بقلم:عباس الصباغ
رغم تضلّعه بمهام وهموم الفقه والفتوى وخبايا الدليل والارشاد الروحي والابوي كونه المرجع الديني الاعلى للطائفة الشيعية في العراق والعالم ، والكبير في السنّ ونادر الظهور في الإعلام، والزاهد في كثرة التعليقات والتصريحات ، الا ان سماحة اية الله السيستاني لم يكن بعيدا عن هموم العراق وشعبه وتوجيه النصح والارشاد الى جميع السياسيين المتصدين للقرار في اروقة الحكومة العراقية بكافة سلطاتها وعلى كافة توجهاتهم واطيافهم ومشاربهم الايديولوجية والمذهبية فوقف ـ دام ظله ـ مع الجميع على مسافة واحدة ومن خلال هذه المسافة الآمنة وكان يصدر توجيهاته وارشاداته السديدة للسياسيين العراقيين الذين يقفون على شفا حفرة من النار ليجنبهم الانزلاق في متون المخاطر ، وقد نجحت ارشاداته في كثير من الاحيان في نزع فتيل الأزمات وإطفاء حرائق الصراعات على الدولة بعد السقوط المدوي لأعتى ديكتاتورية عرفها العالم ، وعندما احسّ ان تلك التوجيهات والنصائح لايؤخذ بها من قبلهم كونهم مفضلين مصالحهم الشخصية والحزبية والفردية الضيقة اغلق بابه في وجوههم جميعا كدليل على الانزعاج والامتعاض منهم ومن سلوكهم ، ومن ثمّ الغى الخُطبة السياسية التي كان يلقيها نيابة عنه وكلاؤه في الصحن الحسيني الشريف ظهيرة كل جمعة بعد ان (بُحّ صوته ) كرد فعل على اللامبالاة التي كان يتعاطى بها سياسيو العراق الجديد لما بعد 2003. فقد وضع السيد السيستاني خارطة طريق واضحة لأسس العمل الحكومي الناجح في العراق وكما جاء في البيان الصادر عن مكتبه والذي في ست نقاط او توجيهات استراتيجية سديدة وكالتالي: ١. إعداد خطط علمية وعملية لإدارة البلد.٢ . اعتماد مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسلم مواقع المسؤولية. ٣.منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها.٤ . تحكيم سلطة القانون.٥.حصر السلاح بيد الدولة.٦ .مكافحة الفساد على جميع المستويات. بالمقابل ان سماحة المرجع الاعلى لم تغبْ عنه الصورة القاتمة للمشهد المأساوي للشرق الاوسط جراء الاعتداءات الوحشية للكيان الصهيوني على كل من غزة ولبنان مبديا اسفه وانزعاجه من فشل وعجز المجتمع الدولي المتمثل بهيئاته الدولية والاممية كالأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي في وقف تلك الانتهاكات والمجازر المروعة ضد شعوب المنطقة على يد اليميني المتطرف نتنياهو وكابيتنه الحكومية المتوحشة وامام الاستهتار الاسرائيلي المتجسد بتلك الحكومة . مستدركا في القول ، ولكن يبدو أن أمام العراقيين مساراً طويلاً الى أن يصلوا الى تحقيق ذلك، أعانهم الله عليه ، بحسب البيان ... وذلك اثناء لقائه بالمسؤول الاممي الخاص بالعراق والوفد المرافق له محمد الحسان ، و تكمن أهمية ما طرحه المرجع الأعلى السيد السيستاني خلال استقباله الحسان التشخيص الدقيق والعميق لاحتياجات العراق والرؤى الواقعية لتطلعات الشعب العراقي التي أوجزتها الحكومة في أولويات برنامجها المطروح والجاري تنفيذه ، لاسيما وان ذلك البرنامج وُصف بانه برنامج خدمات لحكومة وُصفت بانها حكومة خدمات وافعال وليست اقوالا ، وبموجب ذلك جاءت توجيهات المرجع الاعلى (فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى).
أقرأ ايضاً
- عفوٌ .. عن ناهبي المال العام؟
- دوافع دولية خفية وراء الصراع في سوريا
- بيانات السيستاني في القضية الفلسطينية