
يستمر صراع المناصب في العراق بين الهيمنة والدوافع السياسية ليطيح برئيس مجلس محافظة بغداد عن تحالف العزم بعد عام من توليه المنصب إثر مخالفات إدارية.
إلا أن الإقالة قوبلت بإتهامات بعدم دستورية الإقالة واللجوء للقضاء وسط تحذيرات من امتدادها إلى محافظات أخرى.
وانتخب مجلس محافظة بغداد، في 5 شباط 2024، عمار القيسي من (تحالف العزم) رئيساً للمجلس، بـ39 صوتاً، ومحمد جاسم نائباً للرئيس، خلال جلسته الأولى.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة بغداد، محمد جاسم، إن “الجلسة التي صوت فيها بعض الاعضاء بعدم القناعة بأجوبة الرئيس ومن ثم عقد جلسة ثانية أدت لاقالته كانت دون وجود نائب رئيس المجلس والمقرر” متسائلاً “من ادار الجلسة ووفق اي قانون يقال رئيس مجلس تقدم بإجازة رسمية ولديه تقرير طبي من مستشفى الطارمية وتم إرسال التقرير من وزارة الصحة وفيه باركود رسمي ووصلت نسخة من تقارير المستشفى الى الامانة العامة لمجلس الوزراء وبعدها تقدم الرئيس بإجازة لمدة 14 يوما وعممت على الاعضاء واليوم هو يرقد بالمستشفى فبأي قانون يتم اقالة الرئيس وهو يمر بوعكة صحية؟!”.
وأضاف أن “الاسئلة المقدمة للإقالة ليس فيها اي خرق مالي من الرئيس ولم يتعد على المال العام ولم يتجاوز صلاحياته وأرسل الأجوبة الرسمية الى الاعضاء وبالتالي، فانه أمر دبر من البعض للشروع بالإقالة”.
وأبدى نائب رئيس المجلس “ثقته بالقضاء للنظر في القضية وانصاف الرئيس كون إقالته غير رسمية” معتبرا ان “ماجرى سيمتد الى ديالى ونينوى وحتى محافظات الوسط والجنوب فكل اعضاء يجمعون الأغلبية يقيلون من يريدون وهذه سابقة خطيرة لايمكن السكوت عنها”.
وصوت مجلس محافظة بغداد، مساء أمس الخميس، على إقالة رئيسه عمار القيسي، بـ40 صوتا من أصل 41 صوتا بعدم القناعة بأجوبة القيسي بعد استجواب غيابي، فيما حدد يوم غد السبت موعداً لانتخاب الرئيس الجديد.
وجاء الاستجواب على خلفية اتهام القيسي بتجاوز الصلاحيات الممنوحة له وفق النظام الداخلي، فيما تشير مصادر مطلعة إلى وجود توافق بين الكتل على تسمية عمار الحمداني عن كتلة تقدم، لرئاسة المجلس خلفا للقيسي.
إلى ذلك، أعلن رئيس مجلس محافظة بغداد عمار القيسي، الطعن بقرار إقالته من منصب رئيس مجلس المحافظة.
وقال القيسي في بيان، “تابعنا مجريات جلسة مجلس محافظة بغداد، والتي شهدت إقالتنا بإجراءات شابتها العديد من الخروقات والمخالفات القانونية والإدارية الواضحة، مما يجعله قرارًا غير مستند إلى الأسس الصحيحة”.
وأضاف أن “هذه الخطوة تأتي في إطار الدوافع السياسية المعروفة التي تسعى لإقصاء الأصوات الوطنية والإصلاحية، في محاولة واضحة لإعادة إنتاج أساليب الهيمنة والتأثير على مسار العمل المهني في المحافظة، بعيدًا عن مصلحة أبناء بغداد”.
وتابع: “نؤكد أننا سنلجأ إلى القضاء للطعن في هذا القرار غير القانوني، وسنعمل بكل الوسائل المتاحة للحفاظ على المسار الديمقراطي وحماية حقوق المواطنين في مجلس يقوم عمله على النزاهة والشفافية، ونطمئن أهلنا في بغداد أننا مستمرون في أداء واجبنا تجاههم، ولن تؤثر هذه المحاولات على إصرارنا في الدفاع عن حقوقهم وخدمتهم بكل إخلاص”.
وكان مجلس محافظة بغداد قد أصدر في 2 شباط الجاري، أمرًا إداريًا يقضي بإحالة المحافظ عبد المطلب علي يوسف، إلى التقاعد، بعد بلوغه السن القانونية.
