ان دراسة ووضع الحلول والخطط الكفيلة للارتقاء بالقطاع الصناعي يعد أحد أهم القطاعات الحيوية في أي بلد من بلدان العالم على حد سواء ، ليقوم بدوره الفاعل في التنمية والتقدم والتطور، فما زالت الصناعة تشكل المؤشر الأبرز لتطور أي بلد وإن الخروج من دائرة التخلف لا ينجز من فراغ ، ولا تتوقف على معونات خارجية تتطلب منا انتظارها ، إنما هو يؤسس على ركائز علمية وبحثية ، وعلى وعي وإرادة لابد أن نكون قادرين عليها لما نمتلكه من طاقات وخبرات متراكمة عبر تاريخ طويل من النجاحات التي تحققت في السابق ونسعى في تحقيقنا هذا الى التطرق لعالم الصناعة العراقية من خلال طرح المشاكل والمعوقات التي تحول دون تطوره بالاضافة الى المميزات ، إيمانا منا أن الأعلام اليوم هو أحد أهم الوسائل الرقابية والتي تسلط أضواءها على كل مفصل من مفاصل الحياة ، وشركة نصر العامة احدى شركات وزارة الصناعة والمعادن تعتبر مثال حي للصناعة العراقية والتي تميزت في مجال الصناعات الميكانيكية وعلى مستوى عقود من الزمن حيث تتكون الشركة من خمسة مصانع انتاجية هي مصنع الهياكل الحديدية ومصنع القوالب والعدد المركزي ومسبك الصلب الخاص والمصنع الميكانيكي (ذو الفقار) ومصنع الخدمات المركزية وفي لقاء أجريناه مع السيد يوسف محمود محمد مدير عام الشركة قائلاً تعرضت الشركة الى التدمير الشامل عام 1991 وان معظم المكائن والمعدات عانت من الاندثار ولكن بهمة العاملين وبعد الحصول على دعم من الوزارة في عام 2008 و2010 تم تأهيل المعدات والمكائن القديمة وشراء معدات وخطوط إنتاجية جديدة تم نصبها وتشغيلها بجهود العاملين الذاتية لتعثر أو تردد الشركات الأجنبية في الدخول الى البلد و نصب وتشغيل المكائن.

وأضاف المدير العام ان للشركة امكانية لتقديم خدماتها في مجال التصميم والتصنيع والتنفيذ الهندسي والاستعداد للتعاقد مع القطاع الخاص وتصنيع كافة الاجزاء التي يرغب أصحاب المعامل والورش الفنية بتصنيعها داخل الشركة بتقنية ومواصفات عالمية ولتوفر الخبرة في هذا المجال تم انجاز العديد من الجسور الحديدية في محافظات العراق وكذلك القيام بأعمال التأهيل والصيانة لشبكات الماء والمجاري والكهرباء ومحطات الضخ ومحطات تصفية ومعالجة المياه إضافة إلى تصنيع ونصب أبراج الاتصالات والبث الإذاعي والتلفزيوني وتجهيز السقوف الثانوية والقواطع الداخلية والخارجية وتصنيع الكرفانات ذات الطابق والطابقين وبمختلف القياسات وحسب الطلب.

وعبر المدير العام عن أمله في تصاعد الانتاج في المستقبل ودعم الدولة في مجال التأهيل والاستثمار ودعم رواتب المنتسبين وحل موضوع الكهرباء لان تشغيل المولدات الكهربائية يجعل الإنتاج ذو جدوى غير اقتصادية علماً ان حاجة الشركة من الكهرباء 29ميكا واط والمجهز حالياً يترواح بين ( 2-9 ) ميكاواط فقط.

