بقلم:عباس الصباغ
لم تكن فرحة تحرير الموصل وبقية التراب الوطني كاملة ، بل نغصّتها امور عدة كدّرت صفوها كبقاء ذيول لهذا التنظيم وذلك باختفاء عناصره الاجرامية بين الاهالي واندساسهم بينهم بشتى طرائق الغش والاختفاء مع استمرار بقاء بعض الحواضن التي تمده بالتسهيلات اللوجستية والتي تمهّد الطريق له لتنفيذ اجنداته الارهابية بالتغطية ، رغم ان الموصل كانت اهم القلاع الاستراتيجية التي تحصّن بها هذا التنظيم وكان ينطلق منها لممارسة فعالياته الارهابية بجميع انواعها ، بالمقابل كانت عمليات تحريرها ذروة عمليات التحرير بعد ان تلاحم العراقيون جميعا بكافة الوان فسيفسائهم لطرد عناصره من ارض الوطن ،الا ان جذوره لم تُقتلع نهائيا ربما الجهوزية لم تكن متكاملة لذلك ، او لطروء مستجدات اخرى محلية او اقليمية ساهمت في بقاء الجذور الداعشية في بعض الحواضن التي ساعدت على نموها ، ولكن في الفترات الاخيرة استفحل خطر هذه البقايا وبما يمكن تسميته بالنسخة الثانية لداعش او داعش "المستجد" الذي مازال يختار اهدافه بنفسه ومازال يحدد ويضرب متى ما شاء وانى شاء ومن هذه الاهداف المواطنون العزّل فضلا عن نقاط الجيش والقوات الامنية او مواقع الحشد الشعبي ، وضد خطوط نقل الطاقة الكهربائية مايسبّب المزيد من المعناة للمواطنين الذين يعانون اساسا من تهالك منظومة الطاقة الكهربائية الوطنية منذ زمن ليس بالقصير فضلا عن تسميم المياه واستهداف القطاع الزراعي والثروة الحيوانية كحرق حقول الحنطة وغيرها واحداث افدح الخسائر بالاقتصاد الوطني الذي بدأ ينحو نحو تعدد مصادر الدخل القومي لرفد الموازنات العامة التي مازالت تعاني من عجز مزمن فهي حرب اقتصادية شرسة متعددة الوجوه ، فداعش عاد سيرته الاولى في اقتناص الفرص التي مازالت ازمات المشهد العراقي المستديمة وبكافة جوانبها السياسية / السيوسولوجية تعطيها لداعش الذي مازال يعتاش على مآلات هذه الازمات وتداعياتها فهو مازال متمكنا في استغلال عيوب وثغرات الواقع العراقي ابشع استغلال وتوجيه سهامه المسمومة بين الحين والاخر وداعش ـ فيما يبدو ـ مازال يستطيع قراءة مواطن الخلل والضعف في الخارطة السيا/ امنية / الاقتصادية العراقية .
وبرأيي ان الاجندات المخابراتية التي تقف وراءه ارادوا ان يبقى داعش باية صورة كانت او حجم او هدف يكون ، مادامت وسائل بقائه المحلية والاقليمية مستمرة ولم يتم تجفيف المستنقعات التي يعتاش عليها او تطهير حواضنه وارجاعها الى الصف الوطني وكل تلك الاسباب ادت الى استمرار ارهاب داعش الى الان ويستعيد جهوزيته التي فقد بعضها بعد التحرير الذي بقي بحاجة الى صولة اخرى لاكتماله هذه المرة .
أقرأ ايضاً
- لولا السلاح (الفلاني) لما تحقق النصر على داعش في العراق
- مَن يرعى داعش في العراق؟
- علاوي يكشف لأول مرة مجموعة من الاسرار بشأن داعش