حجم النص
تحقيق: ضياء الاسدي يعدُّ التضميد مهنة إنسانية، تحترم حياة الإنسان وكرامته وحقوقه وتخفف آلامه الجسدية والنفسية، ويشترط في ممارسيها مجموعة أمور، في مقدمتها أن يكون خريج اعدادية تمريض وبعنوان: (ممرض صحي) او متخرج دورات عدّتها وزارة الصحة للتمريضين ومن كلا الجنسين، ولا يخفى على الكثيرين ان التضميد يشمل العديد من المهام ابرزها: (تداوي الحروق وتضميدها، زرق (الابر)، وختان الصبيان، فضلاً عن اقامة الحجامة التي أكدت عليها السنة النبوية الشريفة، لما فيها من فوائد عديدة تخص جسد الانسان).. وكالة نون الخبرية وضمن سلسلة لقاءاتها المتنوعة حرصت هذه المرة على تسليط الضوء نحو هذه الخدمة الانسانية من اجل معرفة ابرز فوائدها، وهل للممرض دور اساسي في مرافقة الأطباء اثناء العملية الجراحية؟، وما هو دور الرقابة الصحية في متابعة محال المضمدين الذين يأخذون دور الطبيب احيانا في تقديم وصفة للمريض؟ كل هذا واكثر كشفت عنه "نون". ما الفرق بين المضمد والممرض؟ كان اللقاء الاول مع "علاء غازي المالكي" نقيب المهن الصحية في العراق والذي تواصلنا معه عبر موقع "الفيس بوك" ليبين الفرق بين المضمد والممرض: "تعد مهنة التضميد من المهن التابعة لنقابتنا ضمن العناوين الوظيفية المتمثلة ب٢٠ عنوانا، كما تعدُّ من المهن الاساسية في متابعة وعلاج المرضى لانهم على تماس مباشر مع ارواح المواطنين، مبينا أن اغلبهم من خريجي الدراسة المتوسطة وخريجي دورات اقيمت في فترة الثمانينات من القرن المنصرم، وذلك بسبب عدم كفاية الملاكات الطبية والصحية حينها اثناء المعارك، مما دعاهم الى اقامة دورات صحية وفنية يطلق عليها دورات (التضميد)، لما يقوموا به من تضميد الجرحى في المعارك". ويستدرك الحديث قائلا: "لكن سادت هذه التسمية على اغلب الناس في الوقت الحالي، وهو خطأ لأن هنالك فرق بين الممرض والمضمد؛ ذلك حسب التصنيف الوظيفي لكل عنوان اذا ان الممرضين هم من خريجين (اعداديات، ومعاهد، وكليات التمريض)، فضلاً عن اصحاب الشهادات العليا الماجستير والدكتوراه في الاختصاص ذاته وهذا هو الاختلاف بين المضمد والممرض، من حيث الشهادة والعنوان". ويضيف المالكي: "ان تصنيفها بالدرجة الاولى يأتي اسوة بالممرضين بحسب اصنافهم وشهاداتهم كون الممرض يعمل في الردهات لمعالجة المرضى وتقديم العناية الصحية والعلاجية حاله كحال زملائه من بقية العناوين الخاصة بالمهن الصحية". ويشير الى "عدم وجود مضمدين في الوقت الحاضر سوى نسبة قليلة جدا في عموم العراق بشكل عام ومحافظة كربلاء بشكل خاص، لان اغلبهم من كبار السن واحيلوا للتقاعد". مهام وصلاحيات يبين نقيب المهن الصحية: ان "النقابة تقوم بشكل دوري وبالتعاون مع قسم التفتيش والشكاوي في دائرة صحة كربلاء بأجراء جولات تفتيشية رسمية لمتابعة ومراقبة ومحاسبة كل من يتجاوز الاطر القانونية والتعليمات الخاصة بمهنته كما تقوم النقابة ايضاً منح اجازة ممارسة المهنة للعيادات الصحية ويشترط في ذلك ان يكون له خدمه وظيفية لا تقل مدتها عن ثلاثة سنوات وقد اكمل التدرج الطبي والصحي، واما مهامه فتتلخص في زرق الابر، والتداوي، ختان الاطفال، فحص ضغط الدم والسكر وهذا في حال عدم وجود طبيب في المناطق النائية". منوها عن "عدم وجود صلاحية للمضمد في تشخيص المرض وكتابة وصفات علاجية للمريض، لانهم في لك يعرضون انفسهم للمساءلة القانونية ويحاسبون ضمن القانون". المضمد "طالب عجمي عطية