بقلم: انتصار الماهود
فجر أطل على رباك فهللي
فرحا لميلاد الوصي الأكمل
هذا الإمام المجتبى وقد إنجلى
ليل الضلال عن الزمان المثقل
هو الحسن إبن الطاهرة البتول، وسبط الرسول، هو إبن الأنزع البطين الضارب بالرمحين والطاعن بالسيفين، أبا الحسن والحسين علي سيد الأكرمين، هو الحسن سيد شباب الجنة وأخو الحسين.
أبو محمد المجتبى ثاني الأئمة المعصومين، ورابع أهل الكساء المطهرين، ولد الإمام يوم 15 رمضان عام 3 ه، أول حفيد وأول ثمرة زكية في شجرة النبوة المباركة، أول من سمي حسنا بوحي السماء، و أول من سن لأجله بالعقيقة الفداء، ومن هللت وإبتهجت ملائكة الأرض والسماء.
من ألقابه المجتبى و كريم آل محمد، وريحانة الرسول والزكي والناصح الولي، والسبط الأكبر وسيد شباب أهل الجنة، عاش في كنف جده الرسول صلى الله عليه وآله، وسلم سبع سنين وكان يجلس معه، ليسمع منه ما أوحي اليه، ثم يحدث أمه الزهراء عليها السلام بما سمع من حديث الوحي.
عاش في كنف والده حتى عام 40 ه، شارك في حرب صفين والجمل والنهروان، وشارك في بيعة الرضوان، و حضر المباهلة مع نصارى نجران، كان له 15 ولدا وبنتا و تزوج من 11 سيدة، في الروايات المسندة وليس كما إفترى عليه العباسيون، بعد وفاته حيث وصفوه بالمزواج، ونسبوا له زواجه كذبا وإفتراءً من 90 إمراة، ووصفوه بالمطلاق أي كثير الطلاق، وهي أحد إشاعات الحرب النفسية، التي روجوا لها لتشويه صورته، وصورة سلالته من السادة الحسنية، الذين قادوا الثورات ضد العباسيين.
عقدت له الإمامة والخلافة بعد إستشهاد علي عليه السلام، وبايعه أكثر من 40 الف مسلم في يوم واحد.
لقد صور لنا التأريخ المزيف، أن الإمام الحسن عليه السلام كان خاضعا لمعاوية، مسالما لايرغب للحرب ضده، وذهب للصلح لأنه يخشاه، لكن الواقع والمنطق الذي فرض على إمامنا عليه السلام، آنذاك كان خلافا لتلك الأباطيل، فمن يدقق في الوقائع المثبتة يجد أن تصرف الحسن عليه السلام، في تلك الحقبة هو تصرف صدر من سياسي محنك، يريد أن يحافظ على سيادته واقتداره كحاكم للمجتمع أولا، ومن ثم يصدر قرارات حاسمة لبناء الدولة، وتمت الإشارة الى أحدها حيث كان ﭢول قرار أصدره بتوليه الحكم، هو مضاعفة رواتب الجند، ولا أعتقد أن رجلا يخاف المواجهة يقوي جيشه وينظمه.
أما عن إشكالية تنازله لمعاوية، فقد قال عليه السلام: ”إن معاوية إبن صخر زعم أنني رأيته للخلافة أهلا ولم أر نفسي لها أهلا، فكذب معاوية وأيم الله لأنا أولى الناس بالناس، في كتاب الله وعلى لسان رسول الله، غير إننا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين منذ قبض رسول الله، فالله بيننا وبين من ظلم حقنا“.
لم يكن الصلح مع معاوية إلا بالغيلة والغدر والدهاء، كما هو معروف عن آل أمية، وكانت للحسن عليه السلام، أسباب موجبة للموافقة منها، (حقن دماء الأمة و خذلان الناس، والمحافظة على الشيعة ومنع تشتتهم)، إلا أن اللعين معاوية لم يلتزم بالصلح، بل أنه تبجح بنكثه بما يقول: ” ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلوا ولا لتزكوا وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم “.
