في مثل تلك الايام من عام 1991 عندما انتفضت 14 محافظة عراقية ضد حكم البعث وصدام الدكتاتوري، حيث ارتكبت تلك العصابة المجرمة ابشع جرائم الابادة التي يندى لها الجبين بحق مئات الالاف من الابرياء، ورغمان جرائم كثيرة رويت قصصها، الا ان تلك الجرائم لا تنتهي، وهنا نستعرض عددا من الجرائم التي يرويها من عاشها او كان شاهد عيان عليها.
عذاب الكربلائيين
صالح مهدي الوزني من محافظة كربلاء المقدسة، يسرد لوكالة نون الخبرية، ما شاهده بقوله "في يوم 12 آذار من العام 1991 وبعد ان انهى الحرس الجمهوري التابع للمقبور صدام عمليات قصف شديدة على مدينة كربلاء المقدسة، بالمدفعية والصواريخ والمواد الكيمياوية الذي اصيبت به عائلة عمتي وتدمر عدد من البيوت والمساجد ومنها جامع الترك في منطقتنا العباسية الغربية القريب عن بيتنا وسقط فيه ثلاثة شهداء بقيت جثثهم في العراء لا يتجرأ احدا على سحبهم او دفنهم لاشهر حتى تفسخت، وجهت نداءات بمكبرات الصوت تأمر العائلات التي لاذت ببيوتها بالخروج من المدينة، وخرجنا نحو (الوادي القديم) والقى الجيش علينا القبض وكان عددنا 62 شخصا، وقاموا على الفور بربط ايدينا الى الخلف وعصبوا عيوننا ونقلونا بالسيارات العسكرية المشهورة حينها (الايفا) ووضعونا في معمل ثرمستون كربلاء وسجننونا في حاويات حديدية من التي تنقلها السفن واغلقوا الابواب علينا، وبعدها قاموا بنقلنا الى المسيب عبر طرق ترابية ثم اودعونا بسجن رقم (1) في بغداد بغرفة مساحتها 20 مترا سجن فيها 36 شخصا وزودنا بـ(قصعة) نأكل طعامنا القليل منها (عبارة عن ربع صمونة وملعقتي رز) بالنهار ونقضي حاجتنا فيها بالليل".
يتحسر الوزني ويكمل حديثه بالقول، "بعد اسبوعين نقلونا الى سجن الرضوانية في جملونات كبيرة ووضعوا كل 2500 شخص بجملون واحد فيه منامنا وطعامنا وقضاء حاجاتنا، وكانت التحقيقات والتعامل تتم بالضرب والسب والشتم والركل، وكانوا يخرجوننا في الساحة لمدة 12 ساعة وكان الضباط يدوسون علينا وكانوا يتطاولون بالسب على محافظة كربلاء ومراقدها المقدسة واهلها وعلى كل محافظات الفرات الاوسط والجنوب، وخلال التحقيقات وصلتهم معلومة ان مقاومة حصلت في شارع العباس فسألوا عن الساكنين هناك ولما عرفوا اننا من هذا الشارع اخذونا للتعذيب بالضرب بعصا غليضة جعلتني لا استطيع النوم على ظهري لايام عدة، وبعدها جاء المقبور (صدام كامل) الى الرضوانية فجاؤوا باشخاص ملثمين (المشخصين) وبمجرد اشارة منهم اخرجوا مئات المحتجزين وقاموا باعدامهم على الفور في نفس المكان ثم اعطى امرا باخرج من اعمارهم 55 سنة فما فوق واطلق سراحهم وكان عددهم 106 شخصا واعادوا منهم 102 الى كربلاء وبقي والدي الذي تلفظ بكلام لم يعجب الضباط وثلاث من كبار السن معه واعدموهم ولم نعرف مصيرهم او مكان دفنهم الى الان"، كما يتذكر ان "جملون اخر قربا منهم كانت توضع فيه النساء ونسمع صراخهن جراء التعذيب بالليل ونسمع اعدامهن واصوات اطلاق النار في الليل ايضا".
