- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
شبكات التواصل الاجتماعي من منظور القانون الجنائي
القاضي علي كمال
إن الجريمة هي مجرد انعكاس للمجتمع الذي نعيش فيه، ولا يوجد شيء خطير أو جنائي في جوهر مواقع التواصل الاجتماعي ولكن من الأهمية بمكان أن يتم التعامل مع هذه المواقع باحترام نظرا الى المخاطر التي يمكن أن تترافق مع استخدامها.
هذه الحقيقة التي أكدتها العديد من المنظمات الدولية الخاصة بمكافحة الإجرام والتي دقت ناقوس الخطر من أن هذه المواقع تحولت إلى أداة لارتكاب الجرائم في مختلف أنحاء العالم، ولا يقتصر خطرها على بلدان العالم الثالث وإنما اجتاحت حتى البلدان الغربية التي تضع ضوابط مشددة وقوانين تكفل الاستخدام الآمن لشبكة الانترنت بشكل عام وشبكات التواصل الاجتماعي بشكل خاص.
ففي بريطانيا على سبيل المثال ترتكب الجرائم عبر هذه المواقع بمعدل جريمة كل أربعين دقيقة وتتنوع هذه الجرائم بين انتهاك حرمات الأطفال جنسيا والاعتداء والخطف والتهديد بالقتل وتخويف الشهود والاحتيال والسرقات الالكترونية والتهديدات الإرهابية والتجنيد للمنظمات الإرهابية.
ويقول الدكتور جيرالد نيرو الأستاذ في كلية علم النفس في جامعة بروفاس الفرنسية صاحب كتاب "مخاطر الانترنت" إن أول وأشهر شبكة من شبكات التواصل الاجتماعي هي الفيس بوك وإن هذه الشبكة التي تم الكشف عنها عام 2004 يديرها مجموعة شبكات يشرف عليها متخصصون نفسيا لاستقطاب الشباب وان الحوار عبرها هو وسيلة لسبر أغوارها النفسية وكشف نقاط الضعف وان هذه المواقع مزودة بخبراء نفسيين يكشفون عن الكثير من أسرار الشخص وحياته حتى لو دخل باسم مستعار.
فهذا يعني ان موقع الفيس بوك وهو أحد أهم المواقع الاجتماعية ليس موقعا للتسلية أو لقتل الوقت أو اللغو أو للدردشة الفارغة كما أنه أحدث انقلابا في نظريات الاتصال شكلا ومضمونا وبه تبدلت الأدوار والعلاقات.
فشبكات التواصل الاجتماعي تحولت الى عالم حقيقي من العنف الجسدي والمعنوي وتزامن ذلك مع حدوث تقدم هائل في عدد مستخدميها في السنوات الأخيرة.
هذا يحدث في عالم التواصل الاجتماعي ما دفع الدول المختلفة الى وضع استراتيجيات علمية للتعاون مع مواقع التواصل قبل أن تتحول الى أداة خطيرة للجريمة ومنها وضع العديد من التشريعات القانونية وتعديل ما هو موجود خصوصا في الجانب الإجرائي المتمثل بالتحقيق ومتابعة الجناة، اذا ان أغلب المخالفين يتخفون تحت ستار الأسماء الوهمية وتمثل أدوات اتصال الاعلام اليوم أهم وسائل الوعي الاجتماعي الثقافي في المجتمعات الحديثة ولم تعد هناك عزلة وانما تعدى تأثير هذه الوسائل خطوط الطول والعرض في معمورتنا لما تمثله من تقدم تقني وفني واعداد عالي المستوى يوظف دائما لخدمة الانسانية وتستغل من دوائر العولمة وتعميم ثقافتها على الشعوب الأخرى يقابلها اعلام عربي وعراقي ضعيف في مستوياته التقنية والبشرية ويفتقد الى الاساليب الفنية المتطورة في الوقت الذي تتسارع فيه المتغيرات في العالم بشكل مذهل.
ان الظروف الراهنة تتطلب العمل بكل الطرق للحد من سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل الانترنت والموبايل والفيس بوك والانستغرام والفايبر لما لها من مخاطر كبيرة على القيم الأخلاقية والقيمية لشبابنا المعاصر، فاليوم لا أحد يستطيع منع هذه الوسائل من التداول بين الشباب وأبناء المجتمع ولكن يمكن إجراء دراسات وابحاث لمعرفة تأثير هذه الوسائل في سلوك الأفراد والجماعات من أجل وضع خطط محكمة يمكن بها تفادي المخاطر على الفرد والمجتمع معا فالاستخدام السيئ لهذه الوسائل انما يأتي عن جهل وعدم وجود وعي اجتماعي بالفوائد لتمكن الحصول عليها من الاتصال والحصول على المعلومة المفيدة فالأجيال الجديدة لا تمتلك الخبرة الكافية في هذا المجال إذ أدى ذلك الى استخدام المواقع الإباحية والمواقع التي تروج للعنف والإرهاب وغيرها.
أقرأ ايضاً
- الجنائيَّة الدوليَّة وتحديات مواجهة جرائم الكيان الصهيوني
- حجية التسجيلات الصوتية في الإثبات الجنائي
- الجواز القانوني للتدريس الخصوصي