وفي لقاء مع المهندس ثامر حميد محمد مدير مصنع الهياكل في الشركة قال لنا ان المعمل الذي تأسس عام 1984 يختص بإنتاج الهياكل الحديدية الخاصة بالابنية وتشمل السقائف الصناعية والمخزنية وابنية متعددة الطوابق اضافة الى انتاج القواطع الداخلية مزدوجة العزل والواح السقوف والكرفانات بمختلف القياسات والاحجام الثابتة والمتحركة وحسب طلب الجهة المستفيدة ، كما يقوم المصنع بانتاج الاعمدة الكهربائية المدورة والمشبكة باطوال ( 9-11-14 ) متر اضافة الى انتاج الابراج الخاصة بنقل الطاقة الكهربائية وابراج الاتصالات وابراج الحراسة ، ومن المؤمل إضافة منتجات جديدة لهذا المصنع ضمن مجال عمله وذلك بانتاج غرف التجميد والغرف المبردة والكاتمة للصوت من خلال تطوير ماكنة sandwich panel كذلك انتاج المقاطع الحديدية المركبة وهي من التقنيات الحديثة في انتاج الهياكل الحديدية حيث سيتم تأهيل مكائن اخرى مثل انتاج ابراج الطاقة الكهربائية والمقاطع الحديدية من خلال الخطة الاستثمارية ، مضيفاً ان من انجازات المعمل برج البث التلفزيوني في الموصل بطول 321م وبرج البث التلفزيوني في ام قصر بطول 521م وكذلك تصنيع القبة الخاصة بجامع الرحمن وتصنيع روافد حديدية بطول 50 م لجسر الاسحاقي وكذلك تصنيع (44)كرفان ذات الطابق واحد والطابقين لصالح مديرية المرور العامة وكذلك مشاريع عام 2009 منها مشروع النسيج في الكوت ومخازن مبردة عدد 2 لصالح ادوية الموصل ومسقف في المديرية العامة لكهرباء الرصافة في الوزيرية ومسقفات عدد6 مع مخزنين لمصافي الوسط في الدورة وكذلك تصنيع (500)كرفان لمختلف محافظات العراق بالاضافة الى تصنيع ابراج مراقبة لمحافظة بغداد والنجف بارتفاع (10)م.

وفي لقاء آخر مع مدير معمل المسبك الخاص قال لنا ان المسبك تاسس عام 1982 وتم افتتاحه عام 1984 وتعرض تقريباً لدمار كامل عام 1991 وهو حالياً في طور التاهيل منذ عام 2008 ولغاية 2013 ضمن خطة خمسية اعدت لتاهيل المعمل حيث تم نصب خطوط إنتاجية جديدة ذو منشأ دنماركي وهي قيد النصب والتشغيل من قبل فريق عمل مكون من فنيين ومهندسين من منتسبي الشركة تم ارسالهم الى بلد المنشأ للتدريب واضاف مدير المسبك قائلاً ان الطاقة التصميمية للمعمل تبلغ 16.000طن سنوياً من المسبوكات في حين ان الطاقة المتوقعة التي سيعمل بها في السنة القادمة هي 5000طن سنوياً لحين اكمال عملية الصيانة والوصول الى الطاقة التصميمية للمعمل .

واضاف مدير المعمل ان المصنع مصمم لخدمة قطاع صناعة الاسمنت حيث ينتج الكرات الفولاذية كاجسام طاحنة للمواد الأولية والكلنكر وبمختلف القياسات (قطر 18-100ملم)اضافة الى انتاج الواح التبطين من الفولاذ المنغنيزي المقاوم للسوفان وكذلك انتاج مطارق الكسارات والواح تبريد الكلنكر من الفولاذ المقاوم للحرارة ، كذلك يقوم المعمل بانتاج المصبوبات الاهينية المختلفة التي تخدم قطاعات واسعة مثل دوائر أمانة بغداد ودوائر الماء والمجاري ودوائر الكهرباء وغيرها ومن المؤمل تطوير انتاجه واضافة منتجات جديدة مثل إنتاج السلاسل الحديدية وفتح خط إنتاج جديد لتصنيع ابدان المضخات الاروائية والكهربائية والتي وضعت ضمن خطة تاهيل المسبك الاستثمارية للاعوام 2009-2010-2011 والتي من خلالها سيصل انتاج مسبك الصلب الخاص الى 85% من الطاقة التصميمية لمختلف المسبوكات الاهينية والفولاذية ضمن الخطة الاستثمارية.