وعلق ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي على قرار إحالة محافظ بغداد عبد المطلب العلوي التابع له الى التقاعد من قبل رئيس مجلس المحافظة عمار القيسي، مؤكدا أنه تصرف شخصي بسبب الصراعات السياسية ملوحا بالطعن لدى المحكمة الاتحادية، فيما أشار إلى أن منصب محافظ بغداد سيبقى من حصة ائتلاف دولة القانون.
وأعلنت خمس كتل في مجلس محافظة بغداد، وهي (دولة القانون برئاسة نوري المالكي، وتقدم برئاسة محمد الحلبوسي، والأساس برئاسة محسن المندلاوي، وأبشر يا عراق برئاسة همام حمودي، وبابليون برئاسة ريان الكلداني، في 5 تشرين الثاني 2024، تشكيل تحالف جديد باسم “القرار”، لتفعيل الرقابة في تنفيذ المشاريع.
ويعد الكثيرون مجالس المحافظات “بابا من أبواب الفساد”، و”حلقة زائدة”، كما عبرت الكثير من الاحتجاجات التي انطلقت في بغداد والمحافظات في الأعوام السابقة.
ولطالما كان مجلس بغداد الجديد رغم مرور أشهر على تشكيله، يعاني من صراعات على المناصب والامتيازات.
وكانت صحيفة “العالم الجديد” كشفت في 29 تشرين الأول 2024، على وثيقة صادرة من مكتب رئيس مجلس محافظة بغداد عمار القيسي، تفيد بحصول بموافقته على إيفاد أعضاء المجلس إلى فيينا في النمسا وجنيف في سويسرا وأمستردام في هولندا، وشرم الشيخ في مصر، ودبي في الإمارات، لغرض “تنمية المهارات المطلوبة في العمل”.
ومنذ تشكيل حكومته المحلية في شباط 2024، ما زال مجلس محافظة بغداد عمله، يثير الكثير من الشبهات حول ممارسته، كان آخرها في أيلول 2024، حيث كشفت صحيفة “العالم الجديد”، النقاب عن وثائق تثبت قيام رئيس مجلس محافظة بغداد بالسعي لمنح عائلته المكونة من زوجته “ربة البيت” وأبنائه الطلاب، جوازات سفر دبلوماسية.
يذكر أن صحيفة “العالم الجديد”، فجرت في آيار 2024، فضيحة كبيرة، تمثلت بسعي مجلس محافظة بغداد الجديد للحصول على قطع أراض “مميزة” داخل العاصمة، والتي تراجع عنها المجلس بسبب ضغط الرأي العام، فضلا عن نشر الصحيفة مقطع فيديو لقيام المجلس بتغيير جميع الأثاث في مكاتب أعضاء المجلس، على الرغم من صلاحية الأثاث القديم وعدم تلفه.
وقام المجلس بعد فوزه بالانتخابات المحلية، بتشكيل لجنة خاصة بمتابعة منح الأعضاء قطع أراض سكنية، حيث نصت الوثيقة، الأمر الذي ووجه برفض شعبي ورسمي، حيث ظهرت انتقادات واسعة من قبل الكتل السياسية لتلك الخطوة، حتى أنها وصلت لإعلان البراءة منها، وكانت بينها كتلة حزب تقدم، التي ينتمي إليها رئيس المجلس، عمار القيسي، حيث نفت في حينها وقوفها أو علمها بالأمر.
وعقب كشف الوثائق، أعلن رئيس لجنة النزاهة في مجلس محافظة بغداد رائد حميد الهماش، انسحابه من اللجنة المشكلة بأمر رئيس المجلس عمار القيسي، واضطر الهماش للتوضيح بأن “المقترح (كان) من الأخوة الأعضاء حول تخصيص قطع أراض لموظفي مجلس محافظة بغداد بعد مطالبة الموظفين بها إكمالا لإجراءات سابقة تم العمل فيها بدورة مجلس محافظة بغداد لسنة 2014″، في محاولة للتهرب من المسؤولية.
أقرأ ايضاً
- إيران: سنرد على رسالة ترامب بعد تدقيقها.. ولن نعلن محتواها
- مجلس الخدمة: إدخال الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف
- رئيس الوزراء باليوم الوطني للمقابر الجماعية: العراقيون بذلوا النفوس في سبيل حرية الوطن