
نقلة تقنية نوعية شهدها العراق منذ شهرين وتحديدا في عيد الشرطة التاسع من كانون الثاني عندما افتتح رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية مديرية الاستجابة والسيطرة المركزية في دائرة عمليات وزارة الداخلية التي خصص لها الخط الساخن (911) على غرار ما معمول به في مختلف الدول المتقدمة، وقد استمرت عمليات تشييد مبنى المديرية وتجهيز منظومات الاتصال الحديثة المتطورة وتدريب الملاكات العاملة التي توفر الحديث بخمس لغات مدة تقل عن (11) شهر، هذه المنظومة التي اختزلت (26) خطا ساخنا في المحافظات العراقية وتحول الى رقم وطني مجاني واحد، يقدم (71) خدمة امنية وخدمية وانسانية للمواطنين".
تطوير المؤسسات
وقال مدير المديرية العميد الدكتور "رائد عبد الكريم" في تصريح لوكالة نون الخبرية ان" وزارة الداخلية ومنذ تشكيل الحكومة الحالية باشرت برئاسة وزير الداخلية "عبد الامير الشمري" باستخدام اسلوب مختلف في تطوير مؤسساتها باكثر من منحى، الاول منها تمثل في الجانب الامني والعمليات، والمنحى الثاني هو التكنولوجي، لان في الوزارة الكثير من المديريات والتشكيلات التي تعمل بها ملاكات هندسية وفنية قام وزير الداخلية بتوحيد جهودها لتطوير مبنى ومديرية الاستجابة والسيطرة المركزية التي استحدثت في نهاية العام (2023)، وكانت الغاية منها توحيد ارقام الخطوط الساخنة الرسمية المثبتة والبالغ عددها (26) خط رسمي ساخن التي كانت تعمل في الوزارة، وبعد استكمال البيانات الموثقة اكتشفنا رقمين او ثلاثة غير موثقة رسميا، وقمنا بتوحيدها جميعا برقم واحد يشمل جميع خدمات وزارة الداخلية والوزارات الخدمية المرتبطة بعملها اثناء الواجبات، وهو امر سبب تغير بطريقة الاستجابة للحوادث بشكل شاسع، حيث كان المواطن الذي يتعرض الى حادث سير يتصل برقم مديرية المرور المخصص للحوادث وربما لا يتذكره، فيقوم بالاتصال بمديرية النجدة التي تحيله الى المرور وعند توجه ضابط المرور الى الحادث يكتشف وقوع اصابات ومنها يتم الاتصال بالإسعاف الفوري وهي عملية تستهلك وقت كثير لمواطن يستغيث، كما ان المتصل حال تعرض احد المقربين منه الى حادث او صدمة يكون مرتبك ولا يستطيع التركيز بأي جهة يتصل لانه يصعب عليه تذكر (26) رقم ساخن، فدعت الحاجة الى جعل هذا الامر من اختصاص رجال الامن في وزارة الداخلية حصرا وهم من يستقبلوا البلاغات والاتصالات من جميع المواطنين وبمختلف انواعها ويقوموا على اثرها الضباط المختصين بتصنيف نوع الحادث ليقللوا العبء على المواطن ويختزلوا وقت الاستجابة له".
الرقم المجاني (911)
واضاف ان " الهدف الثاني فيه جنبة اقتصادية هو ان الاتصال مجاني على المواطن وعلى الوزارة لان الارقام السابقة (26) رقما ساخنا كان بعضها يستخدم بتكاليف عند استخدامه من قبل المواطن وغير مدفوع الثمن اي يستقطع من رصيد هاتف المواطن، وعندما يكون الهاتف بدون رصيد لا يستطيع المواطن الحصول الى المساعدة من دوائر الوزارة المعنية، ونوع آخر من الهواتف الساخنة الاتصال مجاني ومدفوع الثمن على المواطن، لكن الوزارة تقوم بدفع تكاليف الاتصالات لشركات الهاتف بقوائم حساب سنوية تتضمن مبالغ طائلة، وتحصل احيانا مشاكل ادارية وقانونية بسبب الموازنات وتأخر صرفها، وضمن تأسيس المديرية وبعد استحصال قرار من مجلس الامن الوطني في جلسته الاولى عام (2024) حصلت الموافقة على ان يكون الرقم (911) الذي اختير من قبلنا اسوة بأرقام الطوارئ في اغلب دول العالم واعتمادنا على النظام الاميركي، ويكون هذا الرقم ملك حصري لوزارة الداخلية مجاني بدون اي تكلفة على المواطن او الوزارة، اعتمادا على قوانين الضرائب التي زودنا بها من هيئة الاعلام والاتصالات".
