قام دكتور عراقي اغترب (21) سنة في كندا بتوزيع جوائز ثمينة وهدايا للزائرين السائرين إلى كربلاء مشيا على الأقدام في ذكرى أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، وكان يلقي وزوجته محاضرات على تجمعات شبابية في المواكب الحسينية تتضمن نصائح وتوجيهاتٍ وقصصا مثيرة للاستغراب حصلت له خارج العراق، ويروم تشكيل فريق من المتطوعين يعملون معه في السنين القادمة لزيادة الفائدة والخدمة المقدمة لزوار الإمام عليه السلام.
وبدا على وجه الدكتور غياث الدين محمد رشيد إبراهيم وهو بعمر يناهز الـ (70) الحماس والاندفاع وهو محاط بمجموعة من الشباب ويتحدث معهم، ليستقبلنا بابتسامة تنم عن دراية منحتها له خبرة العمر ويتوقف عن حديثه ليبادرني بسؤال أنت صحفي ماذا تريد؟، أجبته نعم أستاذ، أيبدو عليَّ ذلك؟ أنا أعلامي ويسعدني أن اجري حوارا مع أمثالكم ممن لديهم غذاء علمي وروحي للسائرين على طريق سيد الشهداء، ليرد انتم الصحفيون لديكم فراسة في الحصول على ضالتكم في هذه المسيرة المليونية إلى كربلاء.
تأوه الدكتور إبراهيم وهو يقول هربت من النظام وليس من العراق في 1976 بعد أن وهبت بلدي (12) شهيدا في عهد النظام السابق من ضمنهم (2) من إخواني وأولاد أختي وأولاد أخي، وقسم منهم مفقودون لحد الآن فلم نجد لهم اثرا لأنهم أذيبوا بأحواض (التيزاب)، وهؤلاء الشهداء من عائلة (ام الهوى) وهم سادة معروفون في محافظة واسط التي شيد فيها اكبر جامع لوالدي، فمسقط رأسي الكوت وأنا من سكنه مدينة الكاظمية في بغداد.
واستنشق الدكتور إبراهيم متعمدا نفسا طويلا ليلفت انتباهي عن مدى كبر عشقه لوطنه وأكمل حديثه: بعد أن قضيت (33) سنة خارج العراق كانت منها (21) سنة في كندا فقط، قررت في 2009 أن اترك كل شيء وأعود إلى بلدي أنا وزوجتي وأبنائي الأربعة وكان الكبير فيهم مواليد 1997من زوجة ألمانية، والصغير ولد في ليبيا عندما كنت ادرس في جامعة الفاتح من سبتمبر في سنة 1982، وان زوجتي الأولى عراقية من محافظة الديوانية، وقد درست وحصلت على شهادات عليا، وكسبت خبرات وتجارب كبيرة من العالم الغربي.
وبين الدكتور إبراهيم بأنه ليس طبيبا وإنما يحمل شهادة الدكتوراه في الفنون التشكيلة، "وبعد عودتي إلى العراق عينت في مؤسسة الشهداء كمترجم باعتباري لديه (12) شهيد في عهد النظام السابق، وفي سنة 2009 كان هناك قرار حول عودة الكفاءات العلمية، وتم تعيني بحسب قرار (441) كدكتور أكاديمي في جامعة بابل كلية الفنون الجميلة قسم الفنون التشكيلية ونحات ورسام، يوم 31/12/ 2016 أحلت على التقاعد براتب (1.250) مليون دينار، وأنا أعيل عائلتين احدهما في كندا والأخرى في العراق ومجموعة من الأيتام لأصدقاء وأقارب.
وبادر الدكتور إبراهيم قبل أن نوجه سؤالا أخر له بسرد قصة حصلت له في ألمانيا، "ذهبت وزوجتي الألمانية وهي الزوجة الأولى في زيارة إلى أهلها في ألمانيا سنة 1992 وهناك راجعنا طبيب الأسنان لان علاج الأسنان في كندا مكلف جدا، وقد أخرجت من جيبي (مسواك) للطبيب الألماني وأخبرته إن هذا سر من أسرار الدين الإسلامي وقد أوصانا النبي صلى الله عليه واله أن نستخدمه لتنظيف الأسنان وطلب مني (عود المسواك)، وفي 1996 أتيت إلى ألمانيا مرة أخرى ووجدت لديهم معجون أسنان اسمه (مسواك) ورسم لشكل (المسواك) وموضحين في النشرة المرفقة لهذا المعجون إن من ضمن فوائد هذه الجذور هو أنها تحافظ على البكتريا وتطيب الفم وتمنع التسوس".
