- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
باطنية الإعلام وتسلطية المُلّاك *الجزء الأول *
حسن كاظم الفتال
بعض المتلقين يحسب أن تدوين أي بحث أو حتى الإشارة بالكتابة عن الإعلام وصفا أو شرحا كانت أو تحليلا تستلزم تزيينها بديباجة خاصة تتلاءم مع جمالية بريق الهالة الإعلامية التي يكونها الواقع الإعلامي المتزن.
أي أنهم يتوقون إلى أن يجود الكاتب بانثيال حزم من مصطلحات إعلامية أنيقة تمتزج بمفردات مزوقة تتناسق مع ما يتعاطاه الإعلاميون في مخاطباتهم لتكون اللغة إعلامية صرفة أو على الأقل تحمل بطياتها مفردات وجمل وعبارات تلمح على أنها قواعد منهجية نمطية. وبتعبير آخر أن يعتمد قوالب جاهزة كما يقال أو نماذج من طراز خاص يسميه بعض المتابعين (كلايش) أو الديباجة يؤطر بها الحديث عن الصحافة والإعلام.
ظنا منهم بأن ذلك يمنحها قوة التوغل أو يمنحها شرعية القبول لدى الإعلاميين.
فإن كانت هذه قاعدة الكتابة عن الإعلام أو من شروطها فأنا سأشرع بالانفلات من هذه القاعدة وأعزم على مخالفة شروطها وأكتب بطريقتي الخاصة بسجية المتضرر من الذين يعتمدون سطحية المصطلحات.
وأقول بداية كما يقول الجميع: أن الإعلام رسالة إنسانية. يتلخص تعريفها بأنها تستلزم اعتماد آلية معينة في توصيلها بمهنية وحرفية جادة ومتقنة وبدقة بالغة. ومن بديهيات هذه الرسالة أنها تنفرد بخصائص تميزها عن سواها. ولعل العمل في الإعلام لا يخضع أحياناً لنمطية الضوابط أو المعايير أو السياقات التقليدية التي تتعاطاها الفئات الإدارية الأخرى في تحديد آليات العمل في شؤون هذه الإدارات وإصدار الأوامر. وتقييم حجم الكم أمام النوع.
أبجديات العمل الإعلامي:
سسسسسسسسسسسسسسـ
لا شك أن متابعة الأداء في أي مؤسسة ومراقبته وتقييمه بشفافية عالية تلك ممارسة مطلوبة ويقتضي ديمومتها وعلى شكل دوري ولو بين زمن وآخر. ولعلها إحدى نقاط الشروع للإنطلاق بالنهوض بواقع العمل وتطويره.
والتقييم الدوري يحدد أو يفرز الغث من السمين والجيد من الرديء ويعطي كل ذي حق حقه. لذا فثمة مقارنة تعتمدها المؤسسات الإعلامية الواعية تحدد مديات التقييم الصحيح أو مساراته وهي أشبه بمعادلة ثابتة يتمظهر بها عالم الإعلام الواعي الملتزم المتزن ترتكز على ركيزتين:
يكلف الإعلامي بالمهام ويشترط أن يتجلى الإبداع بمنجزه ويبدو نشطا وتتراءى الدقة والروعة والبراعة إلى جانب الرصانة في نتاجه.
بالمقابل تتم تهيئة سبل ووسائل تسهل له إنجاز ما يرتجى منه بكل نجاح. ولعل أول هذه الوسائل توفير أجواء مناسبة تتيح له المسير بحرية تامة وقطع شوطه في العمل بتمام الإبداع بل تقدح فيه زند الرغبة لتقديم ما هو أفضل.
عندما يتم التكافؤ بين الركيزتين تتحقق نتيجة واعية.إذ بعد أن توهج الإبداع في وجدان الإعلامي وتبلورت لديه أدوات وآليات النجاح بتفكير ناضج فإنه سوف يسلك السبيل بإنسيابية تسهل له بلوغ ذرى التطور وتوسع مسافات تحركه والتواصل باتباع مجريات العمل الصحفي والإعلامي ومراقبة كل المستجدات التي تحصل هنا وهنالك بدقة متناهية.
إذن كلما ذُلِّلت للإعلامي العقبات وأزيلت بعض القيود واتسعت مساحة الحرية وانفصمت حلقات الروتين وألغيت بعض الشروط القسرية أو الضوابط التقليدية الملحة مع التوسم ببريق شرف المهنة واعتماد المهنية والحرفية. كلما تضاعف مستوى اجتيازه لبلوغ مراتب النجاح وراح نتاجه يزداد نضوجا ويأخذ أثره في النفوس
ومن البديهي أن ثمة استثناءات تنشئها الضرورة القصوى أو مقتضى مصلحة عمل المؤسسة أو تفرضها سياستها المتبعة أو توجهها وما ينسجم مع منهجيتها. هذه الإستثناءات تمنح المؤسسة الإعلامية أحيانا الحق في أن تحدد مساحات التحرك للإعلامي الذي ينتسب لهذه المؤسسة
أقرأ ايضاً
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- الأولويّةُ للمواطنِ وليسَت للحاكم
- الإعلام الحسيني.. الأهداف والخصائص