حجم النص
بقلم:عبدالزهرة محمد الهنداوي قضيتان تنازعتاني وأنا اهم بكتابة هذا العمود.. فكلتا القضيتين تفرضان وجودهما بقوة وتدفعك الى الخوض فيهما لما لهما من اثر وتأثير في حياتنا نحن العراقيين.. وحين وجدت انهما تحملان ذات القوة والأهمية شئت ان اربطهما مع بعضهما فالعلاقة بينهما وثيقة.. ففي هذه الايام تمر الذكرى السادسة والاربعون بعد المئة لعيد الصحافة العراقية والتي تخلد صدور اول صحيفة في بلاد وادي الرافدين في العصر الحديث وهي صحيفة الزوراء التي صدرت لأول مرة في الخامس عشر من حزيران عام 1869 وكانت باللغتين العربية والتركية.. وبدت مظاهر عيد الصحافة العراقية لهذا العام خجولة ومتواضعة وبعض من هذه المظاهر عكست واقعا لايسر الصحفيين.. فالظروف التي يعيشها العراق سواء كانت الامنية او الاقتصادية القت بظلالها الثقيلة على الاجواء...فإذا تحدثنا عن الجانب الامني فالمفارقة المبكية ان عيد الصحافة يتزامن مع ذكرى المأساة والفجيعة والنكسة او الوكسة بحسب تعبير العراقيين، ذكرى سقوط الموصل الحدباء بيد شذاذ الافاق وما تبع ذلك من تداعيات خطيرة تمثلت بمجزرة سبايكر التي تم تقييدها ضد مجهول وتلاشت في افق المزايدات السياسية.. ومن ثم سقوط صلاح الدين.. ولولا الفتوى التاريخية والحشد الشعبي لكنا في وضع اخر لاتحمد عواقبه.. وها هو عام يمر بأيامه ولياليه من دون ان نعرف كيف سقطت الموصل في ليلة غاب فيها القمر!! اذن كيف يحتفل الصحفيون بعيدهم والموصل مازالت اسيرة يسومها آسروها سوء العذاب فقد حطموا التاريخ فيها ليخرجوها من رحم الحضارة.؟؟. كيف يحتفل الصحفيون بعيدهم وهناك اكثر من ثلاثة ملايين نازح يواجهون ظروفا حياتية بائسة وعلى الرغم من بؤسهم هذا إلا ان بعض الساسة ما برح يستعمل مأساتهم في مزايداته اليومية لتحقيق المزيد من المكاسب السياسية ؟؟.. كيف يحتفل الصحفيون بعيدهم وقد لحقت الانبار بالموصل بعد اقل من عام على سقوط الاولى في ذات الظروف الغامضة ؟؟!! كيف يحتفل الصحفيون بعيدهم والعراق يواجه ازمة اقتصادية حادة جعلتنا نعيش حالة من التقشف الشديد بسبب انخفاض اسعار النفط وعدم القدرة على تحقيق السقف الانتاجي والتصديري الذي تم تقدير الموازنة على اساسه،مع غياب دور قطاعات التنمية الاخرى ؟ كيف يحتفل الصحفيون بعيدهم والكثير منهم قد يجد نفسه في اية لحظة بلا عمل نتيجة الظروف الصعبة التي تمر بها الصحافة العراقية ؟.. ظروف ان استمرت ستؤدي بلا شك الى توقف الكثير من الصحف عن الصدور ما يعنى ان صدمة اخرى كبيرة لايقل تأثيرها عن صدمة الموصل سيتعرض لها العراقيون بعد ان اصبح للصحافة العراقية حضور ودور واضح في مواجهة الارهاب وكشف الفساد ومحاربة كل ما هو سلبي فهي الصوت الصادق للوطن والمواطن.. وقد بدت بوادر هذه الصدمة تلوح في الافق بعد ان جفت ينابيع بعض الصحف فأغلقت ابوابها في مشهد حزين.. ونذكر هنا جريدتي خبر والبيان وقد تلحقهما صحف اخرى في قابل الايام وهذا يستدعي تدخلا عاجلا من قبل مجلس النواب او الحكومة لتدارك الامر وتجنيب البلاد ازمة جديدة.. هكذا هي أجواء العيد.. أجواء من غير تجديد.. وهكذا يحتفل الصحفيون العراقيون بعيدهم ولسان حالهم يردد ماقاله المتنبي مخاطبا العيد: (بأية حال عدت ياعيد.. بما مضى ام فيك تجديد... اما الاحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيدا دونها بيد).. كل عام والعراق.. كل عام وصحافتنا تتنفس..