بقلم | د. عماد عبداللطيف سالم
القضيّةُ في الليرة والتومان، و"الغاطِسْ" بينهما، ومعهما.. هي قضيّةُ اقتصاد، وليستْ قضيّةُ عناد.
بمعنى أنّ "المعركة"، مهما كانت دوافعها، ستُدار بوسائل و "أدوات" Tools اقتصاديّة، وليست عسكرية.
القضية هي ليست قضية "مناكفة" بين صديقين حميمين، أو بين شخصين في علاقة عابرة.
القضية تتعلّق بحجم الدين العام (الداخلي والخارجي)، وديون الشركات الوطنية للمموّلين (المُقرضين) الأجانب، وسعر الفائدة، والميزان التجاري، والميزان الجاري، وتحركات الاستثمار الأجنبي (المُباشر وغير المباشر)، وحركة رؤوس الأموال (قصيرة وطويلة الأجل)، والقيود على التجارة الدولية، وحجم وقوة التأثير للعُملة الرئيسة في التبادلات الدولية، والمتغيرات الرئيسة للاقتصاد الكلّي.. ليأتي فيما بعد، تغيّر ميزان القوى بين الاطراف الفاعلة (اقليمياً ودولياً)، في صراعها على مصادر القوة والنفوذ(ومعظم هذه المصادر هي موارد اقتصادية بدرجة اساسية).
القضية في جوهرها اذن، هي قضية اقتصاد، وليست قضية "كرامات" قومية و وطنية و شخصية وعائلية.
إنّ أسوأ شيءٍ يُمكنُ أن يحدث لك (والأسوأُ منه هو ما سيحدثُ لغيرك)، هو أنْ تكونً اقتصادياً، والاقتصاد ليس اختصاصك، وطبيباً، والطبّ ليس اختصاصك.
اذهبْ وكُن سياسيّاً "تويتريّاً" أو مُحَلّلاً "فضائيّاً"، أو شاعِراً "فيسبوكيّاً"، أو خطيباً "مِنْبَرِيّاً"، في أيّ مكانٍ تُريد، فهذا شأنكَ، وشأن الناس الذين يقرأونَ أو يصغون لك، أمّا الاقتصاد فهو شيءٌ آخرَ تماماً.
العِناد والمكابرة لا قوانين لهما. أمّا الاقتصاد فيقوم على "توازنات" دقيقة، تضبطها قوانين حاكمة.
هذه القوانين قد لا تعمل احياناً كما يجب (لسببٍ ما)، ولكنّها دائماً ما تعمل، وإذا عملَتْ فإنّها لا ترحم أحداً، بما في ذلك أولئكَ الذين قاموا بسّنّها، و وضعوا لها اصول اللعبة، و قواعد العمل.
تُريدُ أنْ تأخذَ شيئاً من "المحظورات"، أو تحصلَ على شيءٍ بحكم "الضرورات".. امْنَح "المُنافسين" شيئاً بالمُقابل.
دونَ تنازلات (وفي مرحلةٍ ما، كمرحلة ترامب، قد لا تكونُ هذه التنازلات مُتبادَلَة، أو "مشروعة"، أو عادِلة)، قد لا تقومُ لك قائمة.
أنا آسفٌ جدّاً، ولكنّ أسفي لا معنى له. فهذا هو "المنطق" الذي يتحكّم في مسار، وتوجّهات، العلاقات الاقتصادية (والسياسية) الدولية، شاءً من شاءَ، وأبى من أبى.
اهدأ قليلاً.. ولا تتمَدّد بعيداً خارج"البيت".. وتفَحّصْ كثيراً سياج "الحديقة".
اعطِ الخُبزَ لخبّازيه.. والحديدَ لحدّاديه.. والسيّارة لسائقها الماهر.. والسفينة لقبطانها الحكيم.. والطائرة لطيّارها المُتَزّن.. و تمتّعْ بـ "القيادة".
اهدأ قليلاً.. وتحرّكْ في حيّزٍ ضيّق، أنتَ و "العائلة".. إلى أن يَمُرَّ الاعصار، وتهدأ العاصفة.
خلاف ذلك.. هناكَ شيءٌ يُدعى "الانتحار".
و عندما تُقَرّرُ أن تنتَحِرْ، عزيزي "المؤمِن - المُجاهِد".. عليكَ أن لا تنسى أنّ المٌنتَحِرينَ في جميع الأديان.. لا يدخلونَ الجَنّة.
أقرأ ايضاً
- وللبزاز مغزله في نسج حرير القوافي البارقات
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- وقفه مع التعداد السكاني