القى نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي كلمة العراق في الجلسة الرفيعة المستوى لمؤتمر نزع السلاح في جنيف ونصها
بسم الله الرحمن الرحيم
في البدء اود التقدم بالشكر الجزيل الى سعادة ممثلة الهند الرئيس الحالي للمؤتمر على اتاحتها الفرصة لالقاء كلمة بلادي في هذا المحفل الدولي الذي تزداد اهميته في ظل التحديات الكبرى في مجال انتشار اسلحة الدمار الشامل، كما اتقدم بالشكر الى الممثل الدائم لهنكاريا لعمله الدؤوب من اجل تحريك عجلة المؤتمر الى الامام، واغتنم هذه الفرصة للاشادة بالجهود الطيبة لامين عام المؤتمر وسكرتارية المؤتمر لجهودهما المخلصة في انجاح اعمال المؤتمر فطيلة فترة انعقاده.
السيد الرئيس
ان حكومة بلادي تؤمن ايماناً مطلقاً بضرورة احترام وتنفيذ معاهدات واتفاقيات نزع السلاح وعدم انتشاره وتؤكد دعمها للترتيبات الدولية ذات الصلة بنزع السلاح والسيطرة على التسلح ومنع الانتشار. وتأسيسا على ذلك انضم العراق الى اتفاقيتي حظر الاسلحة الكيمياوية والبيولوجية والى اتفاقية حظر الالغام المضادة للافراد وصادق في العام الماضي على البروتوكول النموذجي الاضافي الملحق بنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وها نحن في المراحل الاخيرة من التصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية ومعاهدة حظر الذخائر العنقودية بعد ان وافق عليهما مجلس النواب العراقي في جلسته المنعقدة في 9/10/2012.
السيد الرئيس
ان مؤتمر نزع السلاح، بصفته المنبر التفاوضي الوحيد والمتعدد الاطراف بشأن نزع السلاح، يمر بمنعطف حاسم للغاية . ومايستدعي بذل الجهود المضاعفة للتوصل الى اتفاق بشأن برنامج عمل شامل ومتوازن يلبي طموح جميع الدول الاعضاء وبما يتفق مع النظام الداخلي، واحراز تقدم فيه تخفيفا لمعدل النجاحات التي سبق لهذا المحفل التفاوضي ان حققها من قبل .
السيدات والسادة ..
ان نزع السلاح النووي يجب ان يحظى على رأس اولويات المؤتمر، وفقاً للدور الخاص الممنوح له في الوثيقة الختامية لدورة الجمعية العامة الاستثنائية الاولى المكرسة لنزع السلاح لعام 1978 اضافة الى ما خلصت اليه محكمة العدل الدولية في فتواها الصادرة عام 1996، اذ ان الطبيعة المدمرة لهذه الاسلحة تجعل القضاء عليه تماماً وبشكل نهائي ضرورة لبقاء الجنس البشري وان استمرار وجودها يبقى مصدر تهديد للسلم والامن الدوليين. ومن هنا ندعو الى ضرورة بدء مفاوضات بشأن برنامج مرحلي للقضاء التام على الاسلحة النووية في اطار زمني محدد، بما في ذلك اتفاقية الاسلحة النووية.
السيدات والسادة
رغم الخطوات الايجابية التي شهدتها الساحة الدولية مؤخراً الا ان استمرار الاحتفاظ بالجزء الاكبر من الترسانات النووية، وتطوير اصناف جديدة من هذه الاسلحة ونظم ايصالها لايزال مبعثاً للقلق. ولابد من الاتفاق لاقرار صك قانوني دولي ملزم لاعطاء ضمانات للدول غير النووية يطمئننا بعدم استخدام او التهديد باستخدام الاسلحة النووية من جانب الدول النووية واتخاذ الوسائل الكفيلة لتحقيق التقدم نحو هذا الهدف. ورغم ان ضمانات الامن تعد عنصراً حيوياً وخطوة هامة هذا الطريق، فضلاً عن كونها مطلباً عادلاً ومشروعاً للدول غير النووية التي تخلت طواعيةً عن اية خيارات نووية عسكرية بانضمامها للمعاهدة، الا انها لايمكن اعتبارها بديلاً عن الهدف المنشود المتمثل بالنزع التام للاسلحة النووية.
