حجم النص
بقلم:علي حسين
محمد حسين عبد الرحيم الفنان الذي ملأ ذاكرة العراقيين بالبهجة . كان العراقيون ينتظرون أن ينشر البسمة من على شاشة التلفزيون، فإذا به يثير حزنهم وهو طريح الفراش، ويثير حيرتهم لأن الفنان الذي استطاع أن يُضحكَ، الصغار والكبار، يشكو ضيق الحال، وضيق المكان، وضيق الهوية، ويطالب وهو الفلسطيني الذي ولد في العراق، بأن تمنحه هذه البلاد جنسيتها، بعد أن منحها البسمة والفرح. فاذا بها تقول له عليك أن تنتظر " حق العودة " .
الفنان الذي كانت الناس تتوقع أن يسكن قصراً شيبهاً بالقصور التي يسكنها ساسة البلاد ونوابهم، اتضح أن سنوات عمره التي قضاها في العمل الفني لم تمكنه سوى من السكن في شقة صغيرة جداً، في حي من أحياء بغداد.
وأنا أشهد محمد حسين عبد الرحيم يفترش الأرض، تذكرت هذا الفنان عندما كان اسمه، ملء السمع والبصر، وأيام كانت الناس تنتظر ماذا سيقدم لها على شاشة التلفزيون.
مأساة محمد حسين عبد الرحيم، هي صورة مصغرة لمأساة الفلسطينيين الذين عاشوا حلم الدولة، فإذا بهم يعيشون في ظل بلدان كانت ذريعتها الوحيدة لاضطهاد الشعوب هي قضية فلسطين التي يرفع شعارها الثوار الكذبة الذين وصفهم مظفر النواب أصدق وصف :من باع فلسطين سوى الثوّار الكتبة؟.
جاء هنري كسينجر إلى أميركا صبياً ولم يصبح مواطناً أميركياً، إلا بعد أن بلغ الثامنة عشرة من عمره، لكنّ هذا لم يمنع البيت الأبيض من أن يسلّم مفاتيح سياسته الخارجية بيد هذا الألماني القصير القامة، بعد كسينجر حملت الجيكية أولبرايت هموم الخارجية الأميركية، فيما سُلّم للأفغاني زلماي خليل ملفاً خطيراً ومهماً مثل ملفّ العراق.
ولا أريد أن أُذكّر جنابكم الكريم بأن الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي ابن مهاجر من المجر، ولم تقم قائمة الإعلام ولا الفضائيات حين قالت الحاجة الكينية سارة عمر، جدة الرئيس الأميركي أوباما التي اعلن عن وفاتها اليوم : اللهمّ أدخل حفيدي أوباما الإسلام. وقد جعلت فرنسا رشيدة داتي وزيرة للعدل من دون أن تسألها لماذا ولدت في المغرب.
لقد ألغت الأنظمة الحديثة الحدود الجغرافية، وأصبح البحث عن الأصول اختراعاً عراقياً بامتياز، حُرم مئات الآلاف من العراقيين من حقوق المواطنة وهُجّروا وبيعت ممتلكاتهم، لأنّ القائد المؤمن كان يشك في أصولهم!.
تخيل جنابك أن محمد حسين عبد الرحيم يستجدي العلاج، ويطالب بالإنصاف، في الوقت الذي يقيم فيه أبناء المسؤولين الفلسطينيين في بلدان اوربا يتمتعون بالجنسية والثروة ، فيما قادة "النضال" حولوا القضية الفلسطينية الى مقاولات ومشاريع ومساعدات امريكية واوربية .
سيقول البعض حتماً: يارجل، لا تزال القدس القضية المركزية للعرب، ونقول ولايزال المواطن الفلسطيني يحلم بالحياة الكريمة ، مثلما يحلم العراقي بان يتخلص وباء السياسة ووباء الشعارات الكذابة .
أقرأ ايضاً
- ابو طالب صاحب الحضور الكبير في كربلاء و الذي استشهد (28) مرة يوم عاشوراء
- افواه لا تفتر عن الدعاء لصاحب فتوى التكافل
- ابن سلمان لماذا يقلقه صاحب الزمان ؟