- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الأخلاق وترشيد استخدام الكهرباء
حجم النص
بقلم صالح الطائي في ستينات وبداية سبعينات القرن الماضي كان معلمونا بناة حقيقيين للشخصية ولم يكن اهتمامهم منصبا على المادة التي يعلمونها فحسب وإنما يمتد إلى كافة الجوانب البنائية التي تسهم في بناء شخصية الطفل، وأذكر أنهم كانوا يعلموننا الآداب والقيم والسلوكيات وأشياء كثيرة أخرى، ومما كانوا يعلموه لنا أسلوب التثاؤب مثلا وكيف يجب أن نضع أيدينا على أفواهنا، وأسلوب تنظيف الأسنان من بقايا الطعام وكيف يجب أن لا نعمله أمام الناس، وكيف يجب أن نغلق أنبوب الماء بعد استخدامه ونطفئ المصابيح والمراوح بعد الخروج من الصف؛ وكل ما يخص حياتنا بما في ذلك التعامل مع المال العام واحترامه وكأنه مال شخصي لنا، والتعامل مع الكتاب وكأنه أحد المقتنيات الثمينة. واذكر التعاون المثمر بين الوزارات والمؤسسات وكيف كانت بعض الوزارات والمؤسسات تدعم وزارات ومؤسسات أخرى للصالح العام. ثم اختفت كل تلك الأشياء الجميلة مع تبدل قيم التعامل بين الحكومة والشعب يوم أصبح المعلم هدفا لمطاردة الرفاق لزجه بمعسكرات العمل الشعبي ثم الجيش الشعبي والتجنيد الإجباري، وتغير تعامل المؤسسات مع بعضها يوم أوكلت لها مهمة واحدة وهي دعم المجهود الحربي. بعدها جاء الحصار ليفسد النفوس ويوغر القلوب ويلوث الذمم ويحطم القيم ففقدنا لحظات النظام والبناء. اليوم بعد التغيير صار من الواجب على الحكومة المركزية والحكومات المحلية أن تعيد الحياة لتلك النظم التي خلقت منا رجالا بمستوى المسؤولية، وأن تحيي مواتها وتبث فيها الروح لكي يعرف شعبنا ولاسيما شريحة الشباب منه السبل القويمة التي تحولهم إلى بناة حقيقيين ولذا أرى من الواجب على وزرائنا أن يتخلوا عن التزامات المحاصصة ويتفرغوا لخدمة الشعب كل الشعب، ومن الواجب على وزاراتنا أن تتعاون فيما بينها لكي تنجح كل منها مشاريع ومخططات الأخرى من أجل العراق الواحد. وبهذه المناسبة وبعد أن تحسنت منظومة الكهرباء وأصبح التجهيز 24 ساعة يوميا أعتقد أن من الواجب علينا جميعا أن نسهم في إنجاح هذه التجربة العظيمة كل من موقعه، وارى أن على وزارة التربية مثلا أن تتبنى مشروعا تثقيفيا لطلاب المدارس الابتدائية والإعدادية يرشدهم إلى طرائق التوفير بالطاقة والاستخدام الأمثل لها وإطفاء المصابيح والأجهزة الفائضة وشراء الأجهزة والمصابيح الاقتصادية. ولو خصصت الوزارة ربع ساعة يوميا لإرشادهم وتعليمهم ممكن أن يسهموا في تنظيم استخدام الطاقة بشكل سليم وهو أمر بحد ذاته يسهم في بناء شخصيتهم المستقبلية. كما أرى أن من الواجب على كافة الوزارات الأخرى أن تتعامل مع موضوع الكهرباء بحذر وعلمية لكي تسهم من جانبها في دعم وزارة الكهرباء. وارى من الواجب على كل المواطنين أن يستخدموا الطاقة بأقصى درجات الاقتصاد والتنظيم بعيدا عن الهدر غير المبرر عسى أن يستمر تدفق التيار ويستمر معه سير حياتنا نحو الاستقرار.. إن نجاح وزارة الكهرباء بتجاوز أزمة مستدامة عانينا من ويلاتها ثلاثين عاما يبشر بالأمل بعد طول معاناة وعلى كل عراقي حريص أن يسهم في إنجاح الأعمال الخيرة مهما كان نوعها لنضمد جراح عراقنا الحبيب ونضمد جراحنا.
أقرأ ايضاً
- المسؤولية المدنية المترتبة عن استخدام الذكاء الاصطناعي
- ازمة الكهرباء تتواصل وحديث تصديرها يعود الى الواجهة
- الماء والكهرباء والوجه الكليح !