مبنى وتقنيات وملاكات
واوضح "عبد الكريم" ان" عملية الغاء الارقام الساخنة تحتاج الى بديل وعلى سبيل المثال ان رقم الاطفاء السابق (115) لابد ان تتكفل المديرية بتوفير خدمات البديل عن ما كان يقدمه هذا الرقم، لذلك ارتبطت مديرية الداع المدني بجميع فروعها في العراق فنيا بمنظومة (911) وعلى اثرها عند اتصال المواطن لطلب سيارات الاطفاء سيكون التوجيه عملياتي فني مركزي من مقر الوزارة، وهو امر شمل جميع الدوائر التي كانت تعمل بـ (26) رقم ساخن سابقا مثل مكافحة المخدرات، والاستخبارات، ومكافحة الجرائم، وشرطة النجدة، وشرطة المرور، والشرطة، والدفاع المدني، والشرطة المجتمعية، والعنف الاسري، والاتجار البشر، والجرائم الاقتصادية، وشكاوى المواطنين، والهويات والاحوال المدنية، والمحافظات الخمسة عشر باستثناء محافظات اقليم كردستان، وجميع قيادات الشرطة في المحافظات، والابتزاز الالكتروني، والشكاوى فيما يخص منتسبي الوزارة، ومديرية التطوع، وبدأ العمل بايعاز وزير الداخلية قبل عامين بتأسيس لجنة فنية كانت برئاستي وشرعنا باعداد تصاميم وتدقيقها من قبل منتسبي الوزارة بعد استقطاب عروض من شركات رصينة ووفق تصاميم عالمية، وشارك في العمل مديرية الاتصالات ونظم المعلوماتية، ومديرية الصيانة والخدمات الاولى، ومهندسي وكالة الاستخبارات، وكان الدور الاول والبارز لمهندسي عمليات الوزارة، وكانت عمليات الانشاء على محاور عدة عملت بتوقيت واحد بشكل متوازي، وتضمن محور بناء بناية جديدة وحديثة للمديرية في ساحة لوقوف العجلات سابقا، وبنفس الوقت تمت عملية استقطاب الموارد البشرية التخصصية وتدريبها، بعد تشكيل لجنة ادارية من العمليات والتدريب وادارة الموارد البشرية، واجرت المقابلات مع المتقدمين واختير الانسب منهم وفق الشهادة والخبرة والمهارات، وكذلك نفذ بنفس الوقت محور اللجان الفنية والهندسية بما يخص التصميم والتعاقد والنصب والتشغيل لمنظومة الاتصالات، وكان رابع المحاور هو التدريب بعد اختيار الملاكات العاملة ونفذ على ثلاث مراحل، كانت بدايته مطلع كانون الثاني من العام الماضي (2024) لغاية حزيران من نفس العام لحين بداية التشغيل التجريبي للمنظومة، وتزامن عمل مهندسي البناء ومهندسي تنصيب البرامج ومدربي تأهيل الملاكات في وقت واحد، لذلك تحقق الانجاز في مدة تقل عن (11) شهر بين البناء والتنصيب والتشغيل وتوفير الملاكات واطلاق هذه الخدمة الحيوية في العراق".
تدريب ومهارات
ولفت الى ان" الملاكات العاملة تدربت على اسلوب المحاورة والاتصال، وكاميرات المراقبة، والحاسوب، والبرقيات العسكرية، وادارة الحوادث، والاتصالات والنداءات، والخرائط التي تعد من الامور الصعبة لتحديد امكنة الحوادث والدوريات كونها تتحدث اولا بأول، اضافة الى القيادة والتحكم ولدينا ضباط اكفاء مسيطرين، وكذلك اسلوب الاستنطاق والحديث مع المواطن بعد الاستعانة بمدربين خبراء من الصين ولبنان، كما لدينا جانب تدريب دولي يخص مهندسي قسم الدعم الفني القائمين على الاشراف ودعم البنى التحتية للنصب والتشغيل والبرمجة ومعالجة العوارض الطارئة التي تحصل في المنظومة"، مؤكدا ان" المديرية عملت استبيان وقاعدة بيانات لجميع الارقام العاملة سابقا، ودرسنا زيادة الاتصالات خلال السنوات التي سبقت تأسيس المديرية، كما اخذنا بنظر الاعتبار مقاييس مستوى وعي وثقافة المواطن وثقته بالحكومة والمؤسسات الامنية واللجوء اليها عند حصول الحوادث او الاعتداء عليه بدل اللجوء الى اخذ الحق باليد او "الدكات العشائرية" او غيرها من التصرفات غير القانونية، ولاحظنا نمو بعدد الاتصالات بالجهات المختصة في السنوات السابقة، وكذلك الاعتماد على الثقافة السكانية للبلد حيث لم يجرى التعداد العام للسكان الا في نهاية العام الماضي ولم نكن نملك احصائية دقيقة للسكان، لذلك اعتمدنا على ما انجز من اصدار البطاقات الموحدة للمواطنين وحصلنا على ارقام قريبة جدا من التعداد السكاني حيث بلغت اعداد البطاقة الموحدة (42) مليون بطاقة والتعداد سجل (45) مليون نسمة، وهناك احصائيات عالمية تحدد لكل مليون مواطن عدد الاتصالات عن الحالات الطارئة حسب الدول الآمنة والساخنة، ووضعنا في مقاييسنا ان المنظومة تستقبل اكثر من (100) اتصال في نفس الوقت، ولم نصل الى مرحلة الذروة الا ما ندر ومنها في احتفالات رأس السنة التي تستمر للصباح ولم نصل الى الذروة".
