- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الابتزاز الالكتروني ، الاثر والمعالجة
خليل الطيار
زادت في اولانة الاخيرة ظاهرة الابتزازالإلكتروني Cyber Extortion، وهي حسب التعريفات المهنية عملية تهديد وترهيب لضحية ما من خلال نشر صور أو مواد فيلمية أو تسريب معلومات سرية تخصه تسبب ضررا معنويا وتهديدا لامنه واستقراره الاجتماعي، وتنتهي لابتزازه بدفع مبالغ مالية أو استغلاله للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين كالإفصاح عن معلومات سرية خاصة بجهة عمله أوغيرها من الاعمال غيرالقانونية والاخلاقية احيانا.
وتشكل مواقع التواصل الاجتماعي وبوابات التراسل، الساحة الرئيسية للابتزازمن خلال انتحال شخص ما اسماً مستعاراً لفتاة أورجل، يبدأ باستدراج الضحايا عبر ممهدات العلاقات والصداقات وطلب التعارف ليتطور الامر الى الايقاع في الشرك او نتيجة اختراق ما يعرف مدمني الهكرز الذين يكرسون جل اوقاتهم للعيش بالعالم الافتراضي لتصيد طرائدهم.
الشباب من كلا الجنسين هم اكثر شريحة معرضة للابتزاز الالكتروني بسبب كثرة استخدامهم للحواسيب او اجهزة الموبايل وطول مدد تواجدهم بمواقع وكروبات الصداقات وغرف الدردشة عبرتواصل مباشر او عبر محادثة جماعية،تحقق رغبات الشباب الطامح، إلا أن تلك المحادثات وما يتخللها من حوارات متنوعة تعتبر المرحلة الأولى من عملية ابتزاز قد تمتد لفترة طويلة يستثمر سقطاتها المبتزون لتحقيق مصالح مادية. انها " نشوة زائفة لدقائق معدودة كفيلة بأن تدمر حياة ضحية الابتزاز الإلكتروني، إذ تتجاوز الأزمة رغبة المبتز في استنزافه مالياً، إلى مأساة إنسانية واجتماعية ونفسية".
اما المتورطون في قضايا الابتزاز الإلكتروني فهم شخوص تعاني اضطراباً سلوكياً وعدم استقرار اجتماعي يدفعهم إلى اللجوء إلى ممارسات خفية تعوضهم عن حالة النقص التي يشعرون بها، سواء نقص المورد المادي بسبب البطالة اوانعدام الثقة بالنفس بسبب نقص التعليم يجعلهم صيداً سهلاً لتلك العصابات التي تجند هؤلاء الافراد وتوريطهم في هذه الاعمال.
دراسة هذه الظاهرة تبين ان حالات الابتزاز اليومي في تزايد مستمر في دول منطقة الشرق الاوسط وهم الضحايا الأبرز لهذه العصابات ووفقاً لراصدين، فإن 50% من المشتركين في شبكات التواصل الاجتماعي هم عرضة للابتزاز الإلكتروني.
هذ الظاهرة اخذت مدياتها تجتاح مجتمعنا العراقي بشكل ملفت وبدات ملفاتها تنتشر وتظهر في اروقة المراكزوالمحاكم نتيجة تزايد قضايا التخاصم الشخصي والسياسيي والعشائري نتيجة تفاقم حالات الابتزاز الالكتروني المستشري في الاوساط الاجتماعية والسياسية والتي تحتاج تدخل مباشر من قبل الدولة وجهاتها المعنية لوضع كل امكاناتها لمواجهة هذه الظواهرالخطيرة، والتي تتطلب الاستعانة بخبرات متطورة وأجهزة فنية، وخصوصا أن أغلب الجرائم الالكترونية ترتكب من مجرم متخفي خلف الحاسوب او الموبايل الذي يجعل من الصعب احيانا الكشف عن مخططاته لهذا تعتبر معالجة تلك الجرائم ظاهرة تحتاج الى امكانيات جهات حكومية متخصصة وتحتاج الى فنيين للعمل بشكل متواصل و فعال.
ومع كل ذلك سيبقى تاثير معالجة الظاهرة ضعيفا مالم تحصن بروافد قانونية لان ابعادها بدأت تتجاوز حدود الابتزاز الشخصي لتاخذ بعدا اخطر يمس امن الدول وسيادتها ويهدد استقرارها وسلمها المجتمعي بعد ان وظفت التنظيمات الارهابية والجهات المعادية،الفضاء الالكتروني لخدمة اغراضها في عمليات غسيل ادمغة الشباب وتجنيدهم واثارة النعرات الطائفية والمذهبية وبث السموم الفكرية المتطرفة الامر الذي يشكل تشريع قانون "جرائم المعلوماتية" مطلبا اساسيا في هذه المرحلة لمواجهة هذه الظواهرة الخطيرة كما يعتمد في اغلب دول العالم.
وبدون تشريع هذا القانون تصبح المعالجات قاصرة وغير رادعة وينبغي تبديد مخاوف الجهات المعترضة على تشريعه بتبرير الخشية من المساس بالحريات وخصوصيات الافراد وهو مأخذ يمكن تجاوزه في ترصين القانون ومراجعة مواده ودراسته بعناية لتجنيبه الانزلاق بما يتحفظ عليه من قبل المعترضين.
وتعد الاجهزة الامنية المتخصصة في اي دولة، هي صمام الأمان الحقيقي و الرئيسي الذي يمكن أن يحمي المواطنين , فهي الواجهة الاساسية التي ينبغي ان يلجىء لها المتضرر في حال تعرضه الى اي جريمه مهما كانت لذلك اسست اغلب بلدان العالم والمنطقة وحدات متخصصة لمكافحة الجرائم الالكترونية والتي تهدف الى وضع حد لها من خلال التحقيقات وكشف حالاتها و اجراء الاعتقالات و التصدي الكامل لجميع المجرمين و احالتهم الى القضاء لإيقاع العقوبة الرادعة بحقهم.
وهيئة الاعلام والاتصالات هي الجهة القطاعية المسؤولة عن تنظيم قطاع الاعلام وفق ما رسم لها من صلاحيات وينبغي عليها مسؤولية تنظيم قطاع الفضاء الالكتروني ايضا وتحتاج وضع لوائح لتنظيم وترخيص عمل منصات الاعلام الكتروني والية نشره ومراقبة محتواها والتي من شانها الحد من ظاهرة الابتزاز وتعالج خروقاته وفق مسؤولياتها بموجب الية الرصد والمحاسبة المستندة على مدونات وقواعد البث والسلوك الاعلامي التي يجب ان تشمل النشرالالكتروني ايضا.
كما ان الحاجة اصبحت ملحة لقيام الجهات المعنية سواء وحدة خلية الحرب النفسية او هيئة الاعلام والاتصالات وشبكة الاعلام العراقي لانشاء صفحات الكترونية لهذا الغرض تتولى نشرالوعي المجتمعي والتواصل المباشرمع الضحايا لتمكينهم نفسيا ومعالجة المشاكل التي يتعرضون لها لان المحددات والمقيدات والاعراف المجتمعية تحول دون قدرة افصاح المبتز لعرض مشكلته وهذه تحتاج الية لتمكين سرية المحافظة على هوية المتضرر وتشجيعه على عرض حالته ومعالجتها.
أقرأ ايضاً
- العراق، بين غزة وبيروت وحكمة السيستاني
- المسير الى الحسين عليه السلام، اما سمواً الى العلى وإما العكس
- في العراق، الجهل ثقافة عامة