- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الأربعينية درس في مختبر الوطنية
حجم النص
بقلم:واثق الجابري تختلف الشعوب بينها، في تحديد سن الرشد، وفي العراق مثلاً 18 عام وسويسرا 22عام، يسمى حينها المواطن السياسي، الذي يحق له المشاركة في صناديق الإقتراع، ويلزم بخدمة العلم حسب قانون الدولة. مشاركة المواطن بكلا خدمتين، يُراد منه ترسيخ مفهوم الوطنية والمشاركة الفعلية في بناء الوطن والدفاع عنه. مشاركة المواطن بإختيار من ينوبه أو التصدي المباشر، يعني الحرص على تمثيل الأخرين، لكي يحضى العدد الأكبر من المقبولية والإنسجام وتطبيق رسالة الإنسان، ومن هم دون سن التكليف يلزم البالغين برعايتهم. يتعلم الشاب في الخدمة الإلزامية، في مقتبل عمره على حمل السلاح والدفاع عن وطنه أن أقتضت الضرورة، وتحمل المصاعب والصبر والإيثار، والمشاركة في الإنتخابات لغرض الخدمة، قد تضع الإنسان تحت تأثيرات وربما تشتت فكره وقتياً لمخالفة عقله ويندم، وخدمة العلم يهرب بعضهم منها. عادة يكون الشعب السياسي ما يقارب 50-60% من الدولة، وهم من يحق لهم الإنتخاب، وتعتبر ناجحة في المقاييس الدولية إذا شارك نصفهم، أما من يكلف بخدمة العلم لا يتجاوزون 10%. تعداد العراق في أقرب التقديرات 35 مليون، منهم 2 مليون نازح و 4 مليون مأسور تحت تهديد الإرهاب في المدن المغتصبة، وكردستان 4 مليون هنالك صعوبات في وصولهم براً الى كربلاء، ومع ذلك شارك هذا العام بحدود 20 مليون زائر في الإربعينية. نتوقف كثيراً عند هذه الجموع المليونية الزاحفة، ونشعر أن عناية خفية، تحركهم وتجمعهم وتحميهم وتنظمهم؛ كيف تُخرج الأمواج البشرية تترى؛ كأنها ترتب المواعيد في السير وتقديم الطعام والخدمات والمسكن، كيف تقاسمت 20 يوم وهي متجهة من كل بقاع العالم الى قبلة واحدة؟! خدمة عظيمة وتصاغر أمام جلالة قائدهم الأمام الحسين عليه السلام، ولم نسمع شجار ولا صوت يعلو على (لبيك ياحسين)، نشاهد عظمة هذا الشعب؛ كيف إستطاع إستضافة 4.5 مليون زائر أجنبي، من 80 دولة، وأطعمهم وألبسهم وأسكنهم ونقلهم مجاناً بكل تواضع، وكيف تسابق معهم أبناء الشعوب الآخرى في الخدمة، فأيّ فكر عظيم حمل الإمام الحسين في رسالته الإنسانية. قدم الحسينيون درس عملاقاً، وتجربة علينا وضعها في مختبرات الوطنية والإنسانية، وإجتمعوا بمختلف المكونات والأديان، تحت راية الإنسانية وبناء الدولة ومحاربة الفساد والظلم. أيّ خدمة عظيمة تُحرر الذات، إستحق فيها الإمام الحسين أن يكون للأحرار أباً، وقد حدد الرشد الحسيني من أول يوم في ولادة الإنسان الى آخر لحظة في حياته، وبدل أن تلزمهم قوة، هم من تحدوا قوى التكفير والإرهاب وحملوا أرواحهم على أكفهم، وهذا أعلى درجات الخدمة الوطنية الطوعية، وهنا نستطيع من الأرقام أن نقول 80% من العراقيين شاركوا في خدمة ألزامية أخلاقية، وتعلموا دروس من المنهج الحسيني، ثمرها الوحدة والصبر والعطاء الوطني الإنساني الكريم.
أقرأ ايضاً
- القتل الرحيم للشركات النفطية الوطنية
- العراق وأزمة الدولة الوطنية
- ملاحظات نقدية على الاستراتيجية الوطنية للتربية والتعليم في العراق 2022-2031