د.علي حسين يوسف
يبدو أن النحو العربي بعد سنوات من بداية تدوينه تحول إلى قواعد شائكة تستعصي حتى على العلماء أنفسهم، فقد روى السيوطي في (بغية الوعاة) أن الكسائي قد مات وهو لا يعرف شيئا عن نِعمَ وبِئسَ وأنَّ المفتوحة والحكاية!... وأنَّ الخليل لم يكن يحسن موضوع النداء... وأن سيبويه لم يكن يدري معنى التعجب وكان يلحن في كلامه!
وذكروا أن رجلا قال لابن خالويه: أريد أن تعلمني النحو والعربية كي
أقيم به لساني.
فقال له ابن خالويه: أنا منذ خمسين سنة أتعلم النحو وما تعلمت ما أقيم به لساني.
ويبدو أيضا أن السبب في ذلك يعود إلى النحاة أنفسهم فقد جعلوا منه صنعة غامضة تقتصر على نفر قليل تعمّدا ليكون أداة للكسب وجمع المال كما يفعل الشعراء، فقد روى الجاحظ في كتاب الحيوان، أنه قيل للأخفش: مالك تكتب الكتاب فتبدؤه عذبا سائغا ثم تجعله غامضا ثم تعود به كما بدأت ؟
قال: ذلك لأن الناس إذا فهموا الواضح فسرَّهم، أتوني ففسرت لهم الغامض فأخذت منهم (النقود)!
وروي السيوطي أيضا: أن سيف الدولة قال ذات ليلة: هل تعرفون إسما ممدودا جمعه مقصور
فقالوا: لا.
فقال لابن خالويه وكان حاضرا: ما تقول أنت ؟
فقال: أنا أعرف إسمين.
قال: ما هما ؟
قال: لا أقول لك حتى تعطيني عن كل إسم ألف درهم!..
وكان نفطويه لا ُيقريء كتاب سيبويه إلا إذا أخذ المال في جيبه.
وحين ألف السيرافي كتابه الإقناع وجعله واضحا مفهوما هاجمه أصحاب الصنعة حتى قالوا فيه: لقد جعل السيرافي النحو على المزابل يتعلمه من يشاء!!!!
أقرأ ايضاً
- العراق، بين غزة وبيروت وحكمة السيستاني
- المسير الى الحسين عليه السلام، اما سمواً الى العلى وإما العكس
- مؤتمرات القمم العربية .. الجدوى والنتائج