وأضاف الدكتور إبراهيم "أنا لست طبيب أسنان ولكن من خلال معيشتي لسنوات طويلة في الغرب تولدت عندي قناعة بان الأسنان هي بيت الداء والدواء، وعلميا اثبت إن الله سبحانه وتعالى أعطانا بكتريا صالحه في الفم للحفاظ على صحة الجسم وتوازنه ويحتوي الفم أيضا على الجرثومة والميكروب، وان هناك نظاما في جسم الانسان تموت خلايا خلال النهار من جراء التعب والعمل وغيرها من أمور الحياة، وفي النوم تحيا خلايا جديدة ".
وانتقل الدكتور الأكاديمي إبراهيم الى قصة أخرى مثيرة جذبت انتباه المتجمعين من الشباب، "جاء احد الأشخاص لشراء سيارتي في كندا وجلس بقربي وسألني هل السيارة باسمك؟، فقلت له نعم، ثم سألني هل أنت مدخن؟، فأجبته لا، واخذ يمسح زجاج السيارة بالمناديل الورقية، فقلت له لماذ؟، فأجاب بأنه ممكن أن أكون اشتريتها من شخص مدخن، وإذا ثبت ذلك يقل من سعرها (3) آلاف دولار، فقلت له أنت تعلم بأنه توجد مختبرات في كندا تقوم بتنظيف السيارة من جميع آثأر الدخان بألف وخمسمائة دولار، فقال أن أرسلتها سوف تبقى بدون سيارة لمدة (7) أيام وهذا يكلفك مبلغ أكثر من (3) آلاف دولار، وفيما بعد تبين إن هذا الشخص طبيب أسنان وأصبح الصديق المقرب لي وحصلت منه على معلومات صحية علمية غيرت الكثير في حياتي، وكنت أتمنى أن تسنح لي الفرصة بان أوصل كل هذه المعرفة إلى أبناء وطني".
وأكد الدكتور الأكاديمي إبراهيم، انه منذ (7) سنوات يسير على هذا الطريق ويسجل الكثير من الملاحظات السلبية التي تؤثر على صحة الزائرين ويعمل في السنة القادمة على معالجتها وتصحيحها بقدر ما يستطيع من خلال المحاضرات وطبع وتوزيع المنشورات العلمية على المواكب ومكاتب الاستفتاءات الشرعية بما يصب في مصلحة الزائرين، وخاصة في مجال الاهتمام بالنظافة وعدم رمي الأوساخ في الشوارع، وان التوعية على ذلك مهمة جدا، كذلك أوجه بعدم رفع صوت المكبرات والالتزام بوقت الصلاة.
وعما قام بتقديمه في هذه السنة قال الدكتور إبراهيم، "خرجت من محافظة بابل منذ خمسة أيام وكنت انتقل من خيمة إلى خيمة في المواكب لتوعية الشباب على ضرورة المضمضة وتنظيف الأسنان بعد الأكل، وكنت أتألم كثيرا عندما أشاهدهم يدخنون لأنهم لا يعرفون بأنهم يهددون حياتهم وصحتهم للخطر المميت، وكنت أتعامل معهم بالابتسامة وبكلمة حبيبي وانصحهم بطريقه مؤدبة جدا، واخبرهم بان هناك معلومات لا تعرفونها عن التدخين وما يسببه من آثار سلبية على صحة الفرد، وكل شخص لديه الرغبة في ترك التدخين أشجعه وافهمه مضار التدخين وفوائد تنظيف الأسنان، والطريقة الصحية في تنظيف الأسنان بالفرشاة وكل شخص يمتلك فرشاة ومعجون أسنان أعطيه جائزة، ولحد اليوم قمت بتوزيع (7) ساعات يدوية ثمينة كجوائز، وقمت بتوزيع (350) فرشاة أسنان ومعجون هدايا خلال اليومين الأول والثاني من مسيرتي هذه وأنا مستمر على ذلك حتى أصل كربلاء".
