يبدو أن تشديدات "الفيدرالي الأمريكي" على ضوابط حركة الدولار العراقي، قد أظهرت حجم الخلل في هيكلية ونظام عمل المصارف العراقية حيث لم تتمكن هذه المصارف من مواكبة التطورات السريعة والتكيّف مع ضوابط التعامل مع الدولار، مما أدى إلى كشف عيوبها وضعفها.
فبعد إلغاء "مزاد الدولار" واعتماد "المنصة الإلكترونية"، كشف رئيس رابطة المصارف الخاصة العراقية، وديع الحنظل، اليوم الاثنين، عن أزمة مالية محتملة وتهديدات جديدة تواجه البنوك العراقية نهاية 2024.
ومنذ أيام قليلة، انخفض سعر الدولار في السوق الموازي، ليكسر حاجز الـ150 ألف دينار لكل مائة دولار، حيث بلغ نحو 145.250 ألف دينار، وجاء هذا الانخفاض بعد أن استقر سعر الصرف في السوق الموازي، عند 154 ألف دينار لكل مائة دولار طيلة الفترة الماضية.
وقال الحنظل، خلال كلمته في مؤتمر التحديات التي تواجه المصارف العربية، إن "انفتاح العراق على العالم الخارجي بشكل أوسع یدعم تطویر الوضع الاقتصادي العراقي ویجذب الاستثمارات المحلیة والدولية ویرسخ دور القطاع المصرفي في التنمية".
وأضاف أن "رؤیة رابطة المصارف وعملها القيام ببناء قطاع مصرفي عراقي قوي قادر على مواجھة التحديات والمساھمة بشكل أكبر في تمويل المشاریع بمختلف أنواعھا ودعم الاقتصاد العراقي وتطویر الشراكات المحلیة والدولیة وتعزیز مفاھیم الشمول المالي في المجتمع".
وأشار إلى أن "حرمان نصف المصارف العراقية من التعامل بالعملة العالمیة الأساسیة (الدولار)، أثر بشكل كبیر وواضح على الخدمات المصرفیة داخل العراق، بالرغم من سعي المؤسسات الحكومیة والخاصة للامتثال لقوانین مكافحة غسل الأموال وتمویل الإرھاب المحلیة والدولیة طوال الفترة السابقة".
وأشاد الحنظل، بـ"جھود الحكومةً العراقیة والبنك المركزي العراقي في حل ھذه الإشكاليات مع الجانب الأمريكي خصوصا ما نتج عن زیارة رئیس الوزراء إلى واشنطن ولقاء عدد من الشخصیات الأمریكیة والمخرجات التي حددت تحدید لجنة للمراجعة ووضع خارطة طریق للحلول".
ولفت إلى أن "رابطة المصارف الخاصة العراقیة على استعداد تام للتعاون ودعم خطط الحكومة والبنك المركزي العراقي والمساھمة في تحسین بیئة العمل المصرفي وتطویر البنیة التحتیة للمصارف وفق أفضل الممارسات الدولیة".
ونوه إلى أن "البنك المركزي قرر إلغاء العمل بمنصة الدولار نھایة العام الحالي، وھذا ما سیؤثر بشكل أكبر على البنوك التي ما زالت تعمل حتى الآن بالاعتماد على بنوك مراسلة أجنبیة محدودة".
ودعا الحنظل، الحكومة العراقیة والبنك المركزي إلى "العمل على تعزیز القطاع المصرفي الخاص من خلال دعم المصارف الخاصة بشكل عام والمصارف المحرومة بشكل خاص لضمان استمرار عملھا وفتح آفاق العمل المصرفي بشكل أوسع سواء داخل العراق أو المساعدة ببناء علاقات متینة مع المؤسسات المالیة الدولیة".
ومنذ مطلع العام الماضي، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل 100 دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه إلى نظام "سويفت" المالي الدولي.
من جانبه، أشار محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، خلال كلمته في المؤتمر، إلى أن "البنوك المركزية تواجه تحديات متزايدة بعد عقود من الوظائف والمهمات التقليدية، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية مثل ارتفاع التضخم ومستويات الدين العام والدين الخاص".
وأوضح العلاق، أن "البنوك المركزية تواجه تحديات جديدة في التفاعل بين الاستقرار المالي والنقدي، خاصة في ظل هيمنة المالية العامة وقرار البنوك المركزية بتسهيل ديون الحكومات، مما يستدعي مواجهة تحديات الامتثال للقوانين والتشريعات والمتطلبات الدولية".
ولفت إلى أن "البنوك المركزية العراقية شهدت تطورات نوعية خلال العشر سنوات الماضية، بما في ذلك متابعة مبادئ الامتثال والحوكمة وإدارة المخاطر والرقابة الاحترازية والرقابة المبنية على المخاطر، إضافة إلى تعزيز الخدمات الرقمية والشمول المالي".
واستدرك محافظ البنك المركزي العراقي: "لكن، على الرغم من هذه التطورات، ما تزال هناك تحديات كبيرة تتعلق بالامتثال للقوانين والمعايير الدولية، مما يؤثر على فتح المؤسسات المالية المحلية على المستوى الدولي".
وكشفت تقارير صحفية سابقة عن استمرار تهريب العملة، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل براً إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، وأطلق عليها متخصصون آنذاك بـ"الحوالات السود".
وبين مدة وأخرى، تشهد السوق العراقية أزمة تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، بدأت بتغيير سعر صرف الدولار، ومن ثم الأزمة الروسية الأوكرانية، وارتفاع الدولار مرة أخرى خلال العام الحالي إلى مستويات قياسية.
ويضم العراق، بحسب آخر إحصاء منشور في موقع البنك المركزي العراقي، 80 مصرفا عاملا، منها 62 محليا و18 مصرفا عبارة عن فروع لمصارف أجنبية.
يشار إلى أن القطاع المصرفي العراقي مهمل من قبل المواطنين الذين فقدوا الثقة به، وبحسب أرقام البنك الدولي فأن 23 بالمئة فقط من الأسر العراقية لديها حساب في مؤسسة مالية، وهي نسبة من بين الأدنى في العالم العربي، ولاسيما أن أصحاب تلك الحسابات هم من موظفي الدولة الذين توزع رواتبهم على المصارف العامة نهاية كل شهر، لكن هذه الرواتب أيضا لا تبقى طويلا في الحسابات، إذ سرعان ما تتشكل طوابير أمام المصارف من الموظفين الذين يسحبون رواتبهم نقدا ويفضلون إبقاءها في بيوتهم.
أقرأ ايضاً
- البنك المركزي العراقي يحث تركيا على فتح حسابات للمصارف العراقية
- بعد يومين من الانخفاض.. الدولار يعاود الارتفاع امام الدينار العراقي
- التجارة: مساعي لدعم الصادرات العراقية وزيادة حجم التصدير