يستمر الطريق الرابط بين تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، ومحافظة كركوك، بحصد أرواح المئات من العراقيين، إذ تزايدت معدلات الحوادث المرورية خلال العام الحالي، فلا يكاد يمر يوم إلا وتنشر مواقع التواصل الاجتماعي ووكالات الأخبار، صورا وفيديوهات لحوادث مرورية في مناطق مختلفة على طريق بات يُعرف بأنه "طريق الموت".
وتبدأ التخسفات في الطريق من بداية جسر مريم بيك، وصولا إلى مركز ناحية الرشاد، ومن ثم تصل إلى قبل قرية المهدية على سفح تلال حمرين بين كركوك وتكريت، ما يجبر السائق على تحويل مساره إلى الجهة الأخرى "الإياب"، من أجل الابتعاد عن المطبات،
وحول الأمر، يقول مدير ناحية الرشاد في محافظة كركوك موفق نوري، إن "طريق الرشاد الرابط بين كركوك وتكريت تمت إحالته إلى 6 شركات عراقية من قبل الحكومة السابقة في كركوك بإدارة راكان الجبوري، وجميعها تلكأت وفشلت في إنجازه وتأهيله، لغرض إنقاذ حياة المواطنيين الذين يموتون بشكل مستمر على هذا الطريق".
ويضيف نوري، أن "الطريق عبارة عن مسار واحد لأكثر من 70 كيلو مترا، جرى تقسيمها على 4 أجزاء، والشركة المنفذة حاليا عملها بطيء جدا، رغم مناشداتنا للحكومة ووزير الإعمار، لغرض زيادة عدد الآليات وإنذار الشركة بسرعة التنفيذ".
ويشير إلى أن "هذا الطريق لا يلقي الأهمية، رغم كونه طريقا استراتيجيا يربط سكان محافظات الأنبار وصلاح الدين مع محافظات كركوك وإقليم كردستان، وله أهمية تجارية أيضا، ولكن لم يسلط الضوء عليه، كما هو الحال مع طرق بغداد- كركوك، وطريق بغداد- موصل".
وفي وقت سابق، أصدرت دائرتا المرور في محافظتي كركوك وصلاح الدين 6 قرارات مرورية للحد من الحوادث المرورية على "طريق الموت" الرابط بين كركوك وتكريت، وتضمنت: منع حركة مركبات الحمل الكبيرة (أربعة طن فما فوق) من الساعة الخامسة صباحا وحتى الخامسة مساء، وإلزام دائرة الطرق والجسور التابعة للمحافظتين المذكورتين بإنجاز ما تبقى من أعمال إكساء وتبليط الطريق الرابط بين كركوك وتكريت مع ضرورة ملاحظة تسوية الأكتاف الترابية للطريق وجعلها مساوية لنهر الطريق.
وشهد الطريق المذكور خلال شهر أيلول الماضي، وفاة معاون محافظ الأنبار صفاء الريشاوي وثلاثة آخرين بعد احتراق سيارتهم بالكامل نتيجة حادث سير.
من جانبه، يبين مصدر في دائرة مرور صلاح الدين، أن "عدد حالات الوفاة بسبب الحوادث على طريق تكريت كركوك خلال العام الحالي فقط، بلغت أكثر من 37 حالة وفاة، فضلا عن أكثر من 62 إصابة بجروح متفاوتة، فضلا عن عشرات الحوادث التي كانت نتيجتها تصادم بين السيارات فقط".
ويلفت المصدر، إلى أن "وزارة الأعمار والإسكان وجهت كتابا فيه إنذار فيه شديد اللجهة للشركة المنفذة لطريق كركوك تكريت، لغرض إنجازه قبل نهاية العام الحالي، خاصة بعد الحادث الأخير الذي أدى لوفاة معاون محافظ الأنبار، الذي توفي بعد عودته من أربيل إلى الأنبار على هذا الطريق".
ولا تنفرد الأنبار بهذه الظاهرة فـ"طرق الموت" موجودة في جميع المحافظات العراقية من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، وتحصد يوميا عشرات الضحايا والمصابين من دون أن تتم معالجة هذه المشكلة.
وكان قائممقام الرمادي إبراهيم العوسج، قد قال في تصريح سابق إن الطرق الخارجية للمحافظة طويلة وذات مسافات بعيدة وتحتاج إلى ميزانية المحافظة لمدة خمس سنوات من أجل القيام بتأهيلها، إذ تتجاوز مسافتها 600 كلم، مبينا أنه في حال المباشرة بهذه الطرق على نفقة المحافظة، فإنها لن تكون قادرة على إنشاء مشروع واحد، نتيجة قلة التخصيصات المالية.
إلى ذلك، يبين المهندس المختص بالطرق والجسور أيمن الجبوري، أن "تزايد الحوادث على طريق تكريت كركوك لها أسباب عدة، والسبب الرئيس يعود لكون الطريق عبارة عن مسار واحد لأكثر من 70 كيلو متر، وهذا الأمر وحدة يعتبر مشكلة كبيرة".
ويردف الجبوري، أن "التخسفات الموجودة على الطريق تضطر السائق لاستخدام الفرامل بصورة فجائية، وخاصة في الليل، لكون الطريق يفتقر للإنارة والعلامات المرورية، وهذا يؤدي لتزايد الحوادث، حيث لا يوجد تنبيه مسبق بتخفيف السرعة".
ويتابع أن "السبب الآخر، يعود لعدم وجود مفارز مرورية على هذا الطريق، ولهذا هناك سرعة جنونية، وأكثر الحوادث نتيجة السرعة والأجتياز الخاطئ من قبل السائقين، وخاصة الشاحنات الكبيرة"، مبينا أن "الحل الأنسب لتقليل الحوادث في الطريق الذي بات يعرف بطريق الموت، هو بتحديد وقت لسير الشاحنات، وأيضاً، نصب الكاميرات لعدم تجاوز السرعة المعدلات المقبولة، فضلاً عن إنارة الطريق، حيث أن انتشار الكلاب والحيوانات السائبة، التي تسبب الحوادث في كثير من الأحيان".
ويشهد قطاع الطرق والجسور في العراق ترديا كبيرا في ظل ارتفاع أعداد المركبات في البلد والكثافة السكانية، ولم يشهد البلد افتتاح أية طرق جديدة أو معالجة للطرق المتهالكة، رغم جباية الأموال من المواطنين، بل اتجه البلد إلى طرح ملف تطوير الطرق في مؤتمر الكويت للدولة المانحة، الذي عقد عقب إعلان النصر على تنظيم داعش الارهابي.
كما وتتجه أغلب المحافظات إلى توكيل مهمة تطوير الطرق إلى شركات بأرقام مهولة، وأبرزها ما جرى في قضاء أبي الخصيب بمحافظة البصرة، حيث تمت إحالة تعبيد طريق بتكلفة مليار دينار لكل كليومتر، حسبما كشفت "العالم الجديد"، في 23 ايلول 2020، في حين، تذهب الأموال الى الجهات الخدمية، التي تملك الأيدي العاملة والآليات.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- ما علاقة تشكيل حكومة كركوك بالطائرة التركية؟
- العراق يقاسم "بي بي" أرباح نفط كركوك.. فهل ينجح بجذب الشركات العالمية؟
- ما هو سر مبلغ الـ(175) الف دينار؟: موكب حسيني يقدم خدماته للزائرين على طريقة المطاعم الحديثة