- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قراءة اولية في بيان المرجعية العليا
عباس الصباغ
حسمت المرجعية الدينية العليا في بيانها الاخير الذي تلاه ممثلها في كربلاء الجمعة الفائتة، منظومة الجدل المستطير الذي سبق الانتخابات البرلمانية المرتقبة وحول جدوى المشاركة فيها من عدمها، ووضعت النقاط على الحروف حول هذه الممارسة الديمقراطية التي حُرم منها الشعب العراقي طويلا، وحمل البيان التاريخي اكثر من دلالة رمزية كونه جاء من ذات المنبر الذي انطلقت منه فتوى الجهاد الكفائي الفتوى التي حسمت النصر للعراق، ومن ذات المنبر ادلت المرجعية العليا بيانها الحاسم والمؤثر ولتضع خارطة طريق لسير الانتخابات ولتقطع الطريق على الاصوات النشاز التي حاولت ان تعرقل الجماهير عن ممارسة حقها الانتخابي وبشتى الطرق من التسقيط والتثبيط والمواقف اللامسؤولة.
واعادت المرجعية تاكيدها القديم والمتكرر على وقوفها الابوي والحيادي وعلى مسافة واحدة من جميع الكتل السياسية وعلى اختلاف مشاربها الانتخابية والسياسية لتقيم الحجة على من يتعكز منها على ثقل المرجعية الاستراتيجي في الماراثون الانتخابي او الادعاء بان القائمة الفلانية تدعمها المرجعية، واوصت بان تكون المنافسة بين المرشحين من خلال جدوى ما يقدمونه من برامج انتخابية مقترحة، والأهم أن تكون ممكنة التحقيق وفق أطر قانونية، وليس كما يعتمد بعضهم في دعايته الانتخابية على التأجيج العاطفي المغرض، والنفخ على النزعات القومية أو الطائفية لدى ناخبيهم، واعتماد سياسة التسقيط للآخرين باطلاق المهاترات السياسية والحزبية.
وعلى مستوى جمهور الناخبين فقد اوصت المرجعية بان يشارك المواطنون في الانتخابات من أجل تغيير الوجوه التي لم تجلُب الخير للعراق وفق مبدأ (المجرب لايجرب) وأعطت الحرية بذلك للمواطن للاختيار، بعد الفحص والتمحيص الدقيق لكل مرشح، وان المشاركة في هذه الانتخابات حق لكل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية، وليس هناك ما يُلزمه بممارسة هذا الحق إلا ما يقتنع هو به من مقتضيات المصلحة العليا لشعبه وبلده فهو حر مطلقا في هذا الحق ودون املاءات من احد كان، وناصحة اياهم بضرورة انتقاء العناصر المرشحة انتقاء سليما وعلى اسس من الكفاءة والنزاهة ودراسة تاريخ الشخصية المرشحة وواقعها الاجتماعي والعلمي والغوص في ماهية البرامج الانتخابية المطروحة وحيثياتها، والبحث عن مضامينها الاصلح للواقع العراقي المعاش وعدم الالتفات الى الشعارات البراقة والوعود الخلابة او التوجهات القومية والاثنية او التي تدعو الى تغليب الهويات الفرعية والمسميات الضيقة على حساب الهوية الوطنية العراقية الجامعة وعدم الانجراف خلف التوجهات الانتخابية التي تحمل لونا من التدخل الخارجي او التي تغرد خارج السرب الوطني، وبحسب البيان فان الانتخابات في نظر المرجعية يجب ان لاتخضع للمماحكات والسفسطات المزاجوية التي تشتت الراي العام والتي تدعو الى الاحجام او العزوف عن الانتخابات لاسباب واهية او غير مقنعة وتؤثر تاثيرا سلبيا على المجتمع بحجة انه لافائدة من اجرائها وانها مجرد تكرار لوجوه قديمة وتدوير برامج سياسية او تلك التي تدعو الى التصويت من باب اسقاط الفرض وبشكل عشوائي بحجة ان المساهمة في الانتخابات هي واجب وطني ولتفويت "الفرصة" على الاخرين او لاي سبب اخر لايخص الانتخابات .
وعلى صعيد النظام الانتخابي فقد اوصت بإن من أولى شروط نجاح العملية الانتخابية في البلد هي وجود قانون انتخابي عادل ونزيه، ينظم هذه الممارسة بشكل دوري، ليتم من خلاله اعتماد نظام واضح في حساب أصوات الناخبين على مرشحيهم، وليس فيه اجحاف وظلم في توزيعها؛ أي بمعنى أن لا تذهب أصوات الناخبين الى المرشحين غير الفائزين في القائمة الى غير مستحقيها بالفعل.. سواء أ كان ذلك المرشح رئيساً للقائمة أم لبقية المرشحين فيها.
ومن تاكيدات المرجعية الاخرى ان النظام السياسي الديمقراطي يقوم على أساس التداول السلمي للسلطة والعملية الانتخابية. وان الانتخابات حق طبيعي ودستوري للمواطن ومشاركته فيها مشروطة بانتخاب الاكفأ وعدم اعادة انتاج الفاشلين والفاسدين. والانتخاب يكون للبرنامج الاقتصادي والخدمي والتعليمي وليس للأشخاص والشعارات. ومنع التدخل الخارجي في الانتخابات وحصر العملية الديمقراطية داخل إطار الوطن والمواطن و عدم استخدام الرموز الدينية واسم المرجعية أو اي رمزية اخرى لها مكانة في نفوس المواطنين. ويكون إصلاح النظام السياسي من خلال استثمار فرصة الانتخابات. والتأكيد على التمسك بالتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة عن طريق صناديق الانتخاب بالرغم من اخفاقات المرحلة السابقة.