- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
فتوى" الدفاع الكفائي" للمرجعية الحكيمة .. حمت العراق وكرست مفهوم المقاومة في وجه الإرهاب
بقلم: منال ضاهر - بيروت
تحررت الموصل وأعلنت هزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي وانهارت دعائمه وتحرر العراق مهد الثقافات والحضارات وملتقى الديانات ومحط الرسالات، عراق الأصالة والإنتماء لمحمد (ص) سيد الأنبياء، عراق علي (ع) من ردت له الشمس في تلك الحرب المقدسة، عراق الحسين (ع) وكربلاء وتاريخ عظيم من الفداء والعطاء، لتبقى كلمة الله هي العليا.
قواعد الحرب معروفة لا لبس فيها ولا يختلف عليها أصحاب الإختصاص وأهل الخبرة من عسكريين ولوجستيين ففي الحرب كر وفر وآليات وعتيد وعتاد وهجوم ودفاع وأرواح تزهق وشهداء، الحرب هي الحرب سواء أكانت كلاسيكية أو كانت حرب مفروضة وفي كليهما قاعدة حتمية إما النصر أو الهزيمة إلا في الحرب مع الإرهاب لا مكان إلا للنصر.
عندما سقطت الموصل بيد الإرهابيين وأعلن تنظيم “داعش” أرض خلافته المزعومة من العراق إلى سوريا إلى كل بقاع الأرض، بدا المشهد هزلي تماما كهزلية الكيان الإسرائيلي الذي رسم حدوده من النيل إلى الفرات فكان الجامع بين التنظيم والكيان واحد والداعم واحد والهدف واحد.
كان قد بدأ عدوان “داعش” على الموصل في الرابع من حزيران / يونيو من العام 2014 وتمكنت عناصر التنظيم الإرهابي من إحكام سيطرتها على المدينة في الـ 10 من نفس الشهر، علما أن الموصل من أكبر وأهم المدن العراقية من حيث موقعها الإستراتيجي والتاريخي وغنية بثرواتها الطبيعية والحضارية والثقافية، وقد تزامن ذلك مع مقاومة بعض من قوات الجيش العراقي وفرار البعض الاخر او التحاقه في صفوف التنظيم، وبعد سقوط المدينة بدأ توسع “داعش” يتصاعد وفي فترة وجيزة سيطر التنظيم على محافظة نينوى، في ظل ذهول وتخبط في الاوساط السياسية والامنية والعسكرية في البلاد، قبل أن تأخذ المرجعية الحكيمة قرارها بضرورة التدخل وإصدار فتواها الشهيرة "فتوى الدفاع الكفائي" لإعلان الجهاد وتحرير البلاد وحمايتها والحفاظ على وحدتها أمام الأخطار المحدقة بالبلاد.
وجاءت الفتوى يومها في الـ١٤ شعبان عام ١٤٣٥ والذي يقابله يوم ١٣ حزيران 2014 على لسان ممثل المرجعية الشيخ عبد المهدي الكربلائي من كربلاء المقدسة والتي نصت على ما يلي: "إن طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه في الوقت الحاضر تقتضي الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه وهذا الدفاع واجب على المواطنين بالوجوب الكفائي، ومن هنا فإن على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم عليهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية لتحقيق هذا الغرض المقدس".
وكانت قد أعلنت الحكومة العراقية بشخص رئيس الوزراء حيدر العبادي عملية تحرير نينوى في تشرين الأول/اكتوبر من العام 2016 بمباركة المرجعية الدينية ممثلة بالسيد علي السيستاني وباصطفاف الشعب خلف مرجعيته التي أكدت انها لكل العراقيين وليست لمذهب او طائفة فقط.
وعندما أعلنت المرجعية الدينية في العراق فتوى "الدفاع الكفائي" ضد “داعش” والتكفريين، التف العراقيون حول فتوى آية الله العظمى السيد علي السيستاني وانطلقت معركة التحرير، وأكد كل العراق بكل تياراته وأحزابه وقومياته على جدوى الفتوى وحكمة المرجعية، وتطوع من تطوع ليكون الحشد من الشعب وباسم الشعب يقاتل دون تباطىء أو تخاذل، وليتحد الحشد مع الجيش في الدفاع والتحرير.
والحرب على الإرهاب باتت حرب وجود لا مجال فيها للتهاون والتنازل قيد أنملة عن شبر واحد من أرض العراق الذي احتله الطامعون بخيراته وسعيا لتأجيج الصراعات الدموية والطائفية فيه، وعندما تصبح الحرب حرب وجود لها كل هذه المعاني تصبح حربا على الإرهاب بكل أشكاله وعليه يجب الضرب بيد من حديد لاجتثاث هذا الإرهاب وجماعته وتطهير العراق من أفكارهم وعقولهم صونا للبلاد وللمنطقة ككل.
"الفتوى المقدسة" التي حيرت صناع القرار الغربي وجعلتهم يبحثون عن ماهية المؤسسة الدينية المتمثلة بالمرجعية الحكيمة علهم يجدون سبلا لاختراقها والتأثير عليها باءت محاولاتهم بالفشل.
وكان اللافت خلال معركة الموصل هذا التناغم الكبير بين كل مكونات القوات العراقية من جيش وشرطة اتحادية وحشد شعبي وتكاملت الأدوار بين الاداء العسكري للجيش والقوات النظامية وبين اداء حرب الشوارع حيث حصلت المعارك من حي إلى حي ومن بيت إلى بيت في عملية تطهير الأرض من الإحتلال التكفيري، وتسارعت الضربات ومعها وتيرة انهيار بمعارك تنظيم “الخرافة” وتهاوت “أسطورة” المشروع الأميركي السعودي الإسرائيلي بتقسيم العراق والدول المجاورة.
سقوط “داعش” كان أمرا متوقعا منذ صدور فتوى آية الله العظمى السيد السيستاني بمواجهته والمسألة كانت مسألة وقت، بتضحيات وعزيمة رجال أعاروا الله جماجمهم، فكان لهم ما أردوا بتطهير الأرض من تكفيريين استباحوا الحرمات والأعراض وسبوا النساء وحللوا حرام الله وحرموا حلاله وعاثوا في الأرض فسادا ومجونا باسم الدين إلى أن صارت فتاويهم تخطيا لحدود الله وتحديا له جل جلاله، والأكيد أن كل حرب خاسرة ما لم يكن الإيمان بالله فوق كل اعتبار وما لم يكن الهدف تحرير الوطن والإنسان من قيود الإحتلال والإرهاب.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!