حسين فرحان
من المنطقي جدا، أن تجد صعوبة بالغة في إفهام شخص ما فحوى قضية معينة وهو لايمتلك أدوات الفهم، او أن تشرح له معنى مصطلحات مهمة كالمباديء والقيم والمصالح العليا، أو أن تبيّن له مجريات حياته العامة او طبيعة انتمائه، أو أن توضح له خطورة أن يكون إمّعة.. أو أن تخبره مثلا بأن هذا الحسين وذاك يزيد .. وأن هذا يمثل الإصلاح وذاك يمثل الخراب، وأن هذا ينفعك وهذا يضرك، وستدرك أيها الناصح بأن الضجيج الذي تصنعه طبول الحرب وأبواقها قد جعل هذا الفاقد لأدوات الفهم من فصيلة الطُرشان وغبار التضليل الإعلامي قد حجب عنه الرؤية ليكون في عداد العميان، ولن ينصت لك مع وجود مثل هذه العوامل أو غيرها كمكافآت الأمير الجاهزة أو سياطه ، بل أن مجرد الوقوف مع سبعين ألفا من الهمج الرعاع كفيل بأن يمنحه صفة البهائم بل أضل سبيلا.
جاهل.. مغيب.. دنيوي.. مادي.. مريض.. شخصيته مهزوزة ناقصة.. أحمق.. مستهتر.. انتهازي.. جبان.. لص.. وغيرها مما حوته القواميس من رذائل الصفات.. برأيكم في أي من المعسكرين سيكون؟ مع الحسين أم مع ابن مرجانة؟
العفن الأموي يستقطب هؤلاء كالجيفة تستقطب الذباب.. وعلى زهرة الحسين حامت بضع فراشات.
وما يزال هذا المشهد ساري المفعول.. فلم يعد من ّالصعب معرفة كنه أولئك الذين ينقضّون عليك بآلاف التعليقات الماجنة في مواقع التواصل، لأنك قلت كلمة تنتمي للحسين، فهم قد ملأوا المكان وصنعتهم الآلة الإعلامية الحاقدة كيفما شاءت .. خلطت الأوراق .. شوهت الحقائق .. زيفت الصور والوثائق .. كتبت التاريخ فجعلت عَالِيَه سَافِلَه وصنعت من القردة رموزا،
جرب أن تمدح المرجعية .. سينقضّ عليك الذباب ..جرب أن تذكر العمامة بخير ستنهال عليك الألسنة البذيئة بالشتائم.. جرب أن تدخل فيما اتفقوا عليه وتعترض او تنتقد ستكون مجرما ولن يتركوك.. لديهم بضع كلمات جعلها الإعلام المُضل كالعلكة في أفواههم وقد أدمنوا تناولها وتداولها فالحسين خارجي وأهله وصحبه خوارج وانتهى الأمر، لقد اقتنع هؤلاء بذلك، وأمثالهم اليوم يكررون المعنى ذاته بالفاظ مختلفة، فالمرجعية ومنجزاتها، و العتبات ومشاريعها، والحشد وانتصاراته، والعمامة ومنزلتها، والمعمم ومكانته، والشعائر وقدسيتها .. مفردات تستفزهم كثيرا وعبارات مثل ( لا نصلح للحكم.. ونحن اهل الشقاق والنفاق.. ولا ينفع معنا الا القوة .. والترحم على الطاغية.. والحنين للزمن الجميل)، وعبارات استفهامية مستهلكة مثل (أين أموال العتبات.. وأين أموال الخمس.. وأين المرجعية مما يجري ) وغيرها هي ما دأبوا على تكراره، وإن لم يكونوا قد اتفقوا عليه مسبقا، ولو تابعنا أغلب تعليقاتهم في مواقع التواصل على ما مضى ذكره فسنجدها لا تخلو من واحدة من هذه الكلمات مع صياغات مختلفة للعبارات، صنعتها الماكنة الإعلامية ورددتها كثيرا حتى لم يجد هؤلاء المفسوخة عقولهم سواها يرددونها، فصاروا أداة بيد عدو اختطفهم إعلاميا منذ عقد ونصف العقد ومنحهم سمة جلد الذات والتنكر للأصل والإنتماء من حيث لايشعرون، فوقفوا مع ابن مرجانة يهتفون للشمر وهو يحتز الرأس الشريف.
أقرأ ايضاً
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني