تحدث ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في الرابع من جمادي الأولى 1432هـ الموافق 8-4-2011م عن موضوع المواطنة وهي محبة الإنسان لوطنه وتعتبر من الصفات الحسنة، وثمة صلة ومحبة خاصة توجد بين الإنسان والوطن الذي يعيش فيه، تجعله يحب وطنه ويتعامل معه معاملة المُحب، مشيرا إلى إن محبة الأوطان محبة وجدانية والإنسان يشعر بها بأدنى التفاتة، وما السياسة إلا لتدعيم وتأكيد هذه المحبة، وكل أمر سياسي بعيد عن هذه المحبة فلا خير فيه قرب أم بعد!!
وتابع سماحته والآن لنأخذ وضعنا الداخلي في هذه المفردة فقط، فالإنسان تقل عنده رغبة المحبة في وطنه عندما لا يجد من يعزز هذه الروح ولا يجد من يحترم الوطن ! وإذا كانت الأنظمة دكتاتورية يحاول أتباع هذا البلد أن يفروا لان هذا النظام لا يحترم الوطن والمواطن وهذا ما ابتلينا به في الفترات السابقة.
وتساءل سماحة السيد الصافي عن التربية الوطنية بهذا المعنى ليس بمعنى التربية الوطنية السياسية، هل هي موجودة عندنا أم لا ؟!! ابتداء من الأسرة والعامل والموظف وانتهاء بالكيانات السياسية بأجمعها.
وذكّر بأن لدينا حاليا مشاكل أساسية في محاولة البعض النبش عن الوطن وزعزعة هذا الكيان لكن ليست هذه أصل المشكلة، وإنما أصل المشكلة هي التأسيس لوضع يحب فيه الجميع الوطن من الأسرة ومن العامل والموظف والفلاح والسياسي، عندها سنجد أمورا على الأرض ابعد ما تكون عن هذا الجانب، فالدين يشجع على حب الأوطان وقضية الوطن لا يمكن لأحد أن يناقش فيها وهي ليست مسألة شعارات وإنما هي قضية وجدانية ولابد أن تعيش ابتداء في قلب كل مسؤول غيور وشريف وحر يريد الخير لهذا البلد، وإذا لم تكن هذه المحبة موجودة فلا شك ستتأثر حياتنا كلها بذلك.
وأردف سماحته إن العلـَم يمثل رمزية كل دولة، تعالوا للمؤسسات و الدوائر الرسمية في أية مدة يتم تبديل هذا العلم الذي يمثل رمزية البلد، ستجدون في بعض الدوائر علما متسخا ألوانه تختلف من علم إلى آخر ونوعية القماش تجده قماشا رخيصا سواء أمطرت الدنيا أو جاء التراب والغبار، فتجد هذا العلـَم المسكين يبقى على حاله الرديء وهو يمثل رمزية البلد، وهذا يؤشر على شيء وهو إن مسؤول الدائرة قطعاً حسه الوطني فيه نقاش، شاء أم أبى يقبل بهذا الكلام أو لا يقبل!
وأضاف عندما ائتي إلى سياسي يريد أن يطور البلد لكن يتعامل بصفقات تجارية ليست مشبوهة بعلامة استفهام واحدة وإنما بعشرين علامة استفهام؟!! قطعاً إن هذا السياسي عليه أن يراجع حسه الوطني!! عندما نتعامل مع موظف يأتي إلى الدائرة عند الساعة العاشرة ويخرج عند الساعة الواحدة ويرى بأم عينيه صفاً طويلا من المواطنين ينتظرون انجاز المعاملات ولا يكترث بهم أصلا ً هذا يحتاج أن يراجع حسه الوطني!! عندما نرى عراقيين كثيرين يريدون أن يخدموا البلد ويطرقوا جميع الأبواب ولكنها تكون موصدة أمامهم بأقفال من حديد، والذي أوصد الباب يحتاج إلى مراجعة حسه الوطني!! والإنسان الذي ليس له قطعة ارض ولا واسطة نقل ولا مرتب وهو يتعشق ويمسك تراب الأرض بكلتا يديه قطعاً هذا حسه الوطني أكثر بكثير وعلى بعض الساسة أن يتعلموا من هؤلاء!! والمسؤول الذي يضرب بالكفاءات العراقية عرض الحائط ويجعلها خلفه وهو يلهث وراء مصالحه ويسيل لعابه أمام حطام الدنيا الفانية! قطعاً هذا حسه الوطني ضعيف جداً أو ربما لا يوجد عند حس وطني أصلا!