البهادلي" الذي عشق هذه المهنة نتيجة مرافقته لوالده في محل التضميد، فقرر على اثر ذلك ان يكمل دراسته في هذا المجال، ليمارسها بحب لخدمة المواطنين". تحدث عن المهنة واهميتها قائلا: "ان مهنة التضميد تشكل عنصراً مهماً في مجال الطب لمالها اهميتها في مرافقة الاطباء الجراحين اثناء العمليات الصغرى والكبرى التي تنفذ داخل المرافق الصحية في مؤسسات وزارة الصحة، فضلاً عن دورها في خدمة المواطن خارج الدوام الرسمي للمرض الصحي من خلال عيادات التضميد المجازة صحياً من قبل وزارة الصحة والرقابة الصحية داخل كل محافظة شريطة ان تكون متوافقة مع الشروط التي ينصها النظام الصحي في العراق وهي: "يجب ان يكون لدى المضمد ممارسة للمهنة داخل مؤسسات الدولة بفترة لا تقل عن الـ (خمسة سنوات) ليحق له فتح المحل (العيادة)". فيما يضيف المضمد "نعمة جواد كاظم الاسدي": "كان سابقا فتح أي عيادة للتضميد تشترط ان تكون مجاز من قبل دائرة التفتيش في المحافظة، اما الان فهي ضمن صلاحيات نقابة المهن الصحية فضلاً عن الموافقات الصحية التي تشترط سلامة المضمد، في ان يكون حاملا لأي مرض". ما الفرق بين مساعد الطبيب والمضمد؟ توضح الدكتورة "مي حسن علوان"، اختصاص جراحة عامة في مستشفى الكفيل، الفرق بين الاثنين "فمساعد الجرّاح له مهام كبيرة، حيث يكون لديه المام بالوسط الجراحي ويعرف الاوردة الدموية والاعضاء المهمة في الجسم، ويسهل مهمة الطبيب خلال العمل الجراحي بمسك الاعضاء الداخلية كالأمعاء كالكبد وغيرها منوهة عن عدم استطاعة الطبيب الجرّاح العمل دون مساعد الطبيب، خصوصا في العمليات الجراحية".. وتبين أن "عمل المضمد يكون قاصرا على زرق الابر وتبديل الضماد الخارجي والاشياء البسيطة الاخرى.. بينما مساعد الجرّاح يحضر نوع الخيط الذي تستعمله ويحضر المكان الخاص بالعملية في الجسم ويمسك جهاز شفط الدم"، وتوضح الدكتورة "مي" دور المعاون الطبي والممرض الجامعي قائلةً: "المعاون الطبي يحمل شهادة دبلوم معهد تمريض، والعملية الصحية عملية متكاملة لا تقوم بدون الطبيب او الممرض او حتى المعين فكل واحد منهم له دوره في العملية.. فهو فريق عمل متكامل ورأس الهرم فيه هما الجرّاح والمخدّر.. والذي يساعدهما هو المعاون الطبي الذي يقوم بجلب الاجهزة والانابيب والخيوط وغيرها من الامور.. فالكل له دوره في العملية".. فيما يوضح المضمد "طالب عجمي" ان "استخدام ادوات الممرض يشترط ان تكون استخداما واحدا، ويحافظ في الوقت ذاته على نظافة اليدين، كما يفضل في بداية العمل رفع الضمادة الملوثة ببطء، ومراعاة أن تظل الجهة المتسخة للضمادات للأسفل بعيداً عن نظر المريض، وإذا كانت الضمادة ملتصقة بالجرح عليه ان يعمل على ترطيبها بمحلول معقم". ويؤكد عجمي على "ضرورة فحص الجرح للتأكد أن حوافه متقاربة بانتظام، والانتباه الى العلامات الدالة على وجود التهاب (سخونة، احمرار، تورم، ألم، رائحة) أو انفصال في الأنسجة، فان لوحظ ذلك وأعرب المريض عن وجود ألم في مكان الجرح على الممرض ان يقوم بإشعار الطبيب بذلك". المضمد "نعمة جواد كاظم الاسدي"، والذي يؤكد ما أشار إليه البهادلي بشأن أن "المهنة انسانية وشريفة لأنها تقدم خدمة للإنسان وبصورة خاصة للمريض وممارستها تكون برغبة افضل من ان تكون بدون رغبة". يبين: "ان ابرز العلاجات التي يقوم بتقديمها هي زرق الابر لمسكن الالام والحساسية، وامراض الأنفلونزا الوبائية او زرق الابر للالتهابات، وهذه