- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مصداقية حرية الرأي بين الغرب والشرق
حجم النص
بقلم:صالح الطائي إلى المتباكين على حرية الرأي في العراق وسوريا واليمن، ومن يدعون أن حرية الرأي مفقودة في هذه البلدان.! (أوكتافيا نصر) صحافية أمريكية كانت تعمل في القناة التلفزيونية الإخبارية الأمريكية (CNN)، بصفة محررة مسؤولة عن تغطية أخبار منطقة الشرق الأوسط منذ عام 1990، وسبق لها وأن غطت النزاعات الرئيسية في المنطقة لحساب هذه القناة طيلة عشرين عاما متواصلة، وقدمت برامج مهمة جدا وجماهيرية؛ مثل: برنامج (CNN World Report) وبرنامج (CNN International World News) من عام 1993 ولغاية عام 2003. هذه الصحافية البارعة والمتألقة، تأسفت كثيرا حينما سمعت بخبر وفاة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رحمه الله)، وكتبت في موقعها على (تويتر): "إن فضل الله أحد الرجال الكبار في حزب الله؛ والذي كنت أحترمه كثيرا". فقامت نائبة رئيس مؤسسة CNN Int. "باريسا خصروي" باستدعاء الصحافية وإعلامها أن المؤسسة قررت أن عليها الرحيل ومغادرة المحطة فورا. وقد اتخذ هذا الإجراء المجحف الذي لم يُقدر عطاء هذه السيدة وتميزها؛ لأن الحكومة الأمريكية كانت قد أدرجت اسم فضل الله على لائحة من تسميهم (الإرهابيين الدوليين) هذا مع أن أوكتافيا ـ وفي سبيل المحافظة على وظيفتها ومركزها ـ سارعت إلى الاعتذار عما بدر منها من قول، والإعراب عن أسفها الشديد وعلى الموقع الالكتروني للقناة مباشرة، وقالت في اعتذارها: "إن الأمر يتعلق بخطأ من قبلي لأني كتبت تعليقا من هذا النوع وبهذه البساطة". ولكي يقبل عذرها، قالت أيضا: "كنت اقدر عنده موقفه المتميز بين رجال الدين الشيعة حول حقوق المرأة.. وهذا لا يعني أني كنت احترمه لكل شيء آخر قاله أو قام به". ولكن القناة لم تلتفت إلى الاعتذارات التي قدمتها الصحفية، واعتبرتها غير مقنعة. وهكذا أنهيت مسيرة إحدى أشهر الصحافيات الأمريكيات لمجرد أنها قالت كلمة حق غير مسموح لأحد أن يقولها. وجاء رحيلها عن الشبكة بعد شهر واحد على رحيل عميدة المراسلين في البيت الأبيض "هيلن توماس" التي أحيلت إلى التقاعد لمجرد أنها أدلت بتصريحات حول العدوان الإسرائيلي، اعتبروها مثيرة للجدل. فإذا كانت أمريكا التي يسمونها سيدة الحرية الشخصية قد تعاملت مع عنصرين مهمين وبارزين بمثل هذا الشكل المجحف والقاسي والظالم، لمجرد أنهما لم يسيرا مع القطيع الأبكم، فهل يطلب من باقي البلدان ولاسيما تلك التي تتعرض إلى عدوان شرس مثل العراق وسوريا واليمن أن تقف ساكتة حيال ما تقوم به بعض قنوات الفتنة والإرهاب، وبعض ما يكتبه المتصيدون في خزائن البترودولار، والباحثون عن المجد الشخصاني على حساب معاناة الشعوب، والداعون إلى الفتنة والطائفية؟! وأنا هنا لا أدافع عن أي عمل يهدف إلى مصادرة الرأي الصريح والمخلص والشريف وإنما أدعو إلى محاربة جميع القنوات التي تؤدي إلى إثارة المجاميع ضد بعضها أو التي تدعوا إلى الفتنة ونصرة الإرهاب.! إن الرأي لا يكون حرا ونزيها إلا إذا ما جاء لنصرة الحق والعدل والسلام والإخاء والمحبة وروح التعايش الجمعي، أما ما يخالف ذلك فهو ليس رأيا ولا يجب سماعه بل لا يجب السماح لصاحبه أن يعلن عنه مطلقا.!