بقلم | سالم مشكور
التراشق الذي شهدته الساحة مؤخراً حول اتهامات ببيع أو شراء منصب رئيس البرلمان ليس بالأمر الجديد، فبورصة المناصب يزدهر عملها بعد كل انتخابات دون أن يعني ذلك أن كل المناصب تخضع لهذه البورصة. قد لا يتوفر لي دليل ملموس على حقيقة ما أطلق من اتهامات بشأن عروض أو مدفوعات تخص منصب رئيس البرلمان لكن هذه الظاهرة ليست جديدة بل هي حاضرة منذ 2003، ملايين الدولارات تُدفع من المرشح لوزارة أو موقع رفيع، الى كتلته جرّاء هذا الترشيح، ليقوم، بعد توليه المنصب بتحصيل أضعاف ما دفعه، من خلال العقود والمشتريات وباقي أنشطة الوزارة أو الهيئة.
أحد وزراء الحكومة الحالية، تسلّم مهامه مع بداية التقشف، ووقف كافة العقود والمشاريع، وكانت وزارته في الأساس تفتقر الى المشاريع التي يمكنها تعويض مبلغ أربعة ملايين دولار اعترف انه دفعها لكتلته، بحث في التقارير والكتب السابقة فعثر على ما يمكّنه من ابتزاز شركات من القطاع الخاص تعنى وزارته بنشاطها بشكل غير مباشر.
بعث لها كتباً رسمية طالباً وقف كافة أعمالها، فيما جال مندوبه عليها عارضاً على كل منها دفع عشرة ملايين دولار مقابل غض الطرف عن عملها، لكن مدراء هذه الشركات تصرفوا بشجاعة واتصلوا برئيس الحكومة وأخبروه بالأمر فأحبطوا ما أراد الوزير فعله. المضحك المبكي أن ذلك الوزير، الذي فقد منصبه لاحقا بعد دمج وزارته بوزارة أخرى، ردّ على من عاتبه على تصرفه بالقول: وكيف لي أن أعوض الملايين التي دفعتها لكتلتي؟.
نحن الان على أبواب تشكيل حكومة جديدة وستدخل المناصب الوزارية وما دونها، هذه البورصة، لتنعكس لاحقاً عمليات ابتزاز وفساد كبير من أجل تحصيل أضعاف ما تم دفعه.
ستنشط المافيات باتجاه المسؤولين الجدد لمساعدتهم في تعويض ما دفعوه في شراء المنصب. سنشهد الكثير من المشاريع الوهمية والمشتريات بأضعاف السعر الحقيقي والمشاريع التي تُنّفذ بكلفٍ عاليةٍ وجودةٍ منخفضةٍ. هذا يحتاج من رئيس الحكومة القادم، أيّاً كان، اهتماما خاصاً وجهداً استباقياً لإحباط عمليات الفساد قبل وقوعها، وتكثيف الإجراءات الرقابية وتوجيه ضربات حازمة لعدد من الفاسدين لردع الاخرين.
ستكون تلك بداية موفقة لعمل رئيس الحكومة القادم، تكسبه ثقة الجمهور الذي ينتظر من يتعدى حدود التصريحات والنوايا، الى إجراءات حقيقية وشجاعة لمكافحة الفساد.
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- القنوات المضللة!!
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!