خالد الناهي
يقال ان الشعب الألماني شعب بخيل جداً، والسبب في ذلك البخل يعود الى مجاعة حصلت لأجداد هذا الشعب أبان الحرب العالمية الثانية، اي مضى عليها ما يقارب الثمانين عام، والاجيال اللاحقة لا تريد ان تنسى تلك المجاعة.
ربما هذه المجاعة استمرت لسنه او اقل; ليس مهما مدتها; لكن ما يلفت الانتباه الأثر الذي تركته في طباع الشعب الألماني، فما بالك بشعب ذاق الويل جيلا بعد جيل، لا يكاد يفارق رائحة الموت منذ فترة طويلة، شعب طالما اتشح بالسواد ملبسه، ورائحة البارود تشم من مسافة بعيدة جدا، العاب أطفالهم اغلبها حرب وبنادق، يفرح او يحزن يطلق العيارات النارية، كل الحكومات السابقة، استبدلت عن طريق الدم، وكلما جاءت حكومة لعنت سابقتها، وقالت الخير قادم، لكن النتيجة أيضا موت، قتل، جوع ودمار
حتى اتى عام 2003 وشخصت ابصار الشعب الى القادمين من الخارج، حيث جاء من كان يعرف معنى الظلم، وعاش مرارته، لذلك اخذ الشعب يتأمل خيرا , بالخصوص هؤلاء كانوا خارج العراق, وشاهدوا العمران والتطور الذي يعيشه العالم المتقدم, حتما سينقلون تجربة العالم الى العراق, ويعيدون بناءه بالسرعة القصوى, فيرفه الشعب وينسى الأيام المرة التي كان يعيشها.
فهذا بروفسور وذاك دكتور، وفلان عالم ذرة، وعلان عالم بالفيزياء، جعلتنا هذه الألقاب نستشف ونستنشق عبق الحضارة والتطور وجميعنا صنع لنفسه حلم بقدر حاجته، أحلام ليست كبيرة، بقدر ما هي طبيعية، فبعضنا يريد ان يعيش بسلام، واخر يريد مصدر للرزق وثالث يتزوج، واخر يريد سكن وهكذا
انطوت السنين وانقضت الأعوام، ولم يتحقق أي شيء، فمن جاء من الخارج وامسك دفة الحكم، لم يفكر الا بنفسه، ولم ينظر الى الشعب الا نظرة الخائن الذي كان راضخ للأنظمة السابقة، فراح يضع لنفسه الامتيازات، يخصص له الأموال التي تغنيه مدى الحياة، اما الشعب حتى مفردات البطاقة التموينية، أصبحت حلم يضاف الى احلامه السابقة.
في ضل هذا الجو البائس , يوجد هناك امل قادم من بعيد، يحاول ان يطرح مشروع بناء دولة, يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات, يقول انت عراقي فقط هذا ما يهمني, باقي المسميات هي تعنيك لا تعنيني, ما يهمني فقط عراقتيك.
لكن المشروع جاء في وقت عدم الثقة، حيث اغلب الشعب يشعر بالإحباط من مجمل ما حصل، ولم يعد يثق باي شخص كائن من كان، لذلك من الصعب جدا ان يتقبل أي مشروع حتى الصادق منه، لكن يجب على صاحب المشروع ان لا ييأس ويستمر، ويثبت للشعب من خلال البحبوحة التي لديه، انه جاء ليخدمهم فقط
نعم من يقدم زهرة لأنسان جائع، ليتوقع منه اما ان يأكل الزهرة او يدوسها بقدمه، لأنه يعتبره انسان فارغ ولا يشعر بمعاناة الجياع، لذلك على من أهدى الزهرة، محاولة افهامه، انه يعلم بمعاناته، وما هذه الهدية الا تضامن مني اليك