سائق الشفل المستهتر
حكاية اخرى يرويها لوكالة نون الخبرية، المحتجز حميد مهدي النجار من محافظة كربلاء المقدسة، بقوله "شاهدنا الكثير من مراكز الاحتجاز خلال بطش السلطة البعثية الغاشمة عقب فشل الانتفاضة الشعبانية لكن اشد ما علق بذاكرتي، هو ما حصل في سجن الرضوانية حيث اطلقوا سراحه بعد التأكد من انه كان في ساحة المعركة بالكويت واثناء تقهقر الجيش العراقي وانسحابه فاطلقوا سراحه، واثناء خروجه اوقفهم عناصر من الحرس الجمهوري وامروهم برفع ثلاث جثث لمعدومين من المدنيين الابرياء كانت جثثهم موضوعة في بطانية وطلبوا منهم وضعها في شفل مهمته ينقل الجثث الى السيارات التي تقوم بدورها بنقلها الى امكنة المقابر الجماعية، فما كان من سائق الشفل الا ان يثور بوجه المفرج عنهم ويسب ويلعن ويتطاول على الذات الالهية، والسبب انه لا يقبل بنقل ثلاثة جثث فقط ويريد ان يصل العدد الى عشرة او اكثر لانه مستاء وتعب من السير لخمسة كليومترات ولمرات عدة، وكأن من يحملهن هم حيوانات وليست ارواح نقية قتلت ظلما وعدوانا".
ويستذكر النجار، اساليب التعذيب والقتيل المروعة بقوله "شاهدنا باعيينا شخصا اعدمه الضباط الظالمين امام باب معمل ثرمستون كربلاء لكنه كان ينازع سكرات الموت ويرفس والدماء تسيل منه بغزارة وتجمع عليه العسكر ليرفسوه بارجلهم وهو ينازع سكرات الموت"، مبينا ان "من القي القبض عليهم هم من اعمار 14 الى 60 عاما، وكانت اساليب التعذيب هي الضرب باخمص الرشاشة والعصي وانابيب الماء في اي مكان من الجسم، وكنا ستون محتجزا في غرفة مساحتها 16 مترا وكانت عمليات اعدام المئات يومية ومنهم عائلات كاملة مثل عائلة كاظم الحداد الذي اعدم اربع من عائلته وهاشم الذي اعدموا ثمانية من افراد عائلته".
قتل الرضيع
حادثة مؤلمة اخرى رواها جواد كاظم لوكالة نون الخبرية، الذي كان منتسبا في مديرية الامن الاقتصادي بالنجف الاشرف بقوله "جاء امر من المجرم المقبور حسين كامل بوجوب حضور جميع عناصر الامن الى عمليات دفن الناس وهم احياء في مقابر جماعية ومراقبة ردود افعال منتسبي الامن لمعرفة ولائهم للنظام المستبد، فجاؤوا بنا الى مكان حفرت فيه الشفلات ثلاث حفر كبيرة وبعد نصف ساعة وصلت سيارات عسكرية وباصات نقل (كوسترات) محملة برجال ونساء معصوبي الاعين وموثوقي اليدين والرجلين وبدأ جنود الحرس الجمهوري برميهم في الحفر وطمرتهم الشفلات بالتراب ثم جاءت حادلة فكبسته للتأكيد من عدم نجاة احد منهم من الموت، وقبل ان تنتهي هذه الجرائم المروعة صعد احد جلاوزة الحرس الجمهوري الى احدى الكوسترات فصاح على الضابط (سيدي هذا طفل رضيع بالكماط ناسيه بالكوستر) فرد عليه الضابط المتغطرس (جيبو والكحو بالسمه، اي ارميه الى السماء) فرماه الجندي الى الاعلى واطلق الضابط عليه النار من مسدسه الشخصي فقتله على الفور".
الاعدام غرقا
ابو محمد الكربلائي يروي اغرب طريقة اعدام شاهدها بأم عينه لوكالة نون الخبرية، بالقول: اني "كنت جنديا ووحدتي العسكرية في محافظة البصرة عندما بدأت عمليات الابادة في محافظات الفرات الاوسط والجنوب، وكان تخصصي نجارا واستدعيت الى مقر قائد الفيلق القريب من شط العرب لنصب اثاث للقائد، وجائنا امر على الفور بالتوجه الى ضفة شط العرب القريبة من الفيلق، فاوقفونا في طوابير لنشهد عمليات اعدام جماعية لاشخاص مدنيين من مختلف الاعمار موثوقي الايدي ومعصوبي الاعين وكانت طريقة اعدامهم غريبة، حيث ربطت اثقال من حجر وحديد على ارجلهم والقي بهم الى الماء ليموتوا غرقا وسط صراخهم وتوسلاتهم التي لم تحرك شعرة عند الطغاة الجبابرة".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير: كرار الاسدي
أقرأ ايضاً
- كرمت فيه عائلات شهداء الحشد الشعبي: اختتام فعاليات المهرجان الجماهيري لفتوى الدفاع الكفائي الاول
- تستخدم لاول مرة في العراق ..ماذا يميز مستشفى خاتم الانبياء للامراض القلبية... شاهد بالصور
- لانه حسينيٌ منذ طفولته :عائلة تخلد ذكرى ولدها المفقود في سبايكر بموكب حسيني (مصور)