- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
التحديات وافاق المستقبل.. استثمار التعددية والفضاء الاقليمي
حجم النص
بقلم:عادل عبد المهدي 1- سيقول البعض ان تعدديتنا والخلافات الاقليمية هي من اسباب ازمتنا وتحدياتنا.. وهذا صحيح.. وهذا دليل ان الحل يجب ان يأتي من الارتكاز على هذا العامل وليس بالقفز عليه.. فالحضارة والنهضة قامت على التعددية والتناغم الاقليمي، وهذا ما يمكن ان يكون عليه الحل الان ومستقبلاً. 2- خياراتنا محدودة، فاما ان نبقى على اوضاعنا الراهنة، او ستتهاوى هذه الاوضاع كما تتهاوى صحة مريض يرفض العلاج. لم يكن الامر هكذا تاريخياً، ولن يكون كذلك مستقبلاً، ويخطىء من يقول ان شعبنا غير قابل للعلاج. فالنماذج الشبيهة لنموذجنا تهاوت في معظم ارجاء العالم، وقامت انظمة اكثر تطوراً بما في ذلك في بلدان كان يقال عنها ما يقال عنا اليوم. وستجد شعوب وديانات ومذاهب وتيارات المنطقة اطارات اكثر ديناميكية، واكثر رحابة لحراكهم الجديد، كما وجدت مئات القوميات والديانات والتيارات والالسن وحدتها وحراكها الايجابي في بلدان متعددة كالصين والهند وروسيا وامريكا واسيا.. وكما وجد البروتستانت والكاثوليك والارتدوكس والجرمان والانكليز والطليان والاسبان والفرنجة واليونانيون وغيرهم، مجالات اكثر رحابة لحراكهم، بعد قرون من الحروب القومية والدينية والتيارية المختلفة. 3- لا بديل امامنا سوى توحيد حركة مكوناتنا داخلياً بالتوافق الدستوري، وحكومة الاغلبيات السياسية، والتي يمكن للقوائم الوطنية الانتخابية المشتركة ان تفرزها.. وقيام قيادة موحدة للبلاد سيادياً، ولامركزية وتعددية وفيدرالية تستطيع ان تجعل النظام متعايشاً مع كافة تلاوين شعبنا.. والخروج من الاعتماد على النفط والثقافة الوظيفية، والاعتماد على حراك الشعب والمجتمع اقتصادياً وثقافياً وعلمياً، وهذا كله سيصعب تحقيقه دون حراك جاد ومخلص، خصوصاً ما يتعلق بالعراق وموقعه ودوره الحضاري والتاريخي.. وكارض استقبلت الهجرات.. وصاغتها في الشخصية العراقية المتحدة، مع حركة الشعوب العربية والتركية والايرانية والكردية وغيرها من شعوب اساسية في المنطقة. فالتماهي مع فضاء اقليمي هو مستقبل العراق. فالعراق شعباً لم يكن عراقاً موحداً قوياً في اية مرحلة من مراحله، الا عندما تماهى مع فضاءاته واقليمه. 4- سيجد الدينيون وغير الدينيين مجالات اوسع لدعواتهم. اذ يعتقد البعض ان وضعية او علمانية اوروبا في محصلتها كانت ضد الدين، وهذا امر تخالفه الوقائع. فمسيحية القرون الوسطى، عندما كانت مسيطرة واحادية السلوك وغارقة في ظلاميتها وحروبها، كانت محصورة في بعض اوروبا وقليل من الشرق. بينما المسيحية اليوم، بعد الحكومات المدنية في دولها وتنوع سلوكياتها، هي الدين الاول في العالم، وتمثل اكثر من 31.5%)2.2 مليار) من سكان الكرة الارضية. وانتشرت تحت راية الصليب في قارات جديدة، بما في ذلك في مواقع الديانات الاخرى. فـ"دينها" اليوم لا يخلو من "علمانية"، و"علمانيتها" لا تخلو من "دين"، وطبقت عملياً شعار "علمانيون هنا، كاثوليك هناك". وجعل اليهود دينهم قومية، واسسوا اكثر الدول الـ"دينية" في العقيدة، والـ"علمانية" في السلوك، فتراهم اقوياء يتحكمون باعظم دول العالم. بالمقابل، انتشر الاسلام -قبل قرون- لاقصى المعمورة، من اوروبا الى اعماق اسيا وافريقيا، عندما رتب العلاقة بين الولاية الدينية والدولة الوضعية.. بينما يواجه اليوم -بسبب الارهاب والفكر الضيق- حصاراً مع نفسه ومع العالم، لن يتخلص منه ما لم يتخلص من ثقافات التعصب والتكفير والغاء الاخر. 5- وسيجد القوميون مجالات اوسع لشعوبهم.. فانقسمت الامبراطورية النمساوية/المجرية بقومياتها واديانها المختلفة على نفسها، وتماهت قومياتها ومذاهبها افضل مع فضاءات اكثر انسجاماً معها، وبقيت النمسا والمجر دولاً متقدمة. وانقسمت جيكوسلوفاكيا الى جمهوريتي الجيك والسلاف المتعايشتين في اطار الوحدة الاوروبية. وقُسمت المانيا واحتلت عندما ارادت ضم اراضيها واراضي الاخرين بالقوة خلال حربين.. لكنها استطاعت عبر المصالح ان توحد الجرمان وتكون الاقوى في الاتحاد الاوروبي. فتاريخنا وواقع الاخرين مليء بالتجارب التي تسمح باحتواء التضادات في اطار وحدات اكبر، تبقى ديناميكية وموحدة دون ان تتجاوز على حقوق غيرها. وتتقدم مسيرة وحدة الفضاءات في ارجاء المعمورة، الا في منطقتنا حيث المسارات بطيئة والخلافات ما زالت متحكمة، رغم ان الجميع يؤكد ان لا حل لمشاكله الداخلية والخارجية دون وحدة وتعاون الفضاء الاقليمي. (للبحث صلة)
أقرأ ايضاً
- هل العراق مؤهل للعب دور الوسيط الاقليمي ؟
- استثمار زائف في ديمقراطية مملة
- الاستثمار في العراق سلاح ذو حدين !