حصيلة شهرين
ونوه "عبد الكريم" الى ان" افتتاح المنظومة كان قبل شهرين تماما في يوم عيد الشرطة التاسع من شهر كانون الثاني من العام الجاري (2025) بحضور رئيس مجلس الوزراء "محمـد شياع السوداني" الذي رحب وبارك للوزارة هذه الطفرة العلمية الجديدة كونه الداعم الاساسي لهذا المشروع حيث ادرجه ضمن البرنامج الحكومي وقدم الدعم الكبير للوزارة في مجال التخصيصات المالي في هذا المشروع حيث اعتبره مشروع لخدمة المواطن، وقد وجه بأن يكون الرقم (911) هو العصب الاساسي لجميع توجيهات وزارة الداخلية مع القطعات وهو حلقة الوصل بين المواطن والوزارات، وبعد الافتتاح تأكدنا ان المواطنين لديهم معلومات قليلة عن توفر الرقم (911) او خدمته، ومعلوماتهم تكونت من مشاهدات الافلام الاجنبية، فبدأت الاتصالات منهم واوضحنا لهم وجوده وعمله وتيقن الكثير منهم من وجوده وهكذا تلقينا الكثير من الاتصالات للاستفسار ثم اصبح الرقم يستقبل اتصالات كثيرة طلبات من مختلف المحافظات للاغاثة والاسعاف والخدمات، ويعودون للاتصال لابداء الشكر، كما تفاجئ المواطنون بوجود مترجمين يردون على المتصل عبر (5) لغات هي العربية، والتركية، والفارسية، والانكليزية، والكردية، عبر توفير منتسبين مترجمين، وهي فرصة للمتصل ليعطي وصف دقيق للحادث ونفسيا كون المنتسب قريب عليه عبر اللغة التي يتقنها، وثبت لدينا في النظام تقديم (71) نوع من الخدمة من خلال الاتصال بالرقم (911) وهي خدمات قابلة للزيادة حسب المتطلبات الجديدة، وبدأ العمل المشترك مع الاسعاف الفوري في عمليات وزارة الصحة بتنسيق مباشر، وكذلك لدينا عمل خلية عمل مع امانة بغداد وخاصة عند هطول الامطار يومي الجمعة والسبت وغرق بعض الشوارع بالمياه، وكانت ادارة عمليات اغاثة الناس من هذه المديرية عبر اتصالاتهم المباشرة، وكان اختبارا حقيقيا لمديريتنا في مجال الخدمات البلدية حيث لجأ المواطنون للاتصال بنا عندما شعروا بالخطر يحيق بهم، وقبله كان لدينا زخما بالاتصالات في الاسبوع الماضي عن خدمة الكهرباء الوطنية حيث عملت شرطة الكهرباء على التنسيق مع دوائر السيطرة في المحافظات، حيث يصعب على رجال الامن او الشرطة الوصول الى مكان الحادث بسبب تقطع الاسلاك الكهربائية نتيجة حصول حوادث وهي مازالت تجهز التيار الكهربائي وتكون الخطورة قائمة وهنا يأتي دور التنسيق لحضور جميع الجهات المعنية، وهنا يكون دورنا عين الدولة الرقابية على اداء باقي الدوائر الخدمية".
قاسم الحلفي ــ بغداد
أقرأ ايضاً
- فيها (190 ) الف مصدر مع (15) مليون مصدر الكتروني.. لماذا توجد كتب مسلم والبخاري وابن تيمية في مكتبة العتبة الحسينية بكربلاء؟
- فيديو:اطفال بلا مأوى :ضحايا التفكك والعنف الاسري في رعاية العتبة الحسينية
- في مديرية الاستجابة والسيطرة المركزية.. مواقف غريبة ومشكلات عجيبة ينقذها الخط الساخن (911)