- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ضريبة الخطيئة محل ضريبة الاتصالات في موازنة 2019
بقلم: علي كريم المياحي
للسنة الخامسة على التوالي ومنذ تعرض العراق لأزمة مالية خانقة في 2015 ناتجة عن انخفاض حاد في اسعار النفط الذي يعتمد عليه الإقتصاد العراقي بشكل شبه كلي تفرض الحكومة العراقية في موازناتها المالية ضريبة على مبيعات كارتات شحن الهواتف والإنترنت بنسبة 20% يتحملها المستهلك العراقي وهذه الأعباء المالية تمثل حملا إضافيا لمعاناة المواطنين، وضريبة المبيعات هذه تؤثر سلباً على المستهلك وشركات الاتصالات على حد سواء (إنخفاض الإيرادات وانكماش في أعمالها) وعلى بيئة الأعمال أيضاً، ويعد توفر الاتصالات و الانترنيت عالي الجودة والأقل تكلفة من البنى الأرتكازية التي تعمل الدول الناهضة على تحسينها لجذب الاستثمارات المحلية والخارجية عبر بيئة أعمال جاذبة وإيجابية ومرنة.
وتجدر الإشارة أن البنك الدولي يفترض أن يحصل العراق على إيرادات تقدر ب 5 مليار دولار سنويا من التعرفة الجمركية (البالغة مليار دولار حاليا) مقارنة بحجم وارداته من السلع والخدمات ولكن تتغافل الحكومة عن هذا القطاع الحيوي والمهم لتمويل الموازنة الاتحادية لاجندات خاصة! بالمقابل تسلط جام غضبها على المواطن البسيط عن طريق ضريبة الاتصالات والتي تقدر ب (500) مليار دينار سنويا! وعودا على ذي بدء فإن ضريبة الخطيئة المصطلح الجديد الذي أصبح خيار تنتهجه الكثير من الدول كجزء من السياسة الضريبية لتعزيز عوائدها المالية والحد من استهلاك المواد الضارة بالصحة والبيئة على أن تخصص تلك العوائد كما تحث منظمة الصحة العالمية الدول إلى دعم وتوفير الرعاية الصحية لمواطنيها، وكمفهوم عام تعرف ضريبة الخطيئة Fiscal Tax ومن اسمها خطيئة اي تفرض على تناول السكائر (الاعتيادي والالكتروني) والخمور، ويمكن التوسع أكثر بالمفهوم كما جاء في القانون الذي أصدرته السعودية 2017 حيث شمل مشروبات الطاقة والغازية أيضاً وهو طريق وجدته تايلند الحل الأمثل للحد من استهلاك التبغ والخمور حيث فرضت ضريبة خطيئة بنسبة 20% على الخمور و 40% على التبغ وتركيا قيدت احتساء الخمر بشكل كبير عبر قانون أصدرته نهاية 2017 لإنقاذ المجتمع كما يقول اوردغان واستراليا فرضت ضريبة على التبغ جعلت العلبة الواحدة منه بسعر 30-40$ لأجل إنقاذ عشرات الآلاف من الأرواح وتجنب الإصابة بالسرطان كما تقول الصحة الاسترالية وأما تركمانستان فذهبت إلى أبعد من ذلك فقد منعت تناول التبغ بشكل نهائي كأول دولة بالعالم تتخذ هكذا قرار وفرضت ضريبة تقدر ب 1700$ على بائعي التبغ في حال تم ضبطهم.
وحسب الصحة العالمية إن 2.3 مليون شخص يموتون سنويا بسبب تناول الكحول فيما يموت نحو 6 ملايين لتعاطيهم المفرط للتبغ إضافة إلى الأمراض الأخرى وتتوقع منظمة الصحة ارتفاع عدد الموتى الى 7.5 مليون في عام 2020 وتوصي المنظمة البلدان بسن التشريعات المهمة للحد من استهلاك التبغ.
ولذلك معظم الدول قامت بسن القوانين اللازمة بعد الزيادة المطردة في التكاليف الاقتصادية والاجتماعية جراء الإفراط في تناول الكحول والسكائر ومع زيادة نسبة المدخنين الى 40% وارتفاع في نسبة تناول الخمور في العراق والمؤلم جدا كثير منهم مراهقون فيفترض بالحكومة ومجلس النواب أن يتجهون لتشريع القوانين الفعالة وفرض الضرائب التصاعدية على منتجي ومستوردي السكائر والخمور وأن تتحول هذه العوائد الناتجة عن ضريبة الخطيئة الى قطاع الرعاية الصحية ومع وصول مسودة قانون الموازنة العامة لعام 2019 إلى مجلس النواب اقترح الغاء ضريبة الاتصالات سيئة الصيت واستبدالها بضريبة الخطيئة ذات الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية وقد يحصل العراق من خلالها على عوائد مالية تقدر ب 1.5 مليار دولار بشكل مباشر على أقل تقدير وأيضا التخلص من تكاليف اقتصادية تقدر ب 4 مليار دولار بشكل غير مباشر جراء أتباع هذه السياسة لجعل العراق ضمن قائمة البلدان الأكثر صحة وحيوية وأخشى أن بقي الوضع على ماهو عليه دون حلول ناجعة ورشيدة وسريعة أن تكون العواقب وخيمة على المدى المتوسط والطويل.
أقرأ ايضاً
- إعفاء فئات من الضريبة؟ ام كسب اصوات في انتخابات قريبة؟
- جريمة الاعتداء على وسائل الاتصالات
- الاستثمار القَطَري والموازنة الثلاثيّة وطريق التنمية في العراق