وللشركة مصنع اخر للقوالب والعدد المركزي تبلغ طاقته الانتاجية 583800 ماكنة /ساعة سنوياً وبموجب مواصفة معملية حسب حق المعرفة من شركة اورليكون السويسرية ويقوم المعمل بانتاج انواع القوالب والتراتيب والموجهات والمثبتات الضرورية للانتاج وحسب الطلب مثل (قوالب التشكيل على البارد ويشمل قوالب القطع ، الحني التخريم السحب وقوالب التشكيل على الحار ويشمل قوالب المنتجات البلاستيكية ، قوالب السباكة بالضغط للمنتوجات ومسبوكات الالمنيوم) الطرق الحار اعمال التشغيل الميكانيكي ادوات القطع الخاصة ولكثرة المنافسين في القطاع الخاص والعام تقوم الشركة حالياً باجراء دراسة لاضافة نمط جديد للانتاج وحسب الخطط والمقترحات الموضوعة بهذا الشان .

المصنع الميكانيكي (ذو الفقار) احد مصانع الشركة والتي تبلغ طاقته التصميمية 300000ماكنة / ساعة ويقوم هذا المصنع باعمال التشغيل الميكانيكي والتعامل السطحي والتعامل الحراري والتشكيل على البارد ويخدم القطاعين العام والخاص ولكثرة المنافسين له وعدم الجدوى الاقتصادية لمنتجاته تقوم الشركة حالياً باعداد الدراسات لاضافة نمط جديد للانتاج ومن ضمن هذه المقترحات توسيع ورشة الطلاء الكهربائي لغرض تنفيذ اعمال الغلونة الحارة لمختلف المنتجات والتي تخدم إنتاج الهياكل الحديدية من خلال طلاء ابراج واعمدة نقل الطاقة الكهربائية اضافة الى طلاء الهياكل الحديدية للسقائف التي تحتاج الى غلونة حارة والاستفادة منه ايضاً في القطاع الصناعي.

وهنالك مصنع الخدمات المركزية يقوم بتجهيز الشركة بالاحتياجات الخدمية التالية (كالكهرباء لتشغيل المكائن والخطوط الانتاجية والخدمية ، محطة الماء الصافي للشرب، محطة لتصفية مياه الصرف الصحي والصناعي ، انتاج غاز الاوكسجين السائل والنتروجين الذي يستعمل في العمليات الانتاجية) اضافة الى احتوائه على قسم لاطفاء الحرائق.

وتبلغ طاقة المعمل الانتاجية من الاوكسجين (250)م3/ساعة ومن النتروجين(100)م3/ساعة ومن هذا يتبين ان المصنع يوفر الخدمات لبقية مصانع الشركة وله دور ايضاً في رفد الاسواق المحلية بغاز الاوكسجين الذي يمكن بيع الفائض منه عند الطلب.

وللشركة انجازات مهمة على مدى الاعوام التي مضت والتي كان لها الدور الفعال كأبراج الاتصالات والبث التلفزيوني والجسر المعلق وجسر الشورجة للمشاة وبرج الحفر 100متر لشركة الحفر العراقية ومصافي النفط الصغيرة(10000)برميل وتصنيع مسبوكة الرابط الهيدروليكي لمضخة التغذية الرئيسية لمحطة كهرباء بيجي وتصنيع مسبوكات المضخات الاروائية العملاقة وتصنيع مسبوكات مختلفة كمواد احتياطية لمحطات الكهرباء في العراق.

والجدير بالذكر ان الشركة حققت تقدماً واضحاً في نسب الانتاج والنوعية الجيدة قياساً بالسنوات السابقة رغم انها قليلة بسبب اعمال التاهيل للمصانع ضمن الخطة الاستثمارية لعام 2008-2009 ومتوقع للشركة زيادة ايراداتها المالية بشكل كبير بعد الانتهاء من اعمال التاهيل عام 2011.