وعقب بقوله: إن بعض المرضى بحاجة إلى جهاز الصعقة لعل الحياة تدب فيهم! وبعض الإخوة الموجودين يحتاجون إلى جهاز صعقة لعل الحس الوطني يدب فيهم، واغلب المشاكل المنظورة أمامنا ترجع إلى هذه المسألة، فالمحبة الوطنية هي تلك المحبة الناشئة من محبة الإنسان لوطنه، وتساءل بماذا نسمي الذي يدعي حب وطنه ولا يعمل من أجله، أو الذي يتاجر باسم الوطن وهو يذبح الوطن!!
وشدد على إن العراق بلد جريح ومرت به ظروف قاهرة وهو يحتاج إلى ضمادات وجهد مخلص في كل ما يمس المسألة وكلما ارتقى المسؤول إلى أعلى كلما كانت الأنظار مشدودة له، وهذا الحس الوطني الذي يبحث عن تشريع من اجل الوطن والعمل من اجل الوطن.
واستغرب سماحته من بعض الأمور السلبية السائدة في دوائرنا بقوله: أنا اخجل عندما اسمع من يقول جئنا إلى البلد والغريب إن الحالة السائدة في الكثير من الدوائر شجعتنا على الرشوة ونحن لم نكن نعرف الرشوة، فبينما تجد البعض جاء للخدمة الفعلية بيد إن هذا يتصل به جانباً وهذا يقول ما نسبتي! والنتيجة إننا سنعطي انطباعا سيئا للبلد ما يسبب عرقلة عجلة التطور فيه.
وأوضح إن بعض المخلصين يغيّبون ولا اعلم ما هو السبب ؟!! لماذا هذه الشخصية المخلصة مبعدة ؟! كل البيانات بيانات مكذوبة وقاصرة وفيها تشويش والسبب الحقيقي هو نقص الحس الوطني، لأن الحس الوطني لو كان فسيمنع الكثير من الإخفاقات، وتساءل سماحته مستغربا هل تباع الأحاسيس الوطنية؟! هل تشترى حتى نبذل لها مالا ً فنستوردها لا اعلم؟! أين الروح الحقيقية التي نعززها في حب الأوطان؟! هذه المشكلة لابد أن نتجاوزها وتلك الأنظمة التي محقت من المفترض أن تمحق معها الأنانية وتنبت مكانها حب الوطن والمواطن، وطالب مجلس النواب الموقر أن يتعامل مع هذه المسألة بتعامل خاص وان يثقف حقيقة على حب الوطن والبدء منهم لترسيخها وجعلها ثقافة متداولة عند الجميع.
وفي الختام دعا سماحة السيد الصافي إلى تكريس هذه القضية وجعل السياسة في خدمة الوطن، والتجارة في خدمة الوطن، والاقتصاد في خدمة الوطن، وبالنتيجة الاتفاقات مع الآخرين في خدمة الوطن، والاهتمام بالمواطن جزء من الاهتمام بالوطن، وخاطب السياسيين أن لا تتركوا الوطن بهذه الحالة ولا تغيب عن أذهانكم عملية الاهتمام بالوطن والمواطنين في كل ما تفكرون فيه، فالإنسان عندما يضحي من اجل وطنه غير خاسر، والذي يحب وطنه لا يسرق ولا ينهب ولا يحول الأرصدة إلى الخارج ولا ولا ولا، بل يكون شعاره حب الوطن مدعاة للسلام...
موقع نون خاص
أقرأ ايضاً
- في الجلسة (٣٢) لمجلس محافظة كربلاء... دعم التعداد السكاني واستملاك البلديات للعقارات وتوسيع قضاء الحسينية
- "أزمة ثقة".. نتنياهو يقيل وزير الدفاع غالانت
- السوداني لبلينكن: ضرورة أن تضاعف الولايات المتحدة جهودها من أجل إيقاف الحرب