وزاد الدكتور إبراهيم على ذلك في محاضرة له عن عما يسببه التدخين من أمراض "إن المدخن وبعد مضي خمس سنوات عليه وهو يدخن تبدأ لزوجة دمه بالزيادة، وان اللزوجة تؤثر بعد عمر الـ (35) سنة وتضرب النقاط الضعيفة في جسم الإنسان"، موضحا ذلك بوصف بسيط، "بأن الماء يسير في الأنابيب بسرعة وانسيابية عالية، ولكن عندما نزيد لزوجته بإضافة أي مادة سكرية له سوف يكون جريانه بطيئا ويلتصق على الجدران، وهذا نفسه يحصل لجريان الدم في الأوردة والشرايين"، وانه استخدم هذه القصة كثيرا في محاضراته على طول الطريق.
واسترسل الدكتور في حديثه معنا عن الإمام الحسين عليه السلام وكيف نستفيد من قضيته لتوجيه الأجيال الحالية والقادمة "قبل كل شيء يجب أن نعرف إن الإمام الحسين هو قضية وهو موقف وقد أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، والنصيحة والكلمة الطيبة هي ثوابت للحسين وآل البيت الكرام، وأنا استخدم ما جاء به الحسين في التوعية، فلما أشاهد احد الأشخاص بعد الأكل مباشرة يدخن (سيكارة)، أقول له بابتسامه بأنه لا الحسين ولا أهل بيته ولا نبيه كانوا يدخنون ولا أوصانا بالتدخين، وإنا الله أعطانا رئة بمليار ونصف حويصلة لتدخل الأوكسجين للجسم، وأنت أيها المدخن بهذا التصرف تدمر هذه الحويصلات بدون أن تعلم بأنك تدمر نفسك، ومن هذا المنطلق أوجه الناس.
ودعا الدكتور المغترب المرأة الحسينية أن تكون خير من يمثل زينب الكبرى عليها السلام، "على المرأة الحسينية أن تتأسى بالسيدة زينب الكبرى عليها السلام وآل البيت الأطهار من خلال الحفاظ على حشمتها وزيها، وأنا أتألم عندما أرى الشباب والشابات تتغير أخلاقهم وزيهم بتقليد الغرب، وأتمنى على المرأة أن تكون قدوة لأهلها ولبناتها مستقبلا، وللأخريات في كل العالم بكل تصرفاتهن وأخلاقهن لان الابن يقلد أباه والبنت تقلد أمها في التصرف، وخاصة مع انتشار ظاهرة التدخين و (الاركيلة) لدى اغلبهم، وان تكون تصرفاتهن لا تخجل السيدة زينب الكبرى عليها السلام خاصة وأن العقيلة قد سارت مسافات أطول من هذا الطريق عشرات المرات وهي تتعرض للضرب بالسياط، ورؤوس أهل بيتها إمامها على الرماح، ورغم ذلك لم تهن او تضعف وحافظت على حشمتها وزيها وأخلاقها".
وختم الدكتور العراقي المغترب غياث الدين محمد رشيد إبراهيم حديثه معنا عن فكرة تولدت لديه من هذا اللقاء، "عندي فكرة اعتقد أنها جيدة ومصيبة انتم أسعفتمونا بها بهذا الحوار وأتمنى أن يكون التواصل معي من خلالكم، وهي أنني سوف أشكل فريق عمل كاملا في السنة القادمة يضم متبرعين مستعدين للتوعية على طريق الإمام الحسين عليه السلام، لكي تعم الفائدة لأكثر عدد ممكن من الزائرين، خاصة وان زوجتي تحضر مع سنويا لتوجيه النساء بترك العادات السلبية وأنا أسير في الجانب الأيمن من الطريق وهي تأخذ الجانب الأيسر".
محسن الحلو- خاص بوكالة نون الخبرية
أقرأ ايضاً
- الحكومة العراقية تعدّل قراراً خاصاً بالتبرع من رواتب موظفيها الى لبنان وغزة
- مجلس محافظة كربلاء: عملية التعداد نجحت والباحثين وصلوا لأكثر من (404) ألف موقع
- البرلمان يخاطب مجلس الوزراء لتعديل قرار استقطاع 1% من رواتب الموظفين والمتقاعدين