عاد الحسن عليه السلام بعد ذلك من الكوفة، للمدينة المنورة وبقى هنالك حتى إستشهاده، وكان مرجعا للمسلمين في المسائل العلمية والدينية، وله حلقات دروس في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يحضرها القاصي والداني، وله مكانة إجتماعية مرموقة بين الناس.
ومن الطرائف نذكرها لكم، أنه كلما قاتل معاوية الخوارج الذين يتمردون عليه، دعا الحسن عليه السلام ليقاتلهم معه، فيرد الإمام عليه السلام: ”لو أردت أن أقاتل أحدا من أهل القبلة لقاتلتك "
إشتهر بالكرم عليه السلام، فقد أنفق ماله مرتين، وجمع أمواله في سبيل الله، وشاطر ماله ثلاث مرات مع عيال الله، والمحتاجين ولذلك لقب بكريم آل البيت، وحج على الأقدام 20 مرة وفي رواية أخرى 25 مرة.
إستشهد عليه السلام على يد زوجته جعدة بنت الأشعث إبن قيس الكندي، مسموما والتي أغراها معاوية الملعون، بمبلغ 100 الف درهم وتزويجها من إبنه يزيد، مقابل قتلها لزوجها وقد خذلها بعدما نفذت له مأربه.
لا يختلف الإمام الحسن عليه السلام، كثيرا عن والده الامام علي عليه السلام، من ناحية الإستهداف السلبي من قبل الإعلام الأموي، وتحشيد الجهود الخبيثة لتشويه صورته، كما شوهوا صورة علي عليه السلام على المنابر ل 80 عاما.
فلا تستغرب أيها القاريء الكريم إن وجدت صفات لا تليق بإمامنا الحسن، يوصف بها كالتخاذل والجبن والخوف من معاوية، لقد كان الإمام الحسن عليه السلام رجل سياسة، أولا ثم رجل حرب ولا أحد يشك أبدا بقوته وشجاعته، إلا أن المرحلة التي عاش فيها، كانت تتطلب منه أولا إكمال إرساء دعائم الدولة، التي أسس لها أبيه عليه السلام، ولكل واحد من المعصومين دور في بناء تلك الدولة، يختلف بحسب عصره و متطلباته، ونحن كشيعة واجبنا الأهم هو بيان الحقائق ونقلها وتداولها، وتصحيح المفاهيم التي مررت للأجيال عن طريق الإعلام الأعور، ولا أجد مناسبة أفضل وأبهى من مولد سيدي الحسن المجتبى عليه السلام، لبيان أحقيته وعلمه وحلمه، وحنكته وقوته وإقتداره في كلماتي المتواضعة، عليّ ندأوفق ولو قليلا لتبيين الحق.
وفي الختام لنعرج على جمال الإحتفال بهذا اليوم السعيد، حيث يحتفل الشيعة الموالين، في ليلة الخامس عشر من رمضان، بمولد الكريم، وتسمى ليلة الگرگيعان في مناطق جنوب العراق، بالذات البصرة الجميلة، وهو أسم مختصر لجملة قرة عين النبي، وفي بغداد يسمى يوم الماجينه، ويرتدي الأطفال أبهى الحلل، محتفلين بالترنم بالأناشيد الشعبية، التي تعبر عن فرحهم بمقدم مولود أول حفيد لسلالة النبوة، وهم يجمعون الحلوى فرحين، من بعد الإفطار وحتى السحور، يدورون بين المنازل في الدرابين والأزقة، وهم يرددون گرگيعان وگرگيعان، بيتك طيب ورميضان، وسلم ولدهم يالله وخله لأمه يالله، و يردد الأطفال في بغداد ماجينه يا ماجينه، حل الجيس وأنطينه تنطونا لو ننطيكم لبيت مكة نوديكم، ليلة تملأ القلب بالحبور والسرور .
متباركين يا شيعة علي متباركين يا محبي فاطمة سيدة نساء العالمين بمولد ريحانة الرسول صلى الله عليه واله وسلم.