- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الإفلاس الإعلامي بين الإستملاك والإستهلاك..الجزء الأول
حسن كاظم الفتال
الإفلاس من الشيء أو للشيء يعني فقدانه والشخص المفلس الذي فقد ما يملك من مال أو فقد رأس ماله وبات عاجزاً عن وفاء ما عليه من حقوق مالية أو فقدان القدرة على التسليم أو على مواصلة التعاطي مع مجريات العمل ومتطلباته.
وإنطلاقا من مبدأ تبسيط الأمور وتجنباً للتعقيدات بتداول الكنايات أو الاستعارات أو العبارات الاستهلاكية الجاهزة الغامضة وتجردا من إتيان المصطلحات والمعاني البليغة يمكن أن يتم تعريف الإفلاس بأنه التحول من موقع الخصب أو الرفاه والبحبوحة والتنعم إلى موقع الجدب والحرمان وخشونة وشظف العيش والبؤس.
ومتعددة هي العوامل والعناصر تلك التي توقع الأفراد في فخاخ الإفلاس ولعل من أبرزها عامل انعدام الاحترافية في العمل وعدم إتقان استخدام سبل ووسائل التبادل الحرفي بأفضل وجه.
والسقوط في منحدر الإفلاس ينتج تداعيات وتبعات وعواقب وانعكاسات كثيرة ثم يحدث توجسات في نفس من يواجه هذا المصير المحتوم.
وليس بالضرورة أن يتمحور مفهوم أو معنى الإفلاس وكنهه بجوانب مادية أو مالية أو عملية فحسب إنما هو يتعدى ذلك ليكتسح مجالات معينة من مجالات الحياة العامة ومعتركاتها.
مثلما ليس بالضرورة أن يكون الأفراد عرضة لمقتضى الإفلاس فحسب إنما هو واقع يشمل المؤسسات أو المنظمات أو الجمعيات أو الجماعات.
وحين نتخذ من مفردة أو مصطلح الإفلاس معنى للفقدان وانعدام القدرة على مواصلة التعاطي مع مجريات العمل ومسايرة الواقع فيعني ذلك إنه لا يقتصر على الوسط العملي التجاري أو التعامل النقدي أو الإقتصادي إنما كل الأوساط يمكن أن تجتاحها رياح الإفلاس فثمة إفلاس سياسي أوديني عقائدي أو فكري أو علمي أو ثقافي أو إعلامي. وهذا المعنى ينبثق منه القول المأثور: فاقد الشيء لا يعطيه.
إذاً بعد أن اتضح أن الإفلاس هو فقدان الأشياء وعدم القدرة على العطاء وبعد أن تبين أن هذه الأوساط والتصنيفات هي عرضة للسقوط في هوة الإفلاس إذن هي غير قادرة على العطاء أو الإيفاء ومنها الوسط الإعلامي.
سريان الإفلاس الإعلامي
يبدو أن الإفلاس كتشبيه أو استعارة أو كناية قد أصاب المشهد الإعلامي الثقافي إصابة دقيقة وأعياه ونخب عمق هيكله الرصين وصميمه المعافى ليحيله إلى جسد عليلٍ متهاوٍ رغما عنه.
وبات هذا المشهد تعتصره علل التردي والإنهيار وأنشأ خيبة أمل كبيرة في نفوس المعنيين بسبب تقويض جوهرية مهمته وإنعدام أصل السمة أو الرمزية المعنوية التي يتميز بها أو إتلاف الهوية الحقيقية التي كانت تشكل نقطة ضوء ساطعة أزهى السطوع في ميدان المشهد الثقافي الإنساني الإجتماعي.
وصار التجهم والبؤس يلفع من يمر حين يرنو إلى واجهات بعض المؤسسات الإعلامية وإلى يافطاتها التي يُنقَشُ عليها اسم أو عنوان المؤسسة. ورغم أن معظم هذه اليافطات تخضع لمحاولات التزيين والتزويق وتزركش بعبارات وشعارات براقة عسى أن تجذب متلقين من حواري الثقافة والإعلام عند مشاهدتهم إياها.لكنها لم تفلح بذلك. بل ساهمت في النفور بدل الجذب.
عوامل كثيرة تلك التي سببت نفور المعنيين وأصحاب الشأن أو المختصين أو المتلقين في مقدمتها إفراغ الرسالة الإعلامية من محتواها أو بنيتها الجوهرية وبسبب تشويه الصورة الحقيقية للهوية التي يُشَخُصُ بها الإعلام كل ذلك صنعته الإرتباطات والتبعيات وغياب عنصر الإستقلالية للأفراد والمؤسسات ناهيك عن أن المنظومة الإعلامية تسلل إليها واخترقها أخطر وباء وهو وباء الفئوية والمحسوبية والمنسوبية وقوضتها تداعيات التناحرات والصراعات والتجاذبات الفكرية المشوشة الأمر الذي راح يحدو بها عكس الإتجاه الصحيح.
الى اللقاء في الجزء الثاني
أقرأ ايضاً
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- الأولويّةُ للمواطنِ وليسَت للحاكم
- العراق وطن الانبياء ومسجد ومرقد الأولياء