كلها اسعافات اولية وان كنا على معرفة تقديم بعض العلاجات، الا اننا لا نجازف بذلك كون القانون لا يسمح بذلك". مخالفات قانونية تجري في عيادات التضميد يقول الحاج "صباح لعيبي"، من اهالي البصرة حي المهندسين: "يوجد في حينا البصري، مضمد يقوم بدور الطبيب حيث انه يكتب وصفة للمريض، ويجري عملية صغرى داخل عيادته"، ذاكرا "ان المضمد يجري عمليات ازالة الكيس الدهني في العيادة، ويصف الكثير من الأدوية لأهالي الحي، ويزود مراجعه بالمضادات الحيوية". وينوه لعيبي عن "الجشع لبعض الاطباء ممن يتفق مع الصيدليات او مختبرات التحليل وغيرها للعمولة عن وصفاته حالاته المرضية، راجعا سببا التجاء المرضى الى المضمدين لذلك الجشع فضلا عن رخص كلفة فحص المضمد".. ويضيف أن "بعض الناس يلجأ الى المضمدين لختان الاطفال وذلك لقلة الكلفة التي يطلبها المضمد بالنسبة الى الاطباء؛ لكن حصلت العديد من المشاكل في ختان الاطفال منها اصابة الوريد اثناء عملية الختان او غير ذلك".. كما يرجع العديد من المواطنين في محافظة كربلاء، اسباب التجائهم الى المضمد بدلا من الطبيب في أكثر الاحيان كإصابتهم بالرشح او الاصابة بالإنفلونزا، لأخذ ابرة، لأن الطبيب يكتب وصفة فيها الكثير من الادوية وعادة تكون باهظة الثمن اضافة الى كشف الطبيب بالنسبة للمرضى. ويقول المواطن "حسين عليوي" من اهالي محافظة كربلاء: "من بين ابرز المشاكل التي حدثت معي، هي اصابة احد اصدقائي بشظايا تفجير ارهابي، وكان تشخيص الاطباء: ان الحالة تحتاج الى عملية جراحية لأن الشظية هي في مكان خطر بالساق وهذه العملية تتطلب مبالغ كبيرة، ما دعاه للجوء الى احد المضمدين، لإجراء العملية وازالة الشظية"، والغريب بالامر ان صديقه على حدِّ قوله "قد شفيّ بمدة قصيرة، وكانت كلفة العملية لا تتجاوز الـ (25000) دينار". ومن الاخطاء التي لفتت انتباه النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي والنشطاء المدنيين حالة الطفلة (رقية) ابنة السبعة أشهر من قضاء الهندية بمحافظة كربلاء، التي بتر يمينها نتيجة خطأ مضمد لم يلتفت الى خطأه في وضع الكانونة في مكانها الصحيح مما أدى الى تورم ذراع الطفلة، واصابتها بالتهاب تسبب نتيجة حقنها بابر ليس من الصحيح حقنها بها لأن لديها تحسس من البنسلين ما تسبب باسوداد ذراعها لأصابتها بالكنكري الذي استوجب بتر الذراع نتيجة خطأ طبي. الجدير بالذكر: ان المادة (22) من قانون نظام ممارسة المهن الصحية رقم (11) لسنة 1962 المعدل في العراق، تسمح بممارسة مهنة التضميد بشرط ان يكون خريج دورة تضميد تعدها وزارة الصحة او تعترف بها، ولا تقل مدتها عن سنة كاملة بعد الدراسة الابتدائية، او موظف مستخدم في مؤسسة صحية حكومية او اهلية مارس مهنة التضميد مدة لا تقل عن ثلاث سنوات على ان يكون مزودا بوثيقة مصدقة من السلطة الصحية تؤيد ممارسته هذه المهنة في المؤسسة الصحية للمدة المذكورة وعلى ان يجتاز امتحانا تجريه لجنة يؤلفها رئيس صحة اللواء ويجوز اعادة امتحان من يرسب منهم بعد تدريب اضافي مدة ثلاثة اشهر في كل حالة رسوب.
أقرأ ايضاً
- لرعاية النازحين :العتبة الحسينية تفتتح مركز رعاية صحية في مستوصف الرسول الاكرم في لبنان(فيديو)
- توجيه للسوداني قد يجد لها حلا :مناطق البستنة في كربلاء يعجز الجميع عن بناء مدارس لابنائها الطلبة فيها
- نينوى تخسر 40% من أراضيها الزراعية بسبب الاستثمار الجائر والتوسع العمراني