السيدات والسادة
ان العراق رغم اقرار معاهدة متعددة الاطراف وغير تمييزية وقابلة للتحقق دولياً وبفاعلية لحظر انتاج المواد الانشطارية لاغراض صنع الاسلحة النووية وغيرها من المتفجرات.
كما يعتبر الفضاء الخارجي ارثا مشتركا للبشرية وينبغي استكشافه لاغراض سلمية فقط، فقد تقود عسكرته الى سباق تسلح لا يخدم البشرية جمعاء ويجب منع وقوع هذا التسابق، وعلى مؤتمر نزع السلاح ان ينظر في مسالة اعتماد صك دولي لمنع عسكرة الفضاء الخارجي باقرب وقت ممكن.
يؤيد العراق قضية توسيع عضوية مؤتمر نزع السلاح وتعيين منسق خاص لهذا الغرض ، خاصة وان العراق كان احد ثمرات هذا التوسيع معربين عن املنا ان يتمكن المؤتمر من احراز تقدم ملموس بهذا الصدد خلال هذا العام. اذا ان توسيع عضوية المؤتمر سيساعد على تنشيط هذا المنبر التفاوضي عبر جلب افكار جديدة وزيادة الشفافية والديموقراطية.
السيد الرئيس
ويؤكد العراق دعمه لانشاء مناطق خالية من الاسلحة النووية كخطوة هامة نحو القضاء على الاسلحة النووية وانطلاقاً من هذا المبدأ ايد وساهم في الجهود المبذولة لانشاء منطقة خالية من الاسلحة النووية في شتى الاقاليم الجغرافية وبالذات في منطقة الشرق الاوسط، وندعو من خلالكم المجتمع الدولي الى ضرورة تنفيذ قرار مجلس الامن رقم 487 لعام 1981 مؤكدين على ان الامن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية يتطلبان ازالة اسلحة التدمير الشامل كافة وفي مقدمتها الاسلحة النووية تطبيقاً للهدف الذي نصت عليه الفقرة (14) من قرار مجلس الامن رقم 687 لعام 1991 وقرارات الجمعية العامة ذات الصلة التي تعتمد سنوياً وبتوافق الاراء، وان اي مسعى لانشاء منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط لابد ان يتم التمهيد له بخطوات اساسية منها شروع اسرائيل بنزع سلاحها النووي وانضمامها الى معاهدة عدم الانتشار واخضاع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية وان موقفنا هذا يمثل موقف الدول العربية والذي عكس بيان قادتها المجتمعين في الدورة الـ(23) لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في بغداد في فقرتيه 24 و25. حيث نصت الفقرة 25 على الترحيب بالخطوات العملية التي اقرها مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار لعام 2010 وخاصةً فيما يتعلق باقامة مؤتمر هلسنكي حول اخلاء منطقة الشرق الاوسط من الاسلحة النووية وباقي اسلحة الدمار الشامل والذي كان من المفترض ان يعقد اواخر العام الماضي في فنلندا. الا انه مع الاسف تم تأجيل المؤتمر بسبب ذرائع غير مقبولة ولا مرجعية لها فذريعة الاوضاع الاقليمية المتوترة ليست مبرراً لتاجيله بل يعتبر حافزاً لعقده في موعده لانه سيساعد وبالتأكيد على تحقيق الاستقرار في المنطقة خاصة ان كل دول المنطقة (ما عدا اسرائيل) اكدت مشاركتها فيه. ان انتكاسة الجهود الدولية الرامية الى اقامة عالم خال من الاسلحة النووية وعرقلة اي جهود مبذولة لمنع الانتشار النووي سيؤدي بالتأكيد الى انهيار منظومة معاهدة عدم الانتشار النووي في منطقة الشرق الاوسط ويجعلها غير ذات جدوى في توفير الامن للدول الاعضاء في جامعة الدول العربية ازاء مخاطر التسلح النووي والانتشار النووي في الشرق الاوسط الامر الذي يستدعي مراجعة الدول الاعضاء لسياساتها.
ختاماً نكرر دعوتنا الى ضرورة تحقيق الهدف الرئيسي للمؤتمر من خلال مضاعفة الجهود، للتوصل الى اتفاق بشأن برنامج عمل شامل ومتوازن يلبي طموحات جميع الدول الاعضاء في هذا المجال.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!