن أحداً لا يتذكر من هم النواب الذين خسروا مقاعدهم، ومن هم الذين احتلوا مقاعد جديدة. ومن الأمور المزعجة أن الأعوام الماضية لم تشهد حالة ود بين الناس ومجلس النواب، ولعل السبب يعرفه السادة أعضاء مجلس النواب السابق حين أصروا على الإسراع في إصدار تشريعات تضمن لهم حياة مرفهة براتب تقاعدي مجز في حين لم يتحرك لهم ساكن وهم يطلعون على تقارير لمراكز استطلاع دولية تؤكد أن ما يقارب ثلاثين بالمئة من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر.
الناس تطمح للتغيير، والتغيير الذي نريده، يجب أن يبدأ من مجلس النواب في أن يصوغ لنا مشروعاً يلتف حوله الناس ويشعرون بأنه لصالحهم.