حجم النص
بقلم:حميد الموسوي بين حين واخر يطل علينا المركز الفلاني العالمي للدراسات الستراتيجية والمؤسسة الفلانية العالمية للاحصاءات الاجتماعية والبيئية والثقافية اما بدراسة، او باحصائية مقلقة، او باستطلاع مخيف، او بتقرير مسهب حول مختلف الاهتمامات والمشتركات الانسانية التي تجمع شعوب الكرة الارضية والستراتيجيات السياسية والاقتصادية الحالية والمستقبلية والتي هي من اختصاص الدول والحكومات. وكون العالم صار قرية صغيرة بفضل الطفرات الحضارية والتقدم التكنولوجي المذهل المتسارع وبعيدا عن التشكيك في اهداف وصدقية ومرامي هذه المؤسسات والجهات الداعمة لها فان وجود مثل هذه المراكز والمؤسسسات والمنتديات امر ضروري ولازم، وصدور تلك الدراسات والاحصاءات والاستطلاعات حاجة مفيدة شريطة ان تكون دقيقة ونزيهة ومحايدة فمع ضرورتها وفائدتها ستكون سلاحا ذا حدين. ففي حال دراسة هذه الاحصاءات والاستطلاعات والوقوف عند المحددات الاساسية التي قامت عليها ونقاط السلب او الايجاب التي تتسبب في حصول الحالة سيتم وضع الحلول المناسبة تارة بمعالجة الجانب السلبي الذي اوجد وتسبب في حصول حالة الفساد او الفقر او الرشا مثلا وتارة باستحداث اساليب جديدة للرقي بالحالة الايجابية والنهوض بها وتطويرها مثل النظافة، والنزاهة، والمواطنة المتميزة وكذلك السعادة والانتعاش الاقتصادي، والاستقرار النفسي. اما في حالة الاستخفاف بها واعتبارها نوعا من الترف فان ما شخصته سيزداد سوءا وستنظر الشعوب للبلد الاكثر فسادا وتعاسة باحتقار والتعامل معه بحذر. قبل شهور خرج علينا احد المراكز العالمية المتخصصة بتقرير عن الفساد المالي والاداري، ارفق مع هذا التقرير قائمة طويلة بأسماء الدول التي شاع وانتشر فيها الفساد المالي والاداري، فكان العراق في خانة العشرة الاوائل في الفساد وعلى ما اظن جاء ثالثا وبتفوق وجدارة بعد ارتيريا والصومال وبغض النظر عن وجود مبالغات في الموضوع الا اننا لا نستطيع ان ننكر وجود هذا الفساد!. وقبل شهر اظهرت احدى المؤسسات العالمية المتخصصة دراسة عن الشعوب التي تشعر بالسعادة والاخرى التي تشعر بالتعاسة طبعاً وفق معايير محسوبة بدقة مضافا اليها استطلاع كبير شمل شرائح مختلفة وعينات عشوائية من تلك الشعوب. وفي هذه المرة سجل العراقيون موقعا متميزا في ذيل قائمة التعساء واظن انهم احرزوا المركز ماقبل الاخير!. الى وقت قريب كنت اشكك بصحة هذه التقارير والدراسات واجادل واناقش واساجل ولكن: بعدما اظهرته وتظهره الهيئة العامة للنزاهة وما كشفته من بؤر فساد وافساد مالي وبارقام خيالية، من قبيل نشر اسماء اكثر من سبعين مرشحاً للانتخابات قدموا شهادات مزورة، ونشر اسماء محافظات ومستشفيات ودوائر مرور تتعاطى عملية الرشا وبشكل مفضوح وبعد الكشف عن شبكة التزوير في وزارات عديدة،وحصولها على مبالغ رشا خرافية لقاء تعيينات بدرجات وظيفية متنوعة. بعد هذه الفضائح السوداء لم يبق مجال للشك بان العراق وبالتاكيد سيدخل ضمن البلاد الافسد ماليا واداريا وعلاجه بهذه الرخاوة لن ولم يجد نفعاً ولا اصلاحاً. وبعد مناظر الابادة اليومية وانهار الدم والبطالة و شظف العيش التي نتابعها ونعانيها لم يبق شك ان العراقيين هم الاتعس والابأس